من تاريخ الأولمبياد.. العداء الأمريكي الذي أغضب هتلر
تمثل دورة الألعاب الأولمبية فرصة لالتقاء الرياضيين من جميع أنحاء العالم، خاصة في الأزمان القديمة قبل تدشين البطولات الدولية.
وشهدت أولمبياد 1936 في برلين أحد أشهر الحوادث الخاصة بالإخاء الرياضي والروح الرياضية العالية والتي لم تعجب الزعيم النازي أدولف هتلر.
وظلت هذه الواقعة جزءا من الفلكلور الأولمبي، رغم أن بطلها العداء وبطل الوثب الطويل الألماني لوز لونغ كان ضحية لعواقبها الوخيمة اللاحقة.
بدأت القصة حين نجح الأمريكي الأسمر جيسي أوينز، في الفوز بالميدالية الذهبية على حساب الألماني لوز لونغ محققاً أطول وثبة بارتفاع بلغ 7.94 متراً.
وقتها قرر لونغ أن يهنىء أوينز حيث قفز إلى الحفرة الرملية لمعانقته وتهنئته.
وتقاسم الثنائي الأمريكي الأسود والألماني الأبيض لفة الشرف معاً في رسالة إنسانية واضحة استنكرها الزعيم النازي أدولف هتلر المستشار الألماني آنذاك.
قصة أوينز
تحولت قصة أوينز إلى أحد القصص الملهمة فهو أحد أحفاد مجموعة من العبيد في ألاباما وكان يعمل في قطف القطن في طفولته، إلا أن قدراته الرياضية بزغت بوضوح بعد انتقال العائلة إلى كليفلاند والتحاقه بالمدرسة في عمر 9 سنوات.
وأطلق عليه اسم "جيمس كليفلاند" أو JC لكن هذا الاسم تسبب في سوء فهم لمعلمه مما جعلهم يطلقون عليه فقط اسم جيسي.
ولقد حصل على منحة دراسية رياضية للالتحاق بجامعة أوهايو وبات تحت وصاية المدرب لاري شنايدر، أحد أعظم العدائيين في التاريخ.
قصة لونغ
على النقيض كانت قصة لونغ الذي تمتع بتربية متميزة ونشأ في لايبزيغ في عائلة من الطبقة المتوسطة، حيث امتلك والده صيدلية في وسط المدينة أما الأم فكانت معلمة لغة إنجليزية، تنحدر من عائلة أكاديمية موقرة، أحد أفرادها كان جوستوس فون ليبغ، العالم الذي أطلق عليه مؤسس الكيمياء العضوية.
وانضم لونغ في 1928 إلى نادي لايبزيغ وعمل تحت إشراف المدرب جورج ريختر، الذي ساعده في تطوير أسلوب القفز واستخدام قوته في القفز العالي.
ونجح لونغ في كتابة تاريخ رياضي لنفسه في الوثب الطويل إذ حطم القياسي الألماني سنة 1933، وقت كان في الـ20 من عمره، ثم سجل رقماً قياسياً في الوثب الطويل بلغ 7.82 متراً.
قبل الأولمبياد كان الوضع صعباً حيث كانت هناك مطالب لأمريكا بالانسحاب بسبب سوء معاملة الأقليات في ألمانيا النازية وأوينز نفسه أكد أن لو هذا الأمر صحيح فيجب أن يحدث الانسحاب، لكن في النهاية شاركت البعثة القادمة من بلاد العم سام.
كيف تعامل هتلر مع الواقعة؟
رغم أن لونغ نجح في معادلة مسافة أوينز، 7.87 متراً، في المحاولة قبل الأخيرة، فإن أوينز رد الضربة وابتعد عن لونغ من جديد بوثبة بلغت 7.94 متراً.
بعد فترة من نهاية الأولمبياد كشفت السيدة جوانا والدة لونغ أن نجلها تلقى تحذيراً من نائب الفوهرر هتلر، في الحزب النازي، رودولف هيس، بعدم معانقة أي أسود مرة أخرى، وتم وصفه من قبل النظام الألماني بأنه: "لا يملك وعياً عنصرياً".
وخدم لونغ في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية وتعرض لإصابة في 10 يوليو/ تموز 1943 في معركة مطار بيسكاري- سانتو بيترو وتوفي بعد بـ4 أيام في مستشفى عسكري بريطاني ودفن في صقلية.
وانتهت الحكاية بقصة أسطورية مفادها أن الألماني أرسل إلى أوينز رسالة له عقب إصابته يطلب منه أن يزور ابنه ويطمئن عليه حالة وافته المنية.
ولكن واقعياً لا يبدو أن هذه القصة صحيحة لأن أمريكا وألمانيا كانتا في حالة حرب آنذاك ولم يكن منطقياً وجود رسائل بين الطرفين.