أزمة "أوريدو" القطرية بالجزائر.. طبخة مشبوهة بـ"سم التجسس"
"شبهة تجسس" وراء طرد المدير لشركة أوريدو القطرية من الجزائر ومصادر تكشف لـ"العين الإخبارية" فتح الجزائر ملفها المشبوه
لا تزال قضية طرد الجزائر للمدير العام لشركة "أوريدو" القطرية تثير الكثير من الغموض حول أسبابها الحقيقية التي يبدو أنها تتعدى مسألة طرد 900 عامل وموظف من الشركة إلى "حد التجسس على الجزائر".
- الرئيس الجزائري يأمر بطرد وترحيل مدير شركة أوريدو القطرية
- فضيحة قطرية في الجزائر.. تأشيرات عاجلة لمهاجمة الجيش على الجزيرة
وأمر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الأربعاء الماضي، بطرد المدير العام لشركة الاتصالات القطرية "أوريدو" الألماني نيكولاي بايكرز، بناء على مراسلة شكوى تلقاها من نقابة الشركة.
وفضحت المراسلة التمييز والانتهاكات القانونية التي قامت بها إدارة الشركة القطرية بطرد 900 من الموظفين الجزائريين دون سابق إنذار أو أسباب قانونية أو مهنية.
ولم يشمل قرار الطرد العاملين الأجانب الذين يتقاضون مرتبات مضاعفة.
وحاولت الشركة القطرية "تبرير" قرار مديرها العام بالجزائر بـ"سعيها لإخراج الشركة إلى بر الأمان وفق مخطط جديد"، وهي المزاعم التي زادت من الشكوك حول "طبيعة المخطط" الذي "يتعدى طموحات متعامل هاتف".
وما يؤكد "كذب" الشركة القطرية في محاولتها لتبرير "ما لا يبرر" بـ"أن قرارات الطرد تندرج في إطار خطة لتطوير الشركة وإنقاذها من الإفلاس"، هو رقم أرباحها السنوية التي تفوق 72 مليون دولار أمريكي، وعدد مشتركيها الذي يتعدى الـ14 مليون مشترك، ونسبة نمو وصلت إلى 117% في العامين الأخيرين.
ويعد متعامل الهاتف النقال "أوريدو" من أبرز شركات الاتصالات في الجزائر، إذ تستحوذ على 25% من سوق خدمات الهاتف النقال.
ويمثل فرع الجزائر 12% من إجمالي عدد المشتركين و11% من الحجم الإجمالي لاستثمارات الشركة القطرية.
بالإضافة إلى احتفاظها بالموظفين الأجانب الذين يتقاضون رواتب مضاعفة التي تستنزف أموالا ضخمة.
وأكدت مصادر أمنية جزائرية لـ"العين الإخبارية" أن قوات الأمن الجزائرية "اعتقلت" المدير العام للشركة القطرية الأربعاء الماضي، واقتادته نحو مطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة لترحيله.
"شبهة" تجسس
وسائل الإعلام المحلية أشارت إلى "تورط المدير العام لشركة أوريدو القطرية في شبهة عمليات تجسس لصالح دولة أجنبية"، من خلال محاولة "زرع البلبلة بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات الشعبية الناقمة على الوضعين السياسي والاجتماعي".
وأوضحت أن "نيكولاي بايكرز تلقى تعليمات من دولة أجنبية لطرد أكبر عدد ممكن من الموظفين الجزائريين بهدف الضغط على السلطات الجزائرية لتحقيق مصالح سياسية لتلك الدولة".
وفي الوقت الذي لم تذكر فيه المصادر الإعلامية اسم الدولة الأجنبية، فإن مصادر سياسية جزائرية رجحت لـ"العين الإخبارية" أن يكون "للنظام القطري علاقة مباشرة بقضية التجسس"، مرجعة ذلك إلى "الدور القطري في التآمر على الجزائر خلال الأزمة السياسية العام الماضي من خلال محاولاتها اختراق الحراك الشعبي وشراء ذمم معارضين بالمال القذر للتهجم على الجيش".
تجسس للابتزاز
وأكدت المصادر الجزائرية لـ"العين الإخبارية" أن الموقف الصارم الذي اتخذه الرئيس الجزائري ضد الشركة القطرية على خلفية طرد 900 موظف جزائري تعسفيا "ليس إلا نقطة أفاضت كأس غضب الجزائر من الدور القطري المشبوه".
والمؤكد أن "تهمة تجسس" الشركة القطرية التي تحدثت عنها وسائل الإعلام المحلية "ليست جديدة، وبدأت عام 2014 بمخطط محكم للتجسس على شخصيات ومسؤولين حكوميين لابتزازهم بهدف تحقيق المصالح القطرية والتركية في الجزائر".
"قضية التجسس القطري" على الجزائر تفجرت عام 2014، بعد قيام شركة "أوريدو" باستيراد عتاد تجسس "يراقب بدقة تحركات كبار المسؤولين في الدولة والوزراء"، شرعت حينها في تنفيذ مخطط "يتعدى طموحات متعامل هاتف نقال إلى عمل استخباراتي تجسسي على البلاد"، بعد أن "تمكنت من إدخال الجزء الأول منه".
وفي شهر يوليو/تموز 2014، نشرت صحيفة "المحور" الجزائرية معلومات "صادمة" عن مشاريع للشركة القطرية "مثيرة للشكوك ترتكز على التجسس والتنصت وبيع أسرار الجزائريين"، مع "ارتباطه باستخبارات غربية".
