بالصور.. جدران الخرطوم تتحول للوحة جرافيتي بعد الإطاحة بالبشير
الجدران الرمادية سابقا في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في مدينة الخرطوم تحولَّت إلى لوحة كبيرة لتفجير مواهب رسامي الجرافيتي.
انتشرت رسومات الجرافيتي على جدران العاصمة السودانية الخرطوم في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، ما أتاح للفنانين التعبير عن أنفسهم بحرية، بعدما كان هذا الفن مقيدا بشدة خلال 3 عقود من حكم الرجل.
يقول رسام الجرافيتي لطفي عبدالفتاح إن "الثورة غيرت كل شيء" بعدما كان مستحيلاً رسم أي شيء على الجدران دون الحصول على إذن رسمي.
ويضيف عبدالفتاح "35 عاماً" والمتخصص في الفنون الجميلة، إن هذه الرسومات ستترك أثراً لا يمحى في نفوس الناس، حتى لو أزيلت عن الجدران يوماً ما.
وينشر عبدالفتاح رسوماته على جدران العاصمة منذ أكثر من 10 سنوات، متحدياً الصعاب والمخاطر، ويأمل حالياً في التركيز عبر أعماله على مستقبل السودان الذي يحلم بأن يكون مشرقاً.
ويتابع: "أمثل السودان كبلد مكسو بالأشجار الوافرة والأزهار، لأظهر أن لديه الكثير ليقدمه".
وتحولَّت الجدران الرمادية سابقاً في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في مدينة الخرطوم إلى لوحة كبيرة لتفجير مواهب رسامي الجرافيتي، الذين استولوا أيضاً على جدران أخرى كثيرة في العاصمة للتعبير عن فنهم.
وبالقرب من مقر القوات المسلحة، الذي لا يزال المتظاهرون يتوافدون إليه ليلاً نهاراً للمطالبة بالانتقال للحكم المدني، رسمت أعلام سودانية وأعمال فنية تظهر قادة الاحتجاجات.
وكان فن الجرافيتي يُمارس في الخفاء لسنوات طويلة في ظل رقابة مشددة من القوى الأمنية، التي تنظر إليه كرمز للمعارضة ضد النظام القائم أو كشكل من أشكال التخريب، لكن الوضع تغيّر في 6 أبريل/نيسان حين تجمّع المتظاهرون بالآلاف أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة للمطالبة بإسقاط الرئيس البشير.
ومنذ اليوم التالي لهذا التجمع، بدأ فنانون برسم أعمال فنية على جدران العاصمة.
أمير صالح، البالغ من العمر 26 عاماً، يقول لدى إنجازه رسما جرافيتيا على أحد جدران مقر القوات المسلحة: "الناس يحبون رسوماتنا، واعتبرنا أنه يجب علينا البدء بالرسم على كل الجدران".
ويضيف: "كل هذه الجدران كانت خالية، نفذت مع فنانين آخرين العديد من رسوم الجرافيتي عليها"، موضحا: "نريد ببساطة أن نروي ما يحصل هنا".
وشارك صالح في التجمعات المعارضة للحكومة منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في ديسمبر/كانون الأول، إثر قرار السلطات زيادة سعر الخبز بواقع 3 أضعاف، ويشير إلى أن الكثير من الرسوم الجدارية مستوحاة من الشعار الرئيسي للحركة "حرية، سلام، عدالة".
ويقول صالح: "نريد السودان بلداً أكثر انفتاحاً يقبل الفن ويروّج لحرية التعبير".
ويسعى بعض الفنانين من خلال رسوماتهم التأكيد على سلمية الحركة الاحتجاجية، إذ يظهر أحد الأعمال قبضة يد تواجه قذيفتين كبيرتين.
ويشير بلال عبدالرحمن "26 عاماً" خلال إنجازه رسماً جدارياً بصحبة فنانين آخرين، إلى أنَّ "هذا الأمر يظهر ببساطة أن تصميم الشعب على إسقاط البشير كان أقوى من الرصاص الذي واجهت به قوات الأمن المتظاهرين"، مؤكدا: "المظاهرات سلمية وستبقى كذلك".
ويضيف عبدالرحمن أن رسوم الجرافيتي تنجز عادة بعبوات الرذاذ لكنها غير متوفرة في السودان، واستيرادها مكلف للغاية، لذا فهو يستخدم كزملائه أساليب الرسم التقليدي.
وأنجز رسامو الجرافيتي جدارية تظهر سلاحاً مع وردة حمراء تبدو كأنها تسكت مدفعاً.
ويسعى الفنانون بذلك إلى التذكير بالقمع الدامي من قوات الأمن قبل سقوط البشير، وحسب حصيلة رسمية، قضى 65 شخصا منذ اندلاع الاحتجاجات في ديسمبر/كانون الأول.
وعلى الرغم من أن رسامي الجرافيتي سعداء بأول نسمة حرية تلفح البلاد، لكنهم يشكون جميعاً من النقص في المعدات.
وتدهور الوضع الاقتصادي في السودان على مر السنوات الماضية في ظل النقص الخطير في العملات الأجنبية، كما أن الحركة الاحتجاجية من شأنها أن تضعف الاقتصاد بصورة أكبر، غير أن ذلك لن يثبط عزيمة المتظاهرين أو الفنانين.
وفي 11 أبريل/نيسان، بعد 4 أشهر على انطلاق موجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة، أطاحت ثورة شعبية بالرئيس البشير الذي حكم البلاد دون منازع منذ 1989.