بـ"حزام واحد وطريق واحد".. ستسترجع الصين المركز الأول (إنفوجراف تحليلي)
تحليل خاص لـ"العين الإخبارية" يرصد بالأرقام والإنفوجراف كيف سيكون لمبادرة "الحزام والطرق" الدور في إعادة الصين لصدارة الاقتصاد العالمي.
في عام 1820 كان الاقتصاد الصيني هو الاقتصاد الأكبر في العالم لكن الثورات الصناعية في الغرب أنهت هذا التفوق. خلال الفترة 1820-1978، حيث انحسر الاقتصاد الصيني (بمقياس الناتج المحلي الإجمالي) كنسبة مئوية من الاقتصاد العالمي بشكل مستمر ووصل إلى أدنى مستوياته خلال الفترة 1952 -1978. الشكل البياني التالي يقارن بين أهم اقتصادات العالم ومنذ عام 1700 إلى عام 2030 (تنبؤ).
شكل بياني
يوضح الاقتصاد الصيني والاقتصادات الرئيسية في العالم كنسبة مئوية من إجمالي الاقتصاد العالمي.
الجزء الأحمر من الشكل يبين حصة الاقتصاد الصيني (كنسبة مئوية من الاقتصاد العالمي).
كما يظهر الشكل عودة الاقتصاد الصيني للصدارة في 2030 وربما سيكون قبيل ذلك التاريخ.
التنين الصيني بدأ بالتوسع من خلال خطة إصلاح ونمو في عام 1978 واستمر ينمو بمعدلات مذهلة قاربت 10% لغاية عام 2014. خلال هذه الفترة تجاوز اقتصادات كبيرة وبات اليوم يقلص الفارق مع اقتصاد الولايات المتحدة الاقتصاد الأكبر في العالم.
حزام واحد وطريق واحد
في مسعىً لدعم قدرتها الهائلة على التصدير وتعدد مصادر الاستيراد بادرت الصين بإحياء طريق الحرير القديم الذي كان يربطها بأوروبا وأسمته "الحزام" والطريق البحري القديم وأسمته "الطريق" فالمبادرة التي أطلقتها رسمياً في عام 2013 تقول الصين إنها تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول التي يمر بها كل من "الحزام" و"الطريق" ويتضمن الحزام طرقاً سريعة وخطوط سكك حديد. الحقيقة أن فكرة المبادرة موجودة قبل ذلك بسنوات طويلة.
الخارطة التالية توضح مسار "الحزام" (المسار البري) و "الطريق" ( المسار البحري):
توضح المسارات البرية والبحرية وسكك الحديد لمبادرة "الحزام والطريق"
أنفقت الصين أكثر من 900 مليار دولار على هذا المبادرة، واستفادت عديد من الشركات الغربية من هذه الاستثمارات الصينية في البنية التحتية لهذه المبادرة بما في ذلك شركات أمريكية.
وجهة نظر
بعيداً عن المجاملات والدبلوماسية ومن زاوية تحليلية موضوعية فإن هذه المبادرة لم تنفق الصين عليها مئات المليارات من الدولارات لـ"تعزيز التعاون الاجتماعي والاقتصادي"!! المبادرة تتضمن المحاور التالية:
المحور التجاري: الصين ترغب بالمحافظة على أسواق التصدير وفتح أسواق تصدير جديدة.
وهذه المبادرة ستخلق تعاونا تجاريا ثنائيا أو أكثر يتحول تدريجياً إلى تحالفات تجارية ترسخ مكانة الصين تجارباً وبشكل مستدام. والبعد التجاري والمحور الأساس الذي تنطلق منه الصين لتحقيق أهداف أخرى "غير تجارية". في عام 2017 بدأت الصين تجني ثمار مبادرة "الحزام والطريق" حيث ارتفعت صادراتها إلى الدول التي تقع ضمن المسارين بنسبة 16% ونمت وارداتها بنسبة 27%.. زيادة الواردات تؤدي غالباً لزيادة الإنفاق الاستهلاكي وهذا أيضاً هدف تسعى الصين لتحقيقه لتعزيز نمو الاقتصاد.
المحور النقدي: هذا المحور مهم جداً ولا تحاول الصين إظهار اهتمامها به والحقيقة عكس ذلك تماماً إذا تسعى الصين لزيادة نسبة التبادل التجاري بالعملة الصينية "اليوان" ومن أهم فوائد التعامل بـ"اليوان" تقليل تكلفة التبادل التجاري وتقليل وقت التسوية (قياسا بالتعامل بالدولار أو اليورو) وتقليل مخاطر تقلبات أسعار الصرف بالنسبة للشركات الصينية.
دول مثل روسيا وإيران وباكستان وفيتنام والهند وماليزيا تستخدم اليوان في التسويات التجارية.
الصين تروج بشكل كبير لاستخدام اليوان في التعاملات التجارية والمشاريع حيث إن اتساع استخدام العملة الصينية يجعلها عملة احتياطي وعملة صعبة.
من المهم الإشارة إلى أن وحدات السحب الخاصة التي تعد بمثابة عملة (أصل) احتياطي في البنوك المركزية تتألف من 5 عملات الدولار بنسبة 41.73% واليورو 30.93% واليوان الصيني 10.92% والين الياباني 8.33% والجنية الإسترليني 8.09%. كما هو واضح نسبة اليوان في هذه العملة الخاصة أخذ بالتزايد فقبل عدة سنوات كان قريب من الـ5%!!
ولا تدخر الصين جهداً في تعزيز التعامل باليوان فمن بين تلك الجهود فتح بورصة لتداول عقود النفط باليوان الصيني.
لا نستبعد أن يزحف اليوان أكثر في تعاملات التجارة الدولية، بل أنها حقيقة وطموح الصين سيسعى لتطوير المبادرة الحالية لتكون مستقبلاً "حزام واحد.. طريق واحد وعملة واحدة"!!
من المهم الإشارة إلى أن الصين تمتلك أكبر احتياطيات بعملات أجنبية في العالم برصيد أكثر من ٣ تريليون دولار.
المحور الجيوسياسي: المدخل "الشكلي" للمبادرة هو إحياء طرق التجارة القديمة البرية والبحرية ولكن المسارات الموضحة في الخارطة تستهدف كتلة بشرية هائلة وقد يكون مستغرباً للوهلة الأولى أن المسارين البري "الحزام" والبحري "الطريق" قد تلافيا إلى حد كبير المرور بمدن عربية وموانئ عربية.. برياً لا توجد مدينة عربية ضمن المسار وبحرياً وعلى الرغم من مرور المسار البحري "الطريق" من قناة السويس والبحر الأحمر إلا أن المسار لا يقف عند موانئ عربية خليجية وعربياً. تشير بعض الخرائط التفصيلية إلى أن ميناء السويس المصري قد يكون من مرافئ المسار!!
ونعتقد أن المسار البحري بل وحتى البري بكافة تفاصيلهما قد تم تصميمهما ليس فقط لأهداف تجارية بحته وإنما لأهداف أخرى جيوسياسية قد تولد مستقبلاً تحالفات من نوع آخر "غير تجارية"!!
بعض البلدان استشعرت مخاطر تعاظم دور الصين التجاري وبدأت مفاوضات لبناء بنية تحتية إقليمية مشتركة. أستراليا والولايات المتحدة والهند واليابان للجم الهيمنة الصينية تسعى لخلق تحالف يحد من السطوة الصينية.. يبدو أن المباحثات لم تصل إلى المستوى الذي يرغب هذا التجمع بالحديث عنه.. ولكن نعتقد أن احتمال تكوينه عالية. المباحثات بين هذا المجموعة ليست حديثة وكانت قد بدأت منذ سنوات لتعميق الأواصر الأمنية وتعزيز التمويل للبنى التحتية.
ألا تستدعي كل هذه التغييرات الجسيمة في خارطة الاقتصاد العالمي تكثيف الجهود الخليجية والعربية لتكوين تكتل تجاري قوي مؤثر له مكانته العالمية؟!
--------------
وضاح ألطه
عضو الجمعية العالمية لاقتصاديات الطاقة
عضو المجلس الاستشاري الوطني لمعهد الأوراق المالية والاستثمار في الإمارات
توتير:@waltaha
aXA6IDE4LjExOS4xNDMuNDUg
جزيرة ام اند امز