24 حبة في اليوم.. رجل ينجو من فخ التداوي المفرط ويستعيد حياته

في سن الستين، كان توني كورني، يتناول 24 قرصا يوميا لعلاج عدد من المشكلات الصحية، من الاكتئاب وآلام الظهر إلى مشاكل المعدة والخصوبة. لكن بدلا من التحسن، بدأت حياته تتدهور، حتى وصف نفسه بـ"الزومبي".
يقول توني، وهو مدير سابق في قطاع الإسكان العام ويعيش في ويمبلدون جنوب غرب لندن لموقع "ديلي ميل": "كنت أتناول ثلاثة مضادات اكتئاب، وجرعات متزايدة من مسكن الترامادول، إلى جانب الغابابنتين، وأدوية للبروستاتا والإمساك والارتجاع الحمضي ومشكلات الرغبة الجنسية". وأضاف: "ازداد وزني أكثر من 12 كيلوجراما، وكنت أعاني من الانزعاج طوال الوقت".
توني ليس حالة فردية، فقد كشف تقرير جديد صادر عن شبكة الابتكار الصحي في هيئة الصحة البريطانية ،أن أكثر من مليون شخص في إنجلترا يتناولون عشرة أدوية أو أكثر يوميا، ما يضاعف احتمالية تعرضهم لمضاعفات خطيرة، نتيجة ما يُعرف بـ"تعدد الأدوية الضار".
وصفات تتراكم.. ومضاعفات تتفاقم
رغم أن الأدوية توصف عادة لأسباب وجيهة، إلا أن تفاعلها مع بعضها قد يؤدي إلى أعراض جانبية مثل الدوخة، والارتباك، ومشكلات المعدة، بل وقد تؤدي إلى السقوط، أو الدخول إلى المستشفى، أو حتى الوفاة.
ويقول ستيف ويليامز، كبير الصيادلة في مركز ويستبورن الطبي: "المرضى بحاجة إلى مراجعات دورية للأدوية، كما تحتاج السيارة لفحص دوري للبقاء على الطريق."
لكن الإحصاءات تظهر أن أقل من 1% من مواعيد الأطباء العامين تشمل مراجعات دوائية منتظمة. ويواجه النظام الصحي تحديات في تتبع تغييرات الأدوية بعد دخول المريض إلى المستشفى، ما قد يؤدي إلى وصف أدوية تم إيقافها سابقًا، مما يعرض حياة المرضى للخطر.
أدوية قد تضلل الأطباء
والعديد من الأدوية الشائعة مثل مضادات الاكتئاب، ومضادات الحساسية، وموسعات الشعب الهوائية، لها تأثيرات عصبية يمكن أن تؤدي إلى أعراض تُشبه الخرف.
يقول البروفيسور كريس فوكس من جامعة إكسيتر: "رأيت مرضى يبدون وكأنهم مصابون بالخرف، لكن بعد وقف الأدوية، عادوا إلى طبيعتهم تمامًا."
وتشير دراسة من جامعة نيوكاسل إلى أن كل دواء إضافي يتناوله المرضى فوق سن الـ85 يزيد من خطر الوفاة بنسبة 3%. كما أظهرت دراسة نُشرت في BMJ أن قرابة 20% من حالات دخول المستشفى غير المخطط لها تعود إلى مضاعفات دوائية، يمكن تجنب نحو 40% منها.
وفي مراجعة وطنية أجريت عام 2021، تبين أن 10% من الوصفات الدوائية في الرعاية الأولية غير ضرورية. ويعود ذلك إلى اتباع إرشادات منفصلة لكل حالة مرضية، دون ربط العلاجات في حالة المرضى المصابين بأمراض متعددة.
بدائل غير دوائية.. ولكنها مهمشة
ويدعو عدد من الأطباء إلى تعزيز ما يُعرف بـ"الوصفات الاجتماعية" مثل تغيير نمط الحياة وممارسة التمارين بدلا من الاعتماد الكامل على الأدوية. لكن النظام الحالي، بحسب الخبراء، يفتقر إلى آليات فعالة لمراجعة العلاج وتقليل الأدوية الزائدة، خاصة مع تزايد عدد المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة متعددة.
وقد تجاوب توني مع هذه النصائح، وفي عام 2019، وبعد شعوره بأن الأدوية هي سبب تدهور صحته، طلب من طبيبه المساعدة في وقف مضادات الاكتئاب، ثم قرر تدريجيًا التوقف عن جميع أدويته، واتجه للعلاج البديل وتغيير نمط حياته.
يقول اليوم، وهو في السابعة والستين"أنا بصحة أفضل الآن من أي وقت مضى، وأشعر بالغضب لأن أحدا لم يراجع أدويتي بشكل دوري، فالأدوية التي أُعطيت لي بنية طيبة، كادت تودي بحياتي".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTE3IA== جزيرة ام اند امز