3 كلمات موجعة تقود لبنانيا لتنظيف المنازل: أفتخر بعملي
"تعوا اشتغلوا عنّا"، هكذا تهكمت عاملات إثيوبيات لدى مغادرتهن مطار رفيق الحريري على الحال الذي وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية في لبنان.
العبارة الموجعة كانت كفيلة بإعطاء ابن طرابلس الشاب، خضر أحمد، فكرة لبدء عمل جديد، فانطلق في عالم تنظيف البيوت ليسجل سابقة في "سويسرا الشرق".
ابن الثلاثين عاماً والد لطفلين، ضاقت به الأوضاع لا سيما بعد وفاة مسن كان يرعاه قبل 5 أشهر، يقول لـ"العين الإخبارية": "رغم أني لم أحصل على شهادة في التمريض فإنني كنت أعتني بالرجل الكبير مقابل بدل مادي بالتأكيد، وبعد رحيله لم أعثر على وظيفة، إلى أن راودتني الفكرة بعد سماع العبارة الشهيرة التي ضجت مواقع التواصل الاجتماعي للعاملات الإثيوبيات".
يضيف: "عندها تساءلت لماذا لا أعمل في تنظيف البيوت لا سيما أن هناك أزمة في لبنان في تأمين مساعدات لربات المنزل بعد سفر العدد الأكبر من العاملات الأجنبيات نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وعدم تمكن أرباب العمل من الدفع لهن، وكون لدي خبرة حيث كنت أساعد والدتي وزوجتي المريضة في تنظيف البيت، لم أجد صعوبة في ذلك".
نشر خضر رقم هاتفه في كل مكان، من طرابلس إلى جونية وبيروت يتوجّه الشاب اللبناني لتنظيف البيوت، لكن كيف تكون ردة فعل السيدات عندما يعاونهن رجل في ترتيب منازلهن؟، عن ذلك يقول: "يسعدن من عملي ونظرتي في ترتيب المنزل".
وعن زوجته أجاب: "لا مشكلة لديها طالما أؤمن قوت يومها بالحلال"، مؤكداً أن الأوضاع فرضت على اللبنانيين تجاوز قاعدة احتكار المهن على الرجال أو النساء، موضحا: "أصبح الأساس كيفية تأمين المال بشرف وكرامة وعدم مد يدنا لأحد".
لم يتمكن خضر من إكمال دراسته بسبب الظروف المادية لوالديه وهو يعتني بهما كما بزوجته وطفليه، يقول: "ما يهمني ألا يحتاجوا غيري، وأتمنى العثور على وظيفة براتب شهري جيد وثابت، فالمهنة التي طرقت بابها مدخولها غير كاف، رغم أنني أفتخر بها، فهي التي تعيلني وهي كرامتي".
ويضيف: "ليست لدي مشكلة في أن أعمل في أي عمل كي لا أنذل لأحد"، ووجه نصيحته للشباب: "لا تجلسوا مكتوفي الأيدي، اعملوا كي تفتخروا بأنفسكم ويفتخر بكم أولادكم".
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أثار فيديو لعاملات إثيوبيات في مطار رفيق الحريري الدولي، لحظة مغادرتهن لبنان بعد تردي الأوضاع الاقتصادية فيه، الجدل إذ سخرن من اللبنانيات ودعوهن للعمل كخادمات في إثيوبيا، وقالت إحداهن: "تعوا اشتغلوا عنا.. بس ما راح ندفع بالدولار".
وانهار الاقتصاد اللبناني بعد أزمات عدة بداية من وباء كورونا ثم انفجار مرفأ بيروت وما تلا ذلك من اضطرابات سياسية، ما دفع أكثر من نصف سكان لبنان إلى براثن الفقر، بحسب الأمم المتحدة.
وما زاد من صعوبة الوضع المالي تخلف لبنان في مارس/آذار من العام المنصرم عن سداد قروض بقيمة 1.2 مليار دولار، لتسجل البلاد في حينه أول تخلف عن السداد على الإطلاق.
كذلك توقف لبنان عن سداد مستحقات سندات اليوروبوند بالعملات الأجنبية التي تقدر بقرابة 30 مليار دولار فيما بلغ إجمالي ديون لبنان الخارجية والداخلية قرابة 90 مليار دولار.
وطلبت الحكومة اللبنانية دعم صندوق النقد الدلي لتأمين الاستقرار المالي، بيد أن المباحثات بين الجانبين وصلت إلى طريق مسدود في يوليو/تموز العام الماضي.