قطر في برقيات "ويكيليكس".. مديح "ليفني" وخدعة "إغلاق" مكتب إسرائيل
بوابة "العين" الإخبارية تواصل عرض برقيات سرية أمريكية عن علاقات غير مكشوفة للعلن بين إسرائيل وقطر.
تستمر بوابة "العين" الإخبارية في عرض برقيات سرية كتبها دبلوماسيون أمريكيون في العاصمة القطرية الدوحة وفي السفارة الأمريكية بتل أبيب عن علاقات غير مكشوفة للعلن بين إسرائيل وقطر.
كما تشير الوثائق إلى أن بعض الانتقادات التي كانت تشنها قناة "الجزيرة" القطرية ضد إسرائيل، أو دعوة قطر لعقد مؤتمرات عربية وإسلامية للتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية في غزة لم تكن إلا بغرض تقديم نفسها كـ"بطلة للعرب" في منافسة محمومة من جانبها لمصر ودول الخليج، وخاصة السعودية.
فتكشف البرقيات المنشورة في موقع التسريبات "ويكيليكس" النقاب عن أنه على الرغم من إعلان قطر إغلاق مكتب التمثيل الإسرائيلي في الدوحة لتسهيل انعقاد قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في شهر يناير/كانون ثان 2009، إلا أن المكتب لم يغلق وبقي الموظفون الإسرائيليون فيه كالمعتاد.
كما تكشف البرقيات، التي اطلعت عليها بوابة "العين"، أن قمة الدوحة حول الحرب الإسرائيلية على غزة التي انعقدت في 16 يناير/كانون ثان 2009، لم تهدف إلى خلق جبهة عربية معادية لإسرائيل -كما كان معلنا- وإنما لإظهار قطر كبطلة للعرب.
واستشهدت البرقيات على ذلك بأنه كان هناك تركيز ضئيل جدا على الولايات المتحدة أو انتقاد لها في الكلمات التي ألقيت في القمة.
خدعة غلق المكتب التجاري
وفيما أعلنت قطر عن تجميد مكتب التمثيل الإسرائيلي، فإن برقية سرية أمريكية، اطلعت عليها بوابة "العين" كذلك، كشفت أن قطر عرضت، بعد أقل من شهر، على إسرائيل إعادة فتح المكتب، ولكن الأخيرة رفضت هذا العرض.
وتبرز البرقية أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك، تسيبي ليفني، قدّرت دعوة قطر لها لزيارة الدوحة في العام 2008 "في وقت لم يفعل فيه معتدلون عرب آخرون أي شيء ملموس لدعمها سياسيا".
ووفق برقية سرية كتبتها السفارة الأمريكية في الدوحة في 12 يناير/كانون ثان 2009 فإنه خلافا لإعلان الدوحة إغلاق مكتب التمثيل الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين ثان (قبل القمة) فإن الإغلاق لم يتم فعلا.
وجاء في نصها "أعلنت قطر إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي في 9 نوفمبر 2009 من أجل إبقاء ترتيبات عقد قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في الدوحة على المسار الصحيح، غير أن المكتب التجاري لم يغلق أبدا بشكل فعلي".
وفي الواقع، فإن الموظفين الإسرائيليين استمروا بالتواجد في قطر، مع الحفاظ على مكانة منخفضة، إلى حين استؤنفت عمليات المكتب العادية".
ورأت البرقية أن "العلاقة (مع إسرائيل) مفيدة جدا لدولة قطر؛ فهي تساعد قطر على البقاء في اللعبة الدبلوماسية الإقليمية".
هدف عقد القمتين الإسلامية والعربية 2009
كما تحدثت برقية سرية أخرى كتبتها السفارة الأمريكية في الدوحة في يناير/كانون ثان 2009 عن أن الهدف من المؤتمر الذي عقدته قطر حول غزة خلال حرب 2009 لم يهدف إلى خلق جبهة عربية معادية لإسرائيل وإنما لإظهار قطر كبطلة للعرب، مشيرة إلى أن المؤتمر أخفق في تحقيق النصاب القانوني المطلوب.
وجاء في نصها "بفشلها في تحقيق النصاب القانوني لعقد قمة عربية طارئة، فإن قطر مضت قدما بما تمكنت من الحصول عليه: تجمع دولي شمل المتشددين، وجماعات الرفض، والجماعات الإرهابية".
ولفتت البرقية الأمريكية إلى أنه "من الواضح أن قمة الدوحة الطارئة في 16 يناير ، لم تهدف إلى محاولة خلق موقف عربي موحد حول العملية الإسرائيلية في غزة، لقد كانت القمة المقتطعة تعبيرا عن المشاعر القطرية والأنا (الذاتية) والأيديولوجية".
وأضافت: "لدى القيادة القطرية أيضا الثقة المتنامية، وإذا لزم الأمر، المهارات والأدوات والموارد، والتأثير لقيادة رد عربي فعال على القتال في قطاع غزة، وفي وضع نفسها في قيادة هكذا موقف فإن قطر تعتقد أنها ستحسن مكانتها في الرأي العام العربي، وينظر إليها باعتبارها بطلة العرب".
ولاحظت أنه "إذا ما كانت هناك بطانة فضية للقمة، فهي: كان هناك تركيز ضئيل جدا على الولايات المتحدة أو انتقاد لها، على الرغم من وجود الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وغيره من المتشددين المعارضين لسياسات الولايات المتحدة".
ورأت البرقية أنه "يجب أن نبدأ بعناية مع القيادة القطرية في دفع قطر إلى سياسة المشاركة والوساطة الإقليمية الواسعة بما يجعلها قريبة منا"، لافتة إلى أن " السفارة (الأمريكية) في الدوحة ستعرض في برقية منفصلة خلال شهر فبراير/شباط خطة للمساعدة في تحقيق ذلك".
وفي هذا الصدد، ففي برقية سرية في 13 فبراير/شباط 2009 كتبت السفارة الأمريكية بتل أبيب أن قطر قدمت عرضا لإسرائيل بإعادة فتح مكتبها في الدوحة ولكن الأولى رفضت هذا العرض.
وقالت إن نائب مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية يعقوف هداس أبلغ الطاقم السياسي في السفارة الأمريكية يوم 12 فبراير/شباط 2009 أن قطر عرضت على بلاده إعادة فتح مكتب التمثيل في الدوحة والذي تم تجميده إثر الحرب على غزة.
وجاء في نص تلك البرقية: "قال هداس إن القطريين عرضوا على إسرائيل إعادة فتح المكتب التجاري، ولكن من خلال موظفين محليين، على أن يزور دبلوماسيون إسرائيليون المكتب مرة كل شهر".
أما الرد على ذلك فنقله هداس بأن إسرائيل "أبلغت القطريين في وقت سابق أنها لن تستمر في القيام بالأعمال كالمعتاد مع استمرار التجميد".
وأضافت: "قال هداس إن إسرائيل لن تتسرع في رفض العرض القطري بشأن المكتب التجاري، على الرغم من أنها تعتبره غير مقبول، بدلا من ذلك، سوف تنتظر الضغط على الشيخ حمد".
ويبدو أن إسرائيل كان تريد أن يكون إعادة فتح المكتب بشكل معلن وكامل، وليس من وراء ستار.
وفي هذا الصدد، ذكرت البرقية الأمريكية أن "هداس أكد على أن العرض القطري تم تنسيقه مع الولايات المتحدة وأنه يتعين على واشنطن أن تفهم أن تل أبيب تسعى لاستعادة كامل وجودها الدبلوماسي الصغير ولكن المهم في الدوحة".
حاجة إسرائيل لانتهازية قطر
وبحسب البرقية، فقد أشار هداس إلى أنه "على الرغم من الإجراءات القطرية- بما في ذلك دعاية (قناة) الجزيرة المؤيدة لحماس، تجميد العلاقات، واستضافة اجتماع في الدوحة خلال العملية (الحرب) على غزة، والجهود القطرية الرامية إلى تقويض مصر من خلال التخطيط لاستضافة مؤتمر مواز لإعادة إعمار غزة، فإن وزارة الخارجية الإسرائيلية تعتقد أن الشيخ حمد هو في الأساس انتهازي لديه أفكار ثانية".
وللاستفادة من هذه "الانتهازية" استمرت إسرائيل في علاقتها بقطر بعد ذلك؛ لأنها تعلم أن أية انتقادات قطرية علنية لها مجرد دعاية لأمير قطر.
وأضافت البرقية: "قال هداس ليس الجميع في إسرائيل يعتقدون أن قطر قضية خاسرة"، مضيفا أن "(وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك) تسيبي ليفني لا تزال تقدر دعوة قطر لها لزيارة الدوحة العام الماضي في وقت لم يفعل فيه معتدلون عرب آخرون أي شيء ملموس لدعمها سياسيا".
وكانت الدول العربية وجهت انتقادات حادة إلى ليفني التي سعت إلى محاولة تبرير الحرب على غزة في العام 2008-2009 في وقت كانت فيه شريكة في القرار من خلال عضويتها في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) الذي يتخذ قرارات السلم والحرب.
وكان وزير الخارجية المصري في ذلك الوقت، أحمد أبو الغيط، والأمين العام لجامعة الدول العربية حاليا، تحدث في لقاء مع قناة "روسيا اليوم" عام 2014 عن خلفيات الموقف القطري من العدوان الإسرائيلي على غزة، وأسباب دعوتها لعقد قمة عربية طارئة، بما يتوافق مع ما جاء في برقيات "ويكيليكس".
وقال إن "قطر ليس من تفعل ذلك"، أي ليست من تتخذ قراراتها، "بل من هم من وراء قطر"، مشيرