دافوس 2023.. الإمارات تروي رحلة تحولها إلى مركز عالمي لدعم التنمية الشاملة
تمكنت دولة الإمارات من ترسيخ موقعها التجاري والتنموي الرائد في المنطقة، لتصبح اليوم مركزا عالميا داعما للتنمية الشاملة.
واعتمدت دولة الإمارات في رحلتها نحو هذا المركز العالمي القيادي على بنية تحتية متطورة، ومبادرات وسياسات واستراتيجيات تنموية تعتمد بشكل أساسي على التكنولوجيا، وتوظيف الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، وفقا لما أكده عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في دولة الإمارات، خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس 2023".
وقال عمر بن سلطان العلماء، خلال جلسة تحدث فيها ضمن أجندة مشاركات دولة الإمارات في دافوس، إن استثمار دولة الإمارات في القطاعات التكنولوجية الناشئة يمثل دورا مهما في دعم نموها الاقتصادي من خلال تحفيز الابتكار وتعزيز بيئة الأعمال.
وأكد أن دولة الإمارات تمتلك فرصا متنامية لمواصلة ترسيخ نمو قطاع التكنولوجيا في السنوات المقبلة.
دور محوري
وقال سلطان العلماء إن الازدهار التجاري والبيئة المنفتحة على المنطقة شكلا مكوناً وأساساً لاستئناف هذا الدور، وصياغته وفق المتطلبات المعاصرة، واستشراف الاحتياجات والفرص المستقبلية، واستئناف الدور المحوري لدولة الإمارات كمركز تجاري مزدهر لأكثر من 4000 عام، تمكن من بناء علاقات متميزة في المنطقة، حيث تكيفت دولة الإمارات مع مختلف العوامل والظروف والملابسات الاقتصادية على مر العصور، لتحافظ على موقعها مركزاً موثوقاً للأعمال والأنشطة التجارية.
وأضاف وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في دولة الإمارات، أن السنوات الـ150 الماضية شهدت العديد من المتغيرات الاقتصادية في المنطقة، بما في ذلك مرحلة ازدهار تجارة اللؤلؤ، وأعقبها اكتشاف النفط وما رافقه من عوامل نمو اقتصادي، وكذلك رواج سوق العقارات وقيادتها النمو الاقتصادي في كثير من الدول، وفي كل تلك المراحل ظل الاهتمام والتركيز في دولة الإمارات منصباً على التحسين والتطوير المستمرين، بهدف خلق مستقبل أفضل للأجيال.
وأشار إلى أن القيادة في دولة الإمارات كانت على الدوام رائدة في اعتماد نموذج حوكمة مبتكر قاد البلاد إلى أن تصبح رائدة في العصر الحديث في قطاعات عالمية، مثل الطيران والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا، وهي الرؤية التي سمحت بتوسيع تجارتها بشكل كبير والتوسع خارج الحدود الجغرافية.
النمو الاقتصادي لدولة الإمارات
كما سلط الضوء على النمو الاقتصادي المتواتر الذي شهدته دولة الإمارات، والتنوع الكبير الذي اكتسبه مقومات اقتصادها منذ تأسيسها في عام 1971، حينما كان 90% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات مدفوعاً بالنفط، قبل أن تتقلص نسبة مساهمة النفط عام 2020 إلى 30% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، حيث حلت دولة الإمارات في المرتبة الأولى في 156 مؤشرا عالميا، كما تم تصنيف دولة الإمارات كأفضل مكان لبدء عمل تجاري جديد، وذلك في أحدث مؤشر عالمي لريادة الأعمال.
وأشار إلى العديد من الإنجازات والمبادرات والمؤشرات، التي رافقت مسيرة التنمية الشاملة المعاصرة في دولة الإمارات، ومن ذلك وصول عدد الدول التي تستقبل حاملي جواز السفر الإماراتي بدون تأشيرة إلى 180 دولة، ونجاح مبادرة تدريب مليون مبرمج عربي، والالتزام باستثمار 100 مليار دولار في مجال الطاقة النظيفة، وهي أمثلة على نتاج نهج واستراتيجية مبتكرة تعتمد معايير عصرية في التكنولوجيا لترسيخ موقع دولة الإمارات كمركز إقليمي وعالمي للمبادرات والمشاريع والأفكار والرؤى المبتكرة التي تسهم في دفع وتحفيز التنمية الاقتصادية، انطلاقاً من توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية المتقدمة لتحقيق الأهداف التنموية.
4 مقومات داعمة
وحدد سلطان العلماء 4 مقومات أسهمت في توفير بيئة داعمة لحكومة تتسم بالمرونة والاستجابة النموذجية للمتغيرات واستباق التحديات، واستشراف المستقبل، وتعزيز نجاح دولة الإمارات في مسعاها لتكون مركزا اقتصاديا إقليميا وعالميا محوريا، وذلك من خلال الاهتمام بالبنية التحتية والموارد والسياسات والمواهب.
وقال إن دولة الإمارات رسخت جاذبيتها لذوي المهارات العالية والمعدة إعدادا جيدا لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، من خلال العديد من المبادرات والمحفزات والتسهيلات، منها منح الإقامة الذهبية في الدولة، والتي تتيح لحاملها الإقامة في الإمارات لمدة تصل إلى 10 سنوات، حيث اجتذبت أفضل الشركات الناشئة ورجال الأعمال وذوي الابتكارات.
بنية تحتية متطورة
وأشار سلطان العلماء إلى أن دولة الإمارات تتميز ببنية تحتية متطورة، يدعمها شبكة من أحدث المطارات والطرق والموانئ، تربطها ببقية دول العالم وأهم الأسواق ومراكز التجارة العالمية، ما جعلها مركزا تجاريا عالميا فريدا، فضلا عن استيعابها عددا من الجامعات ومراكز البحوث ذات المستوى العالمي في مجالات العلوم والتكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي والتعلم الرقمي، والعديد من المجالات الأكاديمية التي تدعم تحقيق الأهداف الاستراتيجية ذات الصلة، بتدعيم منظومة الاقتصاد الرقمي في دولة الإمارات من خلال تمكين أجيال من القادة والمبتكرين المؤهلين.
كما أشار إلى الدور المهم الذي تمثله منظومة التشريعات والسياسات الداعمة لتشجيع النمو الاقتصادي والتنمية، حيث نفذت الحكومة عددا من المبادرات لتعزيز ريادة الأعمال والابتكار وجذب الاستثمارات في القطاعات الناشئة، والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي.
استثمارات كبيرة بالطاقة المتجددة
وقال سلطان العلماء إنه على الرغم من أن دولة الإمارات غنية بموارد النفط والغاز الطبيعي، والتي لعبت دورا مهما في النمو الاقتصادي للدولة، إلا أن الحكومة التزمت بتخصيص استثمارات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كجزء من جهودها للحد من اعتمادها على الوقود الأحفوري. كما قامت بتوظيف الاستثمار في تطوير قطاعات ودمج صناعات جديدة داخل الاقتصاد الرسمي، بهدف خلق اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار لعصر ما بعد النفط وضمان رفاهية الأجيال القادمة.
وأشار إلى أن متحف المستقبل يعد بمثابة رؤية وطنية للمستقبل، وعرض ملموس لمرتكزات وأسس ومقومات رؤية دولة الإمارات للمستقبل، وما يحمله من فرص يجب استثمارها، من أجل خير وازدهار ونماء جميع المجتمعات، ولصالح البشرية قاطبة، باعتباره مركزا للابتكار ومساحة لاستكشاف واختبار أحدث التقنيات والأفكار التي تشكل عالمنا، حيث يمكن للخبراء من مختلف المجالات أن يجتمعوا معًا للتعاون في تطوير تقنيات وأفكار جديدة، وتحقيق إنجازات كبرى تلهم الإنسانية، وتدفعها لمزيد من التقدم.
وتأتي مشاركة دولة الإمارات في الجلسات الرئيسية والاجتماعات الخاصة في المنتدى والفعاليات الجانبية، والتي تمتد إلى أكثر من 20 عاما، لتؤكد حرص قيادة دولة الإمارات على ترسيخ التعاون الدولي، والسعي إلى إيجاد الحلول المتكاملة عن طريق دعم الحوار الدولي وتوحيد الجهود ضمن نطاق مأسسة التعاون الدولي، لاستشراف مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة، في ظل المتغيرات التي تواجه العالم في مجالات التنمية والاقتصاد والأعمال والمناخ والثورة الصناعية الرابعة وتمكين المرأة وغيرها من الموضوعات التي تتخذُ قدراً كبيراً من الأهمية ضمن سياسة دولة الإمارات العامة واستراتيجيتها نحو المستقبل.
وتناقش فعاليات الجناح الإماراتي في منتدى الاقتصاد العالمي موضوعات متعلقة بالتصنيع والثورة الصناعية الرابعة، ودور المرأة في صياغة مستقبل الحكومات والدول، إضافة إلى آليات تعزيز صناعة الفضاء والاستفادة من الفضاء الخارجي لخدمة الإنسانية جمعاء، فضلا عن جلسات خاصة بالتنمية الاقتصادية وقطاع الأعمال والاستثمار في ظل المتغيرات العالمية والانكماش في الاقتصاد العالمي، وغيرها من الموضوعات التي تشكل أولوية عالمية.
وتعتبر دولة الامارات من أوائل الدول الداعمة لمنتدى الاقتصاد العالمي، وتأتي في إطار استكمال الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي، التي تُرجمت من خلال عدد من الاتفاقيات بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وتلك الخاصة بالمجالس العالمية واستضافة المؤتمرات، وذلك في إطار السعي لإيجاد آليات للتعامل مع المتغيرات العالمية والتحولات التكنولوجية المتسارعة.