أسواق الطاقة.. "أوبك+" يتولى زمام الأمور
من غير الممكن فهم سبب تحفظ البيت الأبيض لقرار تحالف أوبك+ هذا الأسبوع بخفض الإنتاج.
لم يعد تحالف "أوبك+" يلتفت إلى أي مؤثرات على قراراته، باستثناء الأرقام القادمة من السوق العالمية، التي تمثل المقياس الحقيقي لفتح صنبور إنتاج النفط أو تضييقه.
السنوات السبع الماضية، أعلن التحالف عدة دروس مرتبطة بأن عديد المستهلكين الرئيسيين بصدارة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يبحثون عن النفط الرخيص، حتى وإن كان على حساب مصالح المنتجين كافة.
- 320 مليون دولار.. صندوق الأوبك يُقرض 4 دول لمكافحة تغير المناخ
- بشأن اتفاق أوبك+.. رسالة "مهمة" من السعودية وروسيا لأسواق النفط
منذ 2015 شهدت الدول النفطية أزمة انهيار في أسعار النفط العالمية تسبب تراجع الطلب، وبسببها تم إنشاء تحالف "أوبك+" بنهاية عام 2016، في وقت لم يكن المستهلكون في أوروبا والولايات المتحدة، يلتفتون إلى معاناة المنتجين، وحجوزات ميزانياتهم.
هذا الأسبوع، فاجأ "أوبك+" أسواق النفط خلال عطلة نهاية الأسبوع، بخفض كبير للإمدادات بهدف تشديد الأسواق وتوقعات بظروف ضبابية على مستوى الاقتصاد وأسعار الفائدة والأزمة المصرفية والعقوبات على روسيا.
أهداف تحالف أوبك+
كل هذه العوامل سبقت أحد الأهداف الثانوية للتحالف المتمثلة بالحصول على سعر عادل للأسعار، في ظل تراجع الاستثمار العالمي في مصادر الطاقة التقليدية، وهو الأمر الذي يهدد بصدمة في الطلب على الخام والمشتقات.
يأتي قرار التحالف، بعد عدة شهور من الضعف في أسواق النفط الخام؛ ليتولى التحالف مراقبة ارتفاع مخزونات النفط بشكل حاد في الأشهر الأخيرة وسط تعثر الطلب، وتراجعت المعنويات أكثر بعد الاضطرابات في القطاع المصرفي الأمريكي التي جددت المخاوف من التباطؤ الاقتصادي.
من الواضح أن التحالف أراد محاولة استعادة السيطرة على السوق، ولا يقصد هنا بإعادة الأسعار إلى متوسط 95 دولارا، لكن الاقتصاد العالمي ككل، يشهد ارتباكا واضطرابا بدء من الفيدرالي الأمريكي وصولا إلى أصغر مستهلك حول العالم.
من غير الممكن فهم سبب تحفظ البيت الأبيض لقرار التحالف هذا الأسبوع، إن أسهم التحالف قبل 3 سنوات في إنقاذ صناعة النفط الأمريكية، عندما بلغت عقود الخام الأمريكي سالب 40 دولارا للبرميل.
المسألة الأخرى، أن تحالف أوبك+ اليوم، هو أكبر مستثمر في قطاع النفط، في وقت بدأ إنتاج النفط الصخري يقترب من الوصول إلى ذروته بسبب تراجع الاستثمارات فيه، حيث يريد المستثمرون 100 ولار كسعر للبرميل حتى يكون استثمارا مجديا.
أمام هذه العوامل، أصبح التحالف اليوم هو مصدر الإمدادات الأكثر موثوقية حول العالم، فالسعودية لديها قدرة فورية على رفع إنتاجها حتى 12.3 مليون برميل يوميا، من 10 ملايين برميل حاليا.
ولدى الإمارات قدرة فورية على زيادة الإنتاج فوق 3.5 ملايين برميل يوميا، وروسيا لديها قدرة فورية على زيادة الإنتاج حتى 11.5 مليون برميل يوميا، ما يعني أن أية صدمة في زيادة الطلب سيكون كبار أعضاء التحالف، قادرين على تلبيته دون أية ضغوطات.
ويعي التحالف أنه عندما ترتفع الأسعار أكثر من 100 دولار للبرميل، يبدأ المستهلكون في التراجع عن الطلب؛ كما أن رفع الأسعار إلى مستوى مرتفع للغاية من شأنه أن يؤجج التضخم، وهو ما لا يريده التحالف.
الطاقة المتجددة
يشهد انتشار الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم ارتفاعا، لكنه لا يزال أقل بكثير مما هو مطلوب لتحقيق أهداف باريس المناخية. بالإضافة إلى ذلك، يتركز الاستثمار في الاقتصادات الكبيرة مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي.
وحتى يسير الاقتصاد العالمي جنبا إلى جانب في مزيج الطاقة، فيجب أن يتضاعف الاستثمار السنوي بالطاقة المتجددة أربع مرات تقريبا، ليصل إلى 5 تريليونات دولار سنويا وأن يتم توزيعه على نطاق أوسع؛ فقد استحوذت إفريقيا على 1% فقط من السعة الإضافية في العام الماضي.
مع تزايد المخاوف بشأن أمن الطاقة، والطلب المتزايد على الوقود الأحفوري، وبدء النزاعات التجارية حول سلاسل توريد التكنولوجيا النظيفة، سيبقى تحالف أوبك+ هو الملاذ الأكثر أمانا في تلبية احتياجات الاقتصاد العالمي.