في يوم دخل أوسع أبواب التاريخ الأمريكي والعالم، يوم الأربعاء السادس من يناير.
إذ تم فيه اقتحام الكونجرس من متظاهرين غاضبين، وسط إطلاق نار كثيف أدى لمقتل وإصابة العديد من الأشخاص، وسط متابعة على الهواء مباشرة من قبل العالم الذي وقف مذهولاً من هول ما شاهده.
لقد تسبب هذا الحادث بأضرار عميقة تمس سمعة أمريكا التي لطالما كانت تفتخر بنظامها أمام العالم أجمع، حيث أوقع هذا الحادث شرخا كبيرا يحتاج إلى مدة زمنية طويلة لطي صفحته، لقد كانت المشاهد التي شاهدها الأمريكيون خاصة والعالم عامة، مؤلمة بكل ما تعنيه الكلمة، ولن ينسوا هذا اليوم الذي حُبست فيه الأنفاس.
هذا الأمر جعل مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "تويتر" و"فيسبوك"، تتخذ قرار إغلاق حساب الرئيس الأمريكي، في سابقة هي الأولى من نوعها بحق رئيس أعلى سلطة بالبلاد ترامب، وكان مبررها لهذا وقف استغلال حساب الرئيس، على حد قولها، لنشر الكراهية والتظاهر.
في اعتقادي أن السبب الرئيسي في إغلاق حساب ترامب هو ما قام به قبل أشهر من طلبه تشديد الرقابة على مواقع التواصل ومراجعة قوانينها، لقد تسبب هذا التصادم من قِبل الرئيس المنتهية ولايته مع أحد أهم مكامن القوة الحديثة الناعمة في عصرنا الحالي؛ مواقع التواصل، في خسائر فادحة تسببت في هبوط أسهمها، وأدى هذا إلى فتح ترامب على نفسه جبهة ذات نفوذ كبير وواسع ضده من قِبل مواقع التواصل، خاصة حسابه المفضل على "تويتر"، والذي كان منبره الذي يطلق فيه أي تصريحات تخص رئاسته.
ومنذ وصول الرئيس ترامب إلى سدة قيادة أمريكا، نجده قام بالعمل نفسه عبر تصادمه بالإعلام الأمريكي، حيث لطالما دخل مع الإعلام في صراع استمر حتى وقتنا الحالي، انعكست نتائج هذا التصادم بعدم قيام الإعلام بدوره الحقيقي، وذلك بعدم إبراز الإنجازات التي حققها، وبالوقت نفسه تهويل وتضخيم أي أخطاء وقع فيها ترامب خلال فترة رئاسته.
وكان هذا الأمر أحد أسباب عدم تحقيق الرئيس الفوز بولاية جديدة، إذ أعتبر أن دخول الرئيس في تصادم مع الإعلام تارة ومع مواقع التواصل تارة أخرى خطوة غير موفقة في وقت هو في أمس الحاجة لكسب الجميع، خاصة الإعلام ليترجم إنجازاته، لكن بدخوله في هذا التصادم حدث العكس، لدرجة أن ترامب عبّر عن غضبه من الإعلام لأنه لا يبرز إنجازاته!
لا يخفى على الجميع مدى تأثير وقوة الإعلام، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، التي تسيطر عليها أمريكا سيطرة كاملة، وباتت قوة وسلاحا لا يستهان بهما، وكما تعلمون أن أمريكا دولة مؤسسات من الصعب على أي رئيس أن يتدخل في عملها.
لقد فاز بايدن وصادق الكونجرس على نتائج الانتخابات وأصبح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ليتسلم قيادة أمريكا في وقت صعب وحساس، في ظل ما تمر به أمريكا حالياً من أسوأ أزمة صحية واقتصادية وباء "كورونا" المستجد، حيث حققت أمريكا أسوأ النتائج من حيث الأضرار الصحية بتسجيل أكبر عدد إصابات ووفيات، كذلك أكبر ضرر اقتصادي لدرجة تدخل "الفيدرالي" بضخ تريليونات الدولارات، لذلك سوف تكون تداعيات كورونا المستجد لها الأولوية والنصيب الأكبر من الرئيس بايدن، خاصة لما تمر به أمريكا الآن من ظروف صعبة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة