برقيات أمريكية: قطر استغلت حماس لإبعاد مصر والسعودية عن القضية
"ويكيليكس" تكشف عن برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أمريكيون حول نشاطات قطر التي أسهمت في زرع الانقسام الفلسطيني
تستمر بوابة "العين" الإخبارية في استعراض تفاصيل برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أمريكيون في الدوحة عن نشاطات غير مكشوفة للعلن قامت بها قطر وأسهمت في زرع الانقسام وتعميقه في الأراضي الفلسطينية.
وتكشف البرقيات، التي اطلعت عليها بوابة "العين"، عن أن قطر ضغطت على حركة حماس للمشاركة في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006 استجابة لطلب من وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندليزا رايس.
وجاء ذلك على الرغم مما كان متوقعا من أن يؤدي ذلك لانقسامات في الشارع الفلسطيني وصراعات على السلطة لا تصب في صالح وحدة الصف أمام الاحتلال الإسرائيلي.
ويتضح من البرقيات أن قطر كانت تسعى في المرحلة الثانية إلى إقناع حماس الاعتراف بإسرائيل في مسعى منها لإنشاء علاقة استراتيجية بين الدوحة والولايات المتحدة، لإيجاد دور وضرورة لها في المنطقة.
وتكشف البرقيات في هذا الصدد عن أن هدف قطر من كل تلك المساعي هو إقناع الولايات المتحدة بالقبول بها كشريك "صغير وجاد" بدلا من الدول العربية الكبيرة، السعودية ومصر، في إطار محاولتها صنع اسم لها على الساحة الدولية.
ففي برقية سرية في 6 يونيو/حزيران 2005 تنقل عن أمير قطر آنذاك، حمد بن خليفة آل ثاني، قوله لمستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن الداخلي فرانسيس تاونسند: " لقد أمضيت وقتا صعبا مع خالد مشعل لدفعه نحو النظام الديمقراطي، داعيا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى التركيز على الضفة الغربية؛ لأن العقلية الفلسطينية هناك مختلفة".
وتكشف برقية سرية وجهها السفير الأمريكي في الدوحة جوزف لابارون في 15 أبريل/نيسان 2009 إلى المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشيل، عن أن أمير قطر تلقى طلبا من وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس لإقناع حماس بالمشاركة في الانتخابات التشريعية عام 2006.
وجاء في نص الوثيقة: "بعد أن طلبت منه وزيرة الخارجية رايس المساعدة في إقناع حماس بالمشاركة في الانتخابات؛ فقد رفض قطع الدعم المالي لحماس بعد انتصارها".
وكان السفير الأمريكي أكثر تفصيلا في برقية سرية وجهها بعد ذلك بسنوات في 8 فبراير/شباط 2010 إلى وزير خارجية بلاده آنذاك جون كيري؛ حيث كتب: "وفقا للأمير فإن وزيرة الخارجية السابقة رايس طلبت مساعدته لضمان مشاركة حماس في الانتخابات الفلسطينية، الانتخابات التي قال الأمير إنه أبلغ رايس مسبقا بأن حماس ستفوز فيها".
وسبق أن امتنعت حماس عن المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأولى عام 1996، وهو ما جعل قرارها المشاركة في سباق 2006 تحولا بدأت تتكشف خلفياته الآن عبر تلك البرقيات.
وبعد فوز حماس في الانتخابات سعت قطر لتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وصولا إلى اعتراف الحركة بإسرائيل.
ففي برقية سرية وجهتها السفارة الأمريكية في 15 فبراير/شباط 2006 عن فحوى لقاء عشاء لوزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني مع السفير الأمريكي تشيس أنترماير، استمر 3 ساعات، فإن بن جاسم ذكر أن خالد مشعل قال له إن "أمريكا ليست عدونا".
وجاء في نص البرقية: "قال حمد بن جاسم عن حماس (إنهم يعلمون بأن عليهم الحديث مع إسرائيل)، وتلقى لاحقا في المساء نفسه مكالمة هاتفية من وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني واتفق على اللقاء بعد الانتخابات الإسرائيلية، وعن لقائه مع مشعل قال لها: إنهم سيعترفون بكم ولكنهم يريدون منكم الاعتراف بحماس".
وتلفت وثيقة سرية وجهتها السفارة الأمريكية في الدوحة في 21 يناير/كانون ثان 2008 النظر للقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يوم 14 من الشهر نفسه مع أمير قطر، جاء فيها أن" الأمير ضغط على ساركوزي في موضوع حماس، وحثه على اعتبار أن الحركة جزء من نسيج المجتمع الفلسطيني، وأنها شاركت في الانتخابات وفازت فيها، وأن أية محاولة للوصول إلى تسوية بمعزل عن حماس سيكون محكوما عليها بالفشل".
وفي 3 فبراير/شباط 2009 وجّه السفير الأمريكي في الدوحة جوزف لابارون برقية سرية إلى وزارة خارجية بلاده عن نتائج اجتماع له مع وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد المحمود.
وجاء في نص البرقية السرية، التي اطلعت عليها بوابة "العين" الإخبارية: "قال المحمود إن حماس حولت موقفها من المعارضة الشرسة للاعتراف بإسرائيل داخل حدود 1967".
وأضافت: "رأى المحمود أنه لو أن الأصدقاء في الولايات المتحدة دفعوا حماس إلى اتخاذ الخيارات الصحيحة (في وقت سابق) لكنا في وضع أفضل اليوم، من المهم، في رأي قطر، إشراك حماس بالتوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل. إن عزل حماس خطأ، ولن يحقق ذلك".
وفي برقية سرية وجهها لابارون في 15 أبريل/نيسان 2009 إلى المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشيل كتب: "من المرجح أن يقول لك قادة قطر إنهم يؤيدون حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وجهود الوساطة المصرية".
مستدركاً: "من وجهة نظر قطر فإن مصر لن تنجح في جلب تنازلات من حماس، بيد أن حكومة الوحدة الوطنية ستظهر المزيد من المرونة".
وأضاف: "يمكن أن نتوقع من الأمير أن يطرح قضية إشراك حماس (خالد مشعل هو محور متكرر)، مدعيا أن حماس سوف تفسد أي اتفاق تتوصل إليه إسرائيل مع السلطة الفلسطينية إذا لم يكن لها مصلحة في نجاحه".
وفي برقية سرية وجهها السفير الأمريكي بالدوحة في 16 سبتمبر/أيلول 2008 كتب: "يأمل القطريون بدور في مساعدة الولايات المتحدة في إحلال السلام الدائم في المنطقة ويقولون إن الدول الكبرى، مثل المملكة العربية السعودية ومصر، كانت بطيئة في تحقيق أي شيء مفيد بالشراكة معنا".
ويتضح أن قطر سعت لإحداث تغيير في موقف حماس من إسرائيل من أجل تعزيز شراكتها مع الولايات المتحدة.
ففي برقية سرية وجهتها السفارة الأمريكية في الدوحة في 10 أغسطس/آب 2009 عن لقاءات مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية ألكساندر فيرشباو مع رئيس أركان الجيش القطري حمد العطية، وولي العهد تميم بن حمد آل ثاني جاء: "أشار مساعد وزير الدفاع إلى أن قطر في وضع يسمح لها بالتأثير على حماس؛ إذا ساعدت قطر على إحداث تغيير في سلوك حماس، فإنه يمكن أن يعزز ذلك العلاقة الاستراتيجية الأمريكية–القطرية، وتعهد رئيس الأركان القطري بنقل هذه الرسالة إلى الأمير وولي العهد".