الشريك الصامت.. هل ساعدت باكستان أمريكا في اغتيال الظواهري؟
نظرًا لافتقارها إلى جنود على الأرض في أفغانستان، ربما يكون اعتماد واشنطن على إسلام أباد الآن أكبر من أي وقت مضى.
عند الإعلان عن الضربة الجوية الأمريكية التي قتلت زعيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول، أشاد الرئيس جو بايدن بـ"حلفاء وشركاء أمريكا". من دون أن يذكر أية أسماء، لكن من الآمن الاعتقاد أن أحدهم كان باكستان، شريك الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب في أفغانستان منذ سنوات، وفقا لمجلة "ناشيونال إنترست".
ونفت إسلام أباد لعب أي دور في العملية، لكنها عادة ما كانت تنفي تورطها في ضربات الطائرات المسيرة التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في الماضي، رغم إظهار الأدلة بوضوح نوعًا من الموافقة والتعاون السريين. وهناك عدد من الأسباب التي تجعل من شبه المؤكد تقديم باكستان المساعدة في هذه الحالة أيضًا.
الأول هو دعم المخابرات. فقد كان للولايات المتحدة ذات يوم بصمة استخباراتية كبيرة في أفغانستان، لكنها فقدت الكثير من تغطيتها عندما انسحبت القوات الأمريكية العام الماضي. وهذا يعني أن وكالة المخابرات المركزية والوكالات الأخرى باتت مضطرة إلى الاعتماد بشكل أكبر على الشركاء المحليين لجمع المعلومات الاستخباراتية، أبرز هؤلاء الشركاء هو جهاز الاستخبارات الباكستاني القوي.
وأشار التقرير إلى أن علاقات المخابرات الباكستانية بطالبان قديمة وعميقة. ويقول ستيف كول "لم تكد القوات الغربية تغادر أفغانستان العام الماضي حتى انطلق قادة المخابرات البريطانية والأمريكية إلى إسلام آباد، مشيرين إلى دور باكستاني أكبر في التعاون الاستخباراتي الإقليمي".
وأوضح التقرير أن مدير وكالة الاستخبارات الباكستانية زار واشنطن في مايو/ أيار للقاء نظيره الأمريكي. علاوة على ذلك، تحدث قائد الجيش الباكستاني قمر باجوا إلى قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل إريك كوريلا قبل غارة الظواهري مباشرة، ودعا نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان للمساعدة في الوصول إلى أموال الإنقاذ من صندوق النقد الدولي، مما أثار الشكوك حول وجود مقايضة.
السبب الثاني لتدخل باكستان المحتمل في هذه العملية يتعلق بالجغرافيا. فالولايات المتحدة تمتلك بنية تحتية كبيرة للطائرات المسيرة في الشرق الأوسط، وأسرع طريق لهذه الطائرات للوصول إلى أفغانستان عبر باكستان. وينطبق هذا بشكل خاص على الرحلات الجوية فوق كابول، القريبة للغاية من الحدود الباكستانية.
من المرجح أن تكون باكستان هي الشريك الوحيدة للقوى الغربية في المنطقة. فلن تكون هذه هي المرة الأولى التي تساعد فيها إسلام آباد الولايات المتحدة في ملاحقة القاعدة. إذ لم تدعم غزو أفغانستان عام 2001 فحسب، بل اعتقلت شخصيات إرهابية بارزة مثل خالد شيخ محمد، رغم أن أسامة بن لادن نفسه قُتل دون مساعدة الحكومة الباكستانية.
السبب الثالث، هو تحسن العلاقات الأمريكية-الباكستانية في الأشهر الأخيرة، مما زاد من احتمالية التعاون في مكافحة الإرهاب.
وبات واضحا أن البلدين يحاولان تنويع علاقتهما بعيدًا عن التركيز السابق على الأمن ليشمل التجارة والرعاية الصحية والتكنولوجيا والطاقة المتجددة. لكن مع خروج الولايات المتحدة من أفغانستان، ستظل باكستان شريكًا مهمًا، وإن كان صعبًا، في مكافحة الإرهاب.
علاوة على ذلك، يعمل الجيش الباكستاني على إصلاح العلاقات مع واشنطن بعد اتهام رئيس الوزراء السابق عمران خان إدارة بايدن بمحاولة "تغيير النظام" لإقالته من خلال تنظيم تصويت بحجب الثقة وفرض "حكومة مستوردة" في وقت سابق من هذا العام. .
عدم اعتراف باكستان بدورها في اغتيال الظواهري هو أمر متوقع. وإثبات التواطؤ مع الولايات المتحدة من شأنه أن يقوي شوكة عمران خان، الذي غالبًا ما ينتقد مشاركة باكستان في العمليات العسكرية الأمريكية.
وخلصت المجلة إلى أن الكثير من الأمريكيين عبروا عن إحباطهم من دور باكستان في الصراع الأفغاني الذي دام عشرين عامًا ولا بد أنهم كانوا يأملون في أن تتمكن الولايات المتحدة من إنهاء هذه العلاقة عند انتهاء الحرب. لكن إسلام آباد تبرز الآن باعتبارها أقري شريك للغرب في مكافحة الإرهاب بين جيران أفغانستان المباشرين.