هل يمتص البصل الإنفلونزا من الجو؟ علماء يحسمون الأمر
يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي منشورات مكثفة حول قدرة البصل على امتصاص فيروس الإنفلونزا من الجو، وذلك ضمن فوائده العديدة.
وتنصح هذه المنشورات بوضع بصل مقطّع في غرف المنزل للوقاية من الإصابة بالإنفلونزا. كما يسرد أحد المنشورات قصّة يدّعي أنها حصلت في عام 1918 أيام انتشار الإنفلونزا الإسبانيّة، جاء فيها أنّ عائلة نجت من الإنفلونزا التي قضت على عشرات الملايين لأنّ ربّة العائلة وضعت البصل في أرجاء المنزل، وعندما عاين الطبيب البصل تحت المجهر وجد أنّه يحتوي على الإنفلونزا وغيرها من البكتيريا.
فهل يقي البصل من الإصابة بالإنفلونزا؟ مما لا شكّ فيه أن هذه المنشورات لا تستند إلى أي خلفيّة علميّة فهي لم تُميّز بين البكتيريا والفيروس. كما أن الحديث عن أنّ البصل يمتص الإنفلونزا من الجوّ مجرّد خرافات لا أساس علمياً لها.
فمن جهة، الإنفلونزا هي عدوى فيروسيّة يسببها أحد فيروسات الإنفلونزا وليست عدوى بكتيريّة. وتنتشر الإنفلونزا عن طريق الرذاذ الحاوي للفيروسات في الهواء بين الأشخاص القريبين من بعضهم البعض كما يمكن أن تنتشر عن طريق الأيدي الملوّثة بالفيروس.
وانتشرت في الآونة الأخيرة أخبار مضللة كثيرة عن البصل ما دفع مواقع عدّة إلى نشر نفي لها بالاستناد إلى آراء خبراء.
وأشار موقع بوليتيفاكت إلى مقال نشره عام 2017 جو شوارز، مدير قسم العلوم والمجتمع في جامعة "ماكجيل" نفى فيه أن يكون البصل مغناطيساً للجراثيم مستنداً إلى أدلّة علميّة واضحة.
وقال شوارز "لا يعتبر البصل بيئة حاضنة للجراثيم، لا بل العكس تماماً، فالبصل يحتوي على مركّبات الكبريت التي تحارب الجراثيم عادةً، أي أنّها لا تمتصّها".
وتابع شوارز إنّ "تقطيع البصل يطلق أنزيمات تقف وراء تفاعل كيميائي يولّد حمض بروبان السولفونيك الذي يتفكّك بدوره لينتج عنه حمض الكبريت. وحمض الكبريت هو الذي يسبّب الدموع لدى تقطيع البصل. وهو الذي يكبح نمو البكتيريا".
وشرح شوارز في مقاله أيضاً أنّه "عند تقطيع البصل يجفّ سطحه مباشرة ما يقلّص نسبة الرطوبة التي تحتاجها البكتيريا للنموّ. كما أنّ نموّ البكتيريا يحتاج بدوره إلى مصدر. فقد يتلوّث البصل مثلاً من الأسطح أو الأيدي المتسخة ولكن ليس من البكتيريا المتواجدة في الجوّ".
بدورها قالت أخصائيّة التغذية شانتال حنا لوكالة فرانس برس إنّ "الخضار والفاكهة آمنة إلى حدّ ما وليست بيئة حاضنة للبكتيريا إلا إن تعرّضت لعوامل ملوّثة من مصدرها، كالريّ بمياه ملوّثة وعدم غسلها جيّداً قبل استهلاكها، أو إن قطّعت على نفس لوح تقطيع اللحوم واستهلكت دون طهيها على حرارة مرتفعة".
وبحسب حنا فإنّ "أكثر المأكولات التي قد تشكل بيئة مؤاتية لنمو الجراثيم هي تلك التي تحتوي على نسبة عالية من البروتينات كاللحوم على أنواعها والبيض الأجبان…"، وهذه ليست حال البصل.
وفي السياق ذاته، ذهبت المنشورات المضلّلة أيضاً للقول إن أكل البصل يصبح ساماً ويتسبّب بأمراض معويّة بسبب امتصاصه للبكتيريا. لكنّ هذا الادعاء خطأ بدوره ولا أساس له من الناحية العلميّة.
ويقول زافييه كومول أستاذ الكيمياء الحيوية وعلم السموم في جامعة باريس لوكالة فرانس برس "لا علم لديّ بأي حالة تسمّم نتجت عن البصل نفسه ولم أسمع يوماً بمثل هذه الحالات في الجمعيّة الفرنسيّة للتغذية (…) يبدو الأمر مستبعداً للغاية بالنسبة لي".
أما الأستاذة في علم العقاقير في جامعة باريس سيلفي ميشال فقدمت جواباً حاسماً بالقول إنها قامت ببحث و"لا يوجد أي دليل علميّ يثبت أن البصل يصبح سامّاً بعد تقطيعه".
وتابعت: "لا يوجد نوع محدّد من البكتيريا" يضرب البصل المقطّع، مضيفةً أنها كغيرها من الناس غالباً ما تترك البصل مقطّعاً لاستخدامه في الطعام في اليوم التالي.
من جهة أخرى، نشرت جمعيّة منتجي وتجار وموزّعي البصل الأميركيّة بياناً حول هذا الموضوع وصنّفت الادعاءات حول سميّة البصل بعد تقطيعه في صدارة "الخرافات الشائعة" حول الخضار والفاكهة".
وقالت الجمعية إن "التعاطي مع البصل بشكل صحيح لا يجعل منه مادّة سامّة، ويمكن الاحتفاظ به في الثلاجة في مستوعب ضغط حتى سبعة أيام".
aXA6IDE4LjExOS4xMjAuNTkg جزيرة ام اند امز