لا تخافوا ولكن احذروا.. خبير بأكسفورد يوضح لـ"العين الإخبارية" كيفية الوقاية من فيروس "ماربورغ" (حوار)
لم يكد العالم يفيق من تبعات فيروس كورونا، حتى استيقظ الإثنين الماضي على خبر تسجيل 9 وفيات في غينيا الاستوائية بسبب فيروس "ماربورغ"، الذي ظن البعض أنه فيروس جديد.
اسم الفيروس ليس متداولا، رغم أنه تم اكتشافه في السبعينات، ويتميز بأنه شديد "الإماتة"، حيث لا ينجو عند الإصابة به إلا عدد قليل، وهو ما يثير الخوف الشديد منه.
وفي مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، وجه أحمد سالمان، مدرس علم المناعة واللقاحات بمعهد إدوارد جينر بجامعة أكسفورد، رسائل مطمئنة، مفادها أن هذا الفيروس، وإن كانت معدلات الوفيات به عالية بين المصابين، إلا أنه لا ينتشر على نطاق واسع.
لكنه شدد في الوقت ذاته، على أن هذه الرسالة المطمئنة لا يجب أن تكون مبررا للتراخي، لأن الدرس الذي خرج به العالم من جائحة "كوفيد 19"، هو اليقظة والاستعداد الدائم.
وإلى نص الحوار:
بداية.. لماذا سمي فيروس "ماربورغ" بهذا الاسم؟
يعود اسم الفيروس إلى مختبرات مدينة ماربورغ الألمانية، التي كانت أول من اكتشفت هذا الفيروس عام 1967، وهذا الفيروس من عائلة "الفيروسات الخيطية" التي ينتمي لها "الإيبولا"، وينشأ في الخفافيش، وينتقل منها إلى القرود والحيوانات الأخرى، كما ينتقل منها إلى البشر عند تعاملهم مع الخفافيش أو الحيوانات المصابة، وينتشر بين الناس عن طريق الاتصال الوثيق بالسوائل الجسدية للأشخاص المصابين، مثل الدم واللعاب والصديد والعرق، كما يمكن أن ينتشر أيضا عن طريق العلاقات الجنسية والأسطح، مثل ملاءات الأسرّة الملوثة.
لكن هذا الفيروس منتشر في إفريقيا، ما سبب اكتشافه لأول مرة في ألمانيا؟
كانت مختبرات مدينة ماربورغ الألمانية تجري أبحاث على القرود الخضراء الأفريقية المستوردة من أوغندا، وكانت القرود مصابة بالفيروس، ونقلت الإصابة إلى 31 شخصا، وتوفي 7 منهم.
هل تم اكتشاف الفيروس في دول أخرى بعد توصيفه في مختبرات مدينة ماربورغ؟
منذ تفشي الفيروس في مختبرات ماربورغ، توفي شخص واحد فقط بسببه خلال الأربعين عاما الماضية في أوروبا، وشخص واحد فقط في الولايات المتحدة، بعد عودته من الرحلات الاستكشافية إلى الكهوف في أوغندا، ولكن أغلب الفاشيات تكون في أفريقيا، ومنها التفشي الأخير في غينيا الاستوائية.
ما أبرز تفشيات هذا الفيروس؟
قبل التفشي الأخير في غينيا الاستوائية، والذي تسبب حتى الآن في وفاة 9 أشخاص، كان هناك تفشي في يوليو/ تموز الماضي في غانا، وقبلها تفشى في الكونغو الديمقراطية خلال الفترة من 1998 حتى 2000، وتوفي 128 من أصل 154 حالة إصابة بالفيروس، وفي عام 2005 توفي 329 شخصا من أصل 374 حالة أصيبت بالفيروس بأنغولا، وفي عام 2012 توفي 4 أشخاص من أصل 15 حالة في أوغندا، وعاد مجددا إلى أوغندا عام 2017، حيث أصيب 3 أشخاص ولقوا جميعا حتفهم.
أعداد الإصابات بالفيروس تكون محدودة ولكن نسب الوفاة مرتفعة.. ما السبب؟
نسبة الوفيات بين المصابين بالفيروس تكون مرتفعة للغاية، لأن الفيروس يقتل في المتوسط نصف المصابين، لكن السلالات الأكثر ضررا تقتل ما يصل إلى 88%.
هل هذا سبب عدم انتشاره على نطاق واسع؟
هذه أحد الأسباب، فوفاة العائل لا تسمح بانتشار الفيروس، ولكن السبب الثاني هو أن الفيروس لا ينتقل مثل الفيروسات التنفسية عن طريق الهواء، والطريق الوحيد للعدوى هو التعرض للسوائل الجسدية للشخص المصاب، لذلك فإن الإصابات الخاصة به تكون عائلية.
هل توجد مخاوف من أن يتسبب الفيروس في جائحة عالمية؟
لا توجد مخاوف من الفيروس، لأنه ليس سريع الانتقال مثل الفيروسات التنفسية.
ما هي أعراض الفيروس؟
تبدأ الأعراض مع حمى شديدة وصداع، وبعد أيام قليلة من ظهور المرض، يعاني كثير من المرضى القيء والإسهال وآلام المعدة لمدة تصل إلى أسبوع، ويتقيأ بعض المرضى دما أو يخرجونه في البراز، كما ينزف المرضى أيضا من اللثة والأنف، ويمكن أن ينتشر المرض إلى الجهاز العصبي، ما يجعل المرضى يشعرون بالارتباك وسرعة الانفعال والعدوانية، وملامح المرضى في الحالات الشديدة "تشبه الأشباح"، حيث يظهرون بعيون عميقة، ووجوه بلا تعبير وخمول شديد.
ما سر أعراضه الشديدة؟
الفيروس يثير ردة فعل مناعية عنيفة تؤدي إلى ما يسمى بـ"عاصفة سيتوكين"، والتي تكون مسؤولة عن تفتح الأوعية الدموية أكثر من اللازم، ما يؤدي إلى "حمى نزفية"، تكون مسؤولة عن وفيات المرضى.
هل يوجد علاج للفيروس؟
لا يوجد علاج محدد يستهدف هذا المرض، ولكن توجد أدوية تتعامل مع أعراضه، مثل أدوية معالجة الجفاف، والتي يمكن أن تحسن من فرص البقاء على قيد الحياة، وهناك أدوية ولقاحات قيد التطوير.
حال ظهور الفيروس في دولة ما.. ماذا تفعل؟
يجب تجنب الاتصال بالحيوانات التي يمكن أن تكون حامله للمرض مثل الخنازير والقرود، وتجنب لحوم الحيوانات البرية أو التعامل معها، وعند دفن المتوفين بسبب الفيروس، يجب الحرص على عدم لمس الجثامين.
بمَ تنصح الدول التي لم يظهر بها الفيروس؟
الدرس المستفاد من جائحة كورونا، هو الجاهزية لمواجهة أي خطر، عن طريق تجهيز الأدوية وأدوات الاختبار.