فتح نافذة على تاريخ الأدب العربي في وجه الظلامية
ملتقى "مواجهة تاريخ الأدب" يأتي في إطار التعاون بين مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية الإماراتية ومؤسسة عبد الحميد شومان الأردنية.
انطلقت في العاصمة الأردنية عمّان، الثلاثاء، فعاليات ملتقى "مواجهة تاريخ الأدب"، وذلك في إطار التعاون الثقافي بين مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية الإماراتية ومؤسسة عبد الحميد شومان الأردنية.
موضوعات عدة على أجندة الملتقى الذي يختتم أعماله الأربعاء، إذ يناقش صورة تاريخ الأدب العربي، والتحولات في مفهوم التاريخ، والتحقيب، والاستشراق، والنظريات الحديثة، والمراجعات النقدية، وعصر النهضة، والفلسفة، ومشاريع التجديد في التاريخ، وأثر مفاهيم التاريخ الأدبي في كتابة أدباء النهضة وأبرز مشاريع التجديد في التاريخ، على أن تصدر الأوراق البحثية والفكرية المقدمة في كتاب.
الأمين العام لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية د. محمد عبد الله المطوع إلى أهمية الأوراق الفكرية التي سيقدمها المشتركون والتي تشير إلى الظروف التي تمر بها البلدان العربية، وظهور تلك المنظمات الإرهابية التي تعبث بأمنها ساعية إلى تقسيم وتهميش أقطارها. وأكد أن الملتقى يعاين بجرأة شديدة المراحل التي مرت بحياتنا لتستفيد منها أجيالنا القادمة حفاظًا على ما تبقى من أرض لم يطلها الهدم المتعمد، ولا الضلالية السوداء التي سادت عقول أصحاب تلك المنظمات المتطرفة.
وأشارت الرئيسة التنفيذية لمؤسسة شومان فالنتينا قسيسية إلى أن التعاون بين مؤسسة عبد الحميد شومان ومؤسسة سلطان بن علي العويس، جاء لفتح نافذة مطلة على الأدب والثقافة والفنون، إذ سبق أن شاركت المؤسستان في عدد من الأنشطة الثقافية المتنوعة.
أما الجلسة الأولى من اليوم الأول للملتقى، تضمنت بحثين؛ الأول جاء تحت عنوان "تحولات في مفهوم التاريخ: التاريخانية الجديدة والتاريخ كسرد" قدمه د. محسن الموسوي من العراق، أما الثاني فجاء تحت عنوان "التحقيب في الثقافة العربية" قدمه د. حسن مدن من البحرين، أدارها وزير الثقافة الأردني الأسبق د. صلاح جرار.
وتحدث د. الموسوي في ورقته لافتًا إلى أن تحولات المفاهيم والمناهج منقطعة عن تحولات معرفية تتزامن مع تغيرات كبرى على أصعدة عالمية ومحلية وقد تستبق التحولات هذه التغيرات أو تخلفها، لكنها ليست منقطعة عن الممارسة الإنسانية، عن دور الفرد، في تكوين الوعي التاريخي والمشاركة فيه.
أما د. حسن مدن فقد بيَّن أن الحقبة في معناها اللغوي هي المقطع الزمني، الذي قد يطول أو يقصر، فهي كتلة زمنية تمتد في التاريخ المنطوي على المتغيرات الإنسانية في تلك الحقبة وما يتولد عنها من صراعات وأثيرات، أما الحقبة الأدبية فيجب مراعاة انغراسها الأصلي في التاريخ العام.
أيضًا، تحدث في الجلسة الثانية د. غادة خليل التي قدمت ورقة بعنوان: "تحقيب الأدب العربي لدى المستشرقين" قدمها للحضور د. غسان عبد الخالق، حيث شرحت مفهوم التحقيب بأنه جهد موسوعي يتطلب تتبع الآثار الأدبية والقضايا المرتبطة بها التي ظهرت في حقبة ما، وجهد نقدي يتجلى في تقييمها والكشف عن بنيتها وجمالياتها وبيان تأثيرها وأسباب ازدهارها وتطورها أو اضمحلالها وخمولها أو تحولها، أي تقديم صورة شمولية متكاملة عن الوضع الأدبي في تلك الحقبة وعوامل شيوع أنماط أدبية خاصة ونشوء أنماط أخرى ودلالات ذلك على المستوى الحضاري العام.
وكان ختام فعاليات اليوم الأول للملتقى بالجلسة الثالثة التي أدارها د. لي الشرع قدم فيها د. محمد الشحات من مصر ورقة بعنوان "كيف تتعامل النظريات الحديثة مع تاريخ ثقافة أوروبا"، تلا ذلك ورقة نقدية قدمها الشاعر اللبناني عبده وازن بعنوان "ميشيل فوكو والتاريخ" في استقصاء لفكرة التاريخ لدى المفكر والفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو، لافتًا إلى أنها فكرة "معقدة ومركبة في المعنى المعرفي.
وشرح وازن فكرة التاريخ لدى المفكر والفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو واصفًا إياها بالمعقدة والمركبة في المعنى المعرفي. ولئن تبدت مقولة التاريخ في عناوين عدة من مؤلفاته وفي صميم عمله البحثي والتحليلي، فهي تدور حول محاور 3 يرتكز إليها الخطاب المتعدد الحقول.
ويعدد وازن تلك المحاور: "الأول هو نقد التاريخ كمفهوم أفقي ومتواصل ونقد الخطاب الذي حوله المؤرخون إلى تاريخ نصبي هائل. وهذا ما جعل فوكو يتكئ على النزعة النقدية النيتشوية ويتبنى مقولة الجينولوجيا التي مثلت قاعدة نيتشه النقدية. المحور الثاني يقوم على ما يسميه فوكو "فكرة الحدث". والمحور الثالث هو العمل التوثيقي أو الأرشيفي وفيه يشارك فوكو مؤرخين اعتمدوا هذا المنهج التاريخي".
ومن الجدير ذكره أن فعاليات اليوم الثاني والأخير للملتقى سيشارك فيها كل من الباحث د. أحمد بو حسن من المغرب بورقة بعنوان "مراجعات نقدية لفكرة عصر الانحطاط"، كما يقدم الناقد جابر عصفور من مصر ورقة حول "النهضة وعصر التنوير"، د. إمتنان الصمادي من الأردن ورقة بعنوان "هل أخفقت النهضة؟"، فيما يقدم د. شكري المبخوت من تونس بحثًا حول "أثر مفاهيم التاريخ الأدبي في كتابة أدباء النهضة"، ويختتم الملتقى فعالياته بالجلسة الثالثة التي تقدم فيها د. هالة فؤاد من مصر بحثًا بعنوان "الفلسفة في المواجهة: تساؤلات وإشكاليات"، فيما يقدم الناقد د. فيصل دراج من الأردن ورقة حول "أبرز مشاريع التجديد في التاريخ".