تصريحات كيري بين التأييد العربي والإدانة الإسرائيلية
تباين ردود الفعل الدولية على كلمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، التي أعلن فيها عن مخطط لبدء عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين.
تباينت ردود الفعل الدولية على كلمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، التي أدلى بها الأربعاء 28 ديسمبر/كانون الأول الحالي، معلناً عن مخطط السلام بين إسرائيل وفلسطين، الذي اعتمد على وثيقة الإطار التي انتهى من إعدادها في مارس/آذار 2014، بعد عدة أشهر من المحادثات مع الجانبين.
إسرائيل تدين وتتهمه كيري بـ"الانحياز"
وندد اليمين الإسرائيلي بخطاب كيري، الذي أكد فيه أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإقامة سلام عادل ودائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، واعتبر أن الفكرة التي يحتويها الخطاب عفا عليها الزمن.
تصريحات كيري تؤيد قسماً كبيراً من المطالب الإسرائيلية، وعلى رأسها أن يشمل كل اتفاق سلام مستقبلي الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية، وأن يكون حل مسألة اللاجئين الفلسطينيين عادلاً وواقعياً، بشكل لا يؤثر على طابع دولة إسرائيل، وأن تقوم كل ترسيم مستقبلي للحدود على احتفاظ إسرائيل بالمستوطنات الكبيرة.
إلا أن المخطط شمل سلسلة من التسويات التي يجب على إسرائيل تقديمها، وفي مقدمتها الاعتراف بأن القدس ستكون عاصمة للدولتين، وأن يكون ترسيم حدود الدولة الفلسطينية على أساس مخطط 1967، مع تبادل للأراضي، بشكل متفق عليه، وبحيث تكون الأراضي المستبدلة متشابهة من حيث المساحة، بجانب الاعتراف بمعاناة اللاجئين الفلسطينيين.
وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى إدانة الخطاب، مشيراً إلى أنه "منحاز ضد إسرائيل"، وحمل بعنف على وزير الخارجية الأمريكي ووصفه بأنه "مهووس" بقضية المستوطنات الإسرائيلية، وأنه بالكاد تطرق إلى أصل الصراع، وهو معارضة الفلسطينيين لأي دولة يهودية ضمن أي حدود.
وجاء ذلك في ظل الأوضاع المتوترة بين إسرائيل وإدارة الرئيس أوباما، خاصة بعد امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن الدولي على قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وللمرة الأولى منذ 1979 لا تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع قرار حول الاستيطان، فيما كانت تساند حليفتها دائماً في هذا الملف الحساس جداً، ما مكن المجلس من تبني القرار، ومع كل ذلك لم تمنع العلاقات المتوترة بين الجانبين حصول إسرائيل قبل أسابيع قليلة على مساعدة عسكرية بقيمة 38 مليار دولار، تمتد لـ10 سنوات.
وأعلن التيار اليميني المتشدد في إسرائيل بوضوح أنه يعول على وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لتحقيق خطته بضم الجزء الأكبر من الضفة الغربية، معتبرين أنه الأمل الذي سيسمح لهم بدفن فكرة إقامة دولة فلسطينية.
وقال وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي، الخميس، في مقابلة مع موقع "واي نت" الإلكتروني، إنه مع تولي ترامب مهام الرئاسة فإن "عهد الدولة الفلسطينية شارف على نهايته"، منتقداً تصريحات كيري، واصفاً إياها بـ"المنفصلة تماماً عن الواقع"، وأشار إلى أنه مع مجيء ترامب فإنه "سيتم إزالة فلسطين عن جدول الأعمال".
وهو ما أظهره ترامب في تغريدات له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" قبل كلمة كيري بساعات، حيث كتب "لا يمكن أن نواصل السماح بمعاملة إسرائيل بمثل هذا الازدراء وعدم الاحترام.. كان لهم دائماً صديق قوي في الولايات المتحدة. ولكن.."، وتابع "لم يعد الأمر كذلك.. بداية النهاية كانت اتفاق إيران البغيض.. والآن هذا "ما حدث في الأمم المتحدة"! ابق قوية يا إسرائيل.. العشرون من يناير يقترب سريعاً" في إشارة إلى موعد توليه رئاسة الولايات المتحدة.
ورد نتانياهو على ترامب في تغريدة شاكراً إياه على بادرته، وكتب "الرئيس المنتخب ترامب، شكراً لك على صداقتك الحارة ودعمك الواضح لإسرائيل!".
رد فعل الجانب الفلسطيني على مخطط كيري للسلام
وجاء رد فعل الجانب الفلسطيني مؤيداً لمخطط السلام الذي أعلنه وزير الخارجية الأمريكي في خطابه الأربعاء 28 ديسمبر/كانون الأول، والذي ستبنى عليه المفاوضات القادمة.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان له "في حال وافقت الحكومة الإسرائيلية على وقف النشاطات الاستيطانية وبما يشمل القدس الشرقية، وتنفيذ الاتفاقات الموقعة بشكل متبادل، فإن القيادة الفلسطينية على استعداد لاستئناف مفاوضات الوضع النهائي ضمن سقف زمني محدد وعلى أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة".
وأضاف عباس أنه يواصل تعاونه الوثيق مع فرنسا بهدف إنجاح المؤتمر الدولي حول الشرق الأوسط الذي سيعقد في 15 يناير/كانون الثاني المقبل. ويفترض أن يؤكد هذا المؤتمر مجدداً دعم الأسرة الدولية لحل الدولتين.
وأشاد وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك ايرولت، بخطاب نظيره الأمريكي الذي دافع عن "حل الدولتين إسرائيل وفلسطين". وقال في بيان "أرحب بالخطاب الواضح والشجاع والملتزم لجون كيري لصالح السلام في الشرق الأوسط وحل الدولتين إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن".
ردود الفعل العربية
ورحبت الدول العربية بخطاب كيري لإيجاد الطريقة السلمية لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي الخميس 29 ديسمبر/كانون الأول، حيث وصفت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية هذه المقترحات بأنها "إيجابية"، وتتسق مع مبادرة السلام العربية وغالبية قرارات الشرعية الدولية، وتشكل الإطار المناسب للوصول إلى حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وطالبت الوزارة الأطراف المعنية -السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية- بالتعامل الجاد والبناء مع المقترحات الواردة في كلمة وزير الخارجية الأمريكي، لما سيكون في ذلك من انعكاسات إيجابية على الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بشكل خاص وأمن واستقرار المنطقة بشكل عام.
كما دعمت الرياض رؤية وزير الخارجية الأمريكي، معتبرة أنها تنسجم مع القرارات الدولية في هذا الخصوص وتشكل "أرضية مناسبة" لبلوغ حل نهائي.
وأضاف مسؤول في وزارة الخارجية السعودية في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الرسمية، أن "المملكة ترى أن المقترحات تتماشى مع غالبية قرارات الشرعية الدولية وعناصر مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية في عام 2002، وقمة مكة الإسلامية في عام 2005"، مشيراً إلى أن هذه المقترحات "تشكل أرضية مناسبة لبلوغ الحل النهائي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي".
وأعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها، الخميس 29 ديسمبر/كانون الأول، دعمها لرؤية كيري، "إن المبادئ التي طرحها كيري "تنسجم في معظم جوانبها مع التوافق الدولي والرؤية المصرية" مع أنها "تحتاج بطبيعة الحال إلى دراسة وتقييم شامل".
وأشارت الخارجية المصرية إلى أن كيري تحدث بشأن جوانب متعددة من تلك الرؤية مع وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الأشهر الأخيرة في إطار تواصله مع الأطراف الدولية والإقليمية الرئيسية، مؤكدة أن إعادة إطلاق عملية السلام بين الطرفين تحتاج إلى جهد كبير خلال المرحلة المقبلة، وأن مصر "تقف على استعداد دائم للمشاركة في هذا الجهد".
ومن جهتها أكدت الحكومة الأردنية، أن رؤية كيري لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني "تنسجم" مع الموقف الأردني "الثابت والمعلن" لحل القضية الفلسطينية، مضيفة أن "إعادة التأكيد على حل الدولتين، ووقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية، وحل قضايا القدس واللاجئين تشكل أساساً ثابتاً لعملية السلام".
aXA6IDE4LjIyNy43Mi4yNCA=
جزيرة ام اند امز