فلسطين تتأهب لرد "غير مسبوق" على "فخر" بريطانيا بوعد بلفور
السلطة الوطنية والجماهير تتحضر لإجراءات قانونية ومسيرات تستهدف إبراز دور بريطانيا في صناعة معاناة الفلسطينيين
تعتزم السلطة الفلسطينية القيام بعدة إجراءات رسمية وشعبية لمعاقبة بريطانيا على إصرارها إعطاء شرعية لوعد بلفور الذي مكَّن المهاجرين اليهود من احتلال فلسطين.
وقال مسؤول فلسطيني كبير لـ"بوابة العين" إن توجيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الدعوة لنظيرها الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحضور الاحتفالات بمرور 100 عام على وعد بلفور في نوفمبر/تشرين ثان المقبل "أغضب الرئيس محمود عباس، لا سيما أن الدعوة جاءت بعد أن طالب الرئيس الفلسطيني خلال خطاب له بالأمم المتحدة، بريطانيا، بالاعتذار لشعبه في هذه الذكرى".
وكان عباس قال في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2016: "ندعو بريطانيا وفي الذكرى المئوية لهذا الوعد المشؤوم، هذه الصفقة المشؤومة، أن تستخلص العبر والدروس، وأن تتحمل المسؤولية التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائجه، بما في ذلك الاعتذار من الشعب الفلسطيني لما حلّ به من نكبات ومآس وظلم، وتصحيح هذه الكارثة التاريخية، على الأقل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية".
واستناداً إلى المسؤول الفلسطيني- الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- فإنه استغرق من بريطانيا بعض الوقت قبل أن تتواصل مع القيادة الفلسطينية للاستماع إلى موقفها بشأن ما قاله الرئيس عباس في خطابه أمام الجمعية العامة.
وأضاف: "عندما تواصلوا معنا قلنا لهم إنه كخطوة أولى نريد منهم الاعتذار عما حلّ بالشعب الفلسطيني من نكبات نتيجة هذا الوعد"، ولكن "لم يعطوا (البريطانيون) إجابة محددة وقالوا إنهم يدرسون الأمر".
ولفت المسؤول نفسه إلى أن الجانب الفلسطيني فوجئ بدعوة بريطانيا لنتنياهو للمشاركة في الاحتفالات، ولذلك "سارعنا إلى إبلاغ بريطانيا باستيائنا وطلبنا منها إلغاء هذه الاحتفالات".
واليوم الخميس، اتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان وصل بوابة "العين" الإخبارية نسخة منه، بريطانيا بالتصعيد من خلال إصرارها على الاحتفال بمئوية وعد بلفور.
تحرك رسمي وشعبي
وفي القمة العربية التي انعقدت بالأردن، مارس/آذار 2017، قال الرئيس الفلسطيني"إننا بحاجة لدعمكم لمساندة موقفنا حول ضرورة وقف أية احتفالات بريطانية، بذكرى صدور وعد بلفور قبل مائة عام".
وكشف منير الجاغوب، رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة "فتح"، النقاب لبوابة "العين" الإخبارية، عن سلسلة واسعة من النشاطات التي يعد لها الفلسطينيون في يوم 2 نوفمبر/تشرين ثان المقبل، حيث تحل الذكرى المشؤومة.
ومن هذه النشاطات مسيرات جماهيرية ضخمة في كل مدن الضفة، إضافة لتحركات مماثلة أمام السفارات البريطانية في العالم تشارك فيها جاليات عربية ومسلمة بالتنسيق مع السفراء.
كذلك تتعاقد السلطة الفلسطينية مع مكتب قانوني في لندن لمقاضاة بريطانيا حال قيامها فعلاً بالاحتفال بذكرى وعد بلفور.
ما هو وعد بلفور؟
هو الاسم الذي سميت بها الرسالة التي وقّعها وزير الخارجية البريطاني الأسبق أرثر جيمس بلفور في 2 نوفمبر/تشرين ثان 1917، وأرسلت إلى اللورد ليونيلو التر دي روتشيلد، زعيم الجالية اليهودية البريطانية، معلناً فيها دعم الحكومة لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين على حساب السكان الأصليين الفلسطينيين في تلك الأرض.
وكانت فلسطين في ذلك الوقت تحت سيطرة العثمانيين، ولكن الوعد نُفذ فعلاً بعد الانتداب البريطاني بدءاً من عام 1920.
وتم حينها تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتزويد اليهود بالسلاح وصولاً إلى إقامة دولة إسرائيل مع انتهاء الانتداب البريطاني عام 1948.
وتقول دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية إنه حين صدور وعد بلفور "كانت فلسطين أرضاً تبلغ مساحتها حوالي 28،000 كيلومتر مربع، وكانت تقع تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية، مثل العديد من الدول العربية والإسلامية في ذلك الوقت، وكان عدد سكانها حوالي 700.000 نسمة، 90٪ منهم كانوا من الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين الذين سكنوا هذه الأرض منذ آلاف السنين. ومعظم السكان اليهود الموجودين آنذاك يعتبرون جزءاً من السكان الفلسطينيين الأصليين وليسوا صهاينة".
وعلى الرغم من هذا الواقع، اعتبر وعد بلفور غالبية السكان الفلسطينيين "طوائف وتجمعات غير يهودية".
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قالت، أمس الأربعاء، إن بلادها ستحتفل بمرور 100 على وعد بلفور "بافتخار".
ولكن الجاغوب قال لبوابة "العين" الإخبارية إن "إصرارهم على الاحتفال يعني أنهم لم يتراجعوا عن الخطيئة التي تسببوا بها؛ وبالتالي فإذا ما تم اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم فإن عليهم ألا يلوموا أحداً إلا أنفسهم، وعليهم أن يعلموا أن هذا الأمر يثير المسلمين في كل أنحاء العالم، ولبريطانيا مصالح مع الدول الإسلامية وقد تتأثر هذه المصالح".