وكشفت الصحيفة الجزائرية عن تنفيذ الشركة القطرية مشروعين تحت غطاء الاستثمار في قطاع الاتصالات وهما (هاند سات وجيو لوكاليزاسيون) "يخفيان من ورائهما عمليات تجسس واسعة على الجزائر".
وضم عتاد التجسس الذي تمكنت شركة "أوريدو" القطرية للاتصالات من إدخاله إلى الجزائر "بطريقة غامضة" رغم خطورته على الأمن القومي للبلاد علبا من نوع X8 وX10، وأرضية محرك بحث جوجل الجغرافي (Google Earth)، وأنظمة "لوجيسيال من نوع IBM" وأجهزة سارفور، وهي الأجهزة الممنوعة من الاستيراد في الجزائر.
وذكر المصدر ذاته أن تنفيذ مخطط الشركة القطرية "المشبوه" لم يتم إلا بعد "إزاحة موظفين جزائريين عن مناصب مسؤولية حساسة في الشركة".
ويعد مشروع "جيو لوكاليزاسيون" أخطر مشروع للشركة القطرية؛ كونه يعمل على "المتابعة الدقيقة لطريق سير أي سيارة أو شخص مهما كان، شريطة أن يكون هاتف المحمول يعمل بنظام "جي بي إس" أو نظام "الساتلايت".
وهو ما يعني "قدرته الدقيقة" على معرفة تحركات المسؤولين الجزائريين، واستهداف أي واحد منهم في أي مكان.
أما مشروع "Handset" فقد أماط اللثام عن الطريقة التي تمكنت بها الشركة القطرية من إدخال عتاد التجسس إلى الجزائر، من خلال "التواطؤ من جهات نافذة" بعد عقد صفقة مشبوهة معها.
وتمثلت تلك الصفقة المشبوهة في 4300 هاتف نقال كانت في مخزون "أوريدو القطرية" التي قامت باستيرادها بأسعار منخفضة، وتم بيعها بأسعار "مرتفعة" مقارنة بسعرها الحقيقي.
وأوضحت الصحيفة الجزائرية أن مصالح الجمارك تفطنت لـ"خديعة أوريدو" القطرية، وقامت باحتجاز الجزء الثاني من العتاد الخطر في ميناء الجزائر، دون أن تتخذ حينها السلطات الجزائرية أي موقف تجاه المتعامل القطري.
"استثمار غامض"
لطالما طرح تواجد شركة "أوريدو" القطرية في الجزائر تساؤلات عن الطريقة التي دخلت بها إلى السوق المحلية في قطاع الاتصالات الذي تعده الجزائر من أكثر القطاعات الحساسة والمرتبط بشكل مباشر بالأمن القومي للبلد.
والحقيقة أن الشركة القطرية دخلت إلى السوق الجزائرية عقب بيع شركة "الوطنية تيليكوم" الكويتية أسهمها لشركة "كيوتل" القطرية نهاية 2013.
حينها لم تلجأ حكومة عبدالمالك سلال إلى "تطبيق حق الشفعة" كما فعلت مع شركة "أوراسكوم تيليكوم القابضة" لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس عام 2012.
وبموجب "حق الشفعة" "يمنع على المستثمر الأجنبي في الجزائر بيع أسهمه للأجانب دون موافقة الحكومة الجزائرية" التي اشترت 51% من أسهمها، قبل أن تتنازل عنها مجددا لصالح شركة الاتصالات الروسية "فيمبلكوم".
غير أن الحكومة الجزائرية لم تطبق الإجراءات ذاتها مع "الوطنية تيليكوم" الكويتية التي كانت أول متعامل للهاتف النقال يدخل السوق الجزائرية في 2 ديسمبر/كانون الأول 2003 باسم تجاري "نجمة".
وعقب بيع شركة الاتصالات الكويتية أسهمها للمجمع القطري في 2013، انتقلت ملكية "نجمة الجزائر" مباشرة إلى الشركة القطرية، وأعلنت عن تغيير اسم علامتها في الجزائر إلى "أوريدو" دون المرور عبر "حق الشفعة".
وأثارت تلك الخطوة استغراب المتابعين، وطرحت تساؤلات عن أسباب "تجاهل" السلطات الجزائرية في ذلك الوقت لدخول "شركة قطرية في قطاع حساس مثل الاتصالات"، "رغم علم نظام بوتفليقة بدور قطر المفضوح في تمويل الاعتداء الإرهابي على منشأة تيقنتورين الغازية بمنطقة عين أميناس وسط الصحراء الجزائرية الذي وقع في يناير/كانون الثاني 2013".
وهو العام ذاته الذي دخلت فيه الشركة القطرية الاستثمار في قطاع الاتصالات.
ويبدو من خلال خطوة الرئيس الجزائري وفق ما ذكرته مصادر سياسية لـ"العين الإخبارية" أن الجزائر "قررت إعادة فتح ملف شركة أوريدو القطرية بالجزائر ونشاطها المشبوه على الأراضي الجزائرية".
وهي الخطوة التي تأتي عشية زيارة حاكم قطر للجزائر، يوم الإثنين، وفق ما ذكرته مختلف وسائل الإعلام المحلية الجزائرية، في وقت لم تصدر الرئاسة الجزائرية أي بيان يؤكد ذلك.
aXA6IDE4LjIyNy4yMDkuMjE0IA== جزيرة ام اند امز