تناول السعوديون موازنتهم السنوية بنهم مختلف، أخذوا في التدقيق فيها وعبروا على تفاصيلها أكثر من أي وقت مضى
تناول السعوديون موازنتهم السنوية بنهم مختلف، أخذوا في التدقيق فيها وعبروا على تفاصيلها أكثر من أي وقت مضى، لم تكن تشكل لهم هذه الموازنة في السابق الهم الأول أو الاهتمام الرئيس بمعنى أدق، إلا أن توالي الظروف والتغيير المصاحب الجذري في خطة العمل الحكومية تحت بند التقشف جعلاهم ينتظرون ويتابعون ويلاحقون ويتوقعون أيضاً.
الشأن الاقتصادي السعودي الذي عانى الركود في ظل أسعار نفطية متراجعة وبالتزامن مع انطلاقة التغيير وإعلان مشروع التحول تناوله المهتمون بجملة من المخاوف في ظل صدمة استيعاب أن تمضي الخريطة الوطنية نحو مستقبل آمن متفائل من دون أن تتكئ على الابن البار «نفط»، فمجرد التفكير في مستقبل كهذا يكون مخيفاً مربكاً محاطاً بالحسابات الدقيقة والتشاؤم المصاحب، الموازنة التي أطلت قبل أيام خالفت التوقعات بل تخطتها بأرقام لم تكن في حسابات هواة الفعل الاقتصادي وتفتيت أرقامه، التوازن المالي كان أحد ملامح ما وراء الإنفاق والعجز، توازن تدريجي في الملامح والمسيرة، على أن الإصلاحات التي ستمضي لها برامج الدعم وسياسات التنمية ستكون محاطة أيضاً بكل التوقعات والنظرات المتذبذبة، لست مع القائلين بأن الإصلاح يذهب لعلاج التشوهات، ولا شد المفاصل المرتخية، بل أميل للقول إن ثمة أحجار زاوية في حاجة لإعادة الاهتمام والتهيئة والرعاية والترميم، وتسليط الضوء المستمر لا الخجول عليها. لا أميل كذلك للتفاؤل المفرط لأن ذاك يضخم ردود الفعل السلبية، بل أقف في المنتصف مع رسومات التنفيذ والتصحيح، فالتوازن في التعاطي مع الحراك الاقتصادي لا بد أن يقابل بتوازن مع الآمال والتوقعات وتباشير الفرح.
المستقبل السعودي العازم على مواجهة كل التحديات على مختلف الأصعدة سيكون تحت المجهر أكثر من ذي قبل لأن مستوى الشفافية المعلن يترك الحرية لأوراق النقد أن تطرح على طاولات النقاش والجدل والمداولات، وعلينا كسعوديين أن نفرق بين الطموحات المشروعة بطبيعة الحال وتحديات وتهديدات كل الجمل التي تأتي جبراً بعد مفردات التحسين والترشيد والاستدامة والتحقيق والاستحقاق والتنافس والإسهام، لن يكون الجميع قلقاً من هذا الحشد الكبير لفعل مالي منضبط ونزاهة تتجاوز الواقع الحالي، لكنه غير معتاد من أن يتحرك شأنه الاقتصادي بسرعة فائقة وبحتمية التأقلم والاعتياد مع مؤشرات ضمان مستقبل البلد والولد، الوعود والأسطر الطازجة تظل كتفاً بكتف مع الوقت المقبل، وكلما تحققت درجة نجاح في مربع معين مضى التفاؤل للأمام، ومن المؤكد أنه لا خطى للإصلاح من دون تبعات، واحتواء التبعات سيمثل المنعطف الصريح لمثالية الطريق السعودي نحو مستقبله الحلم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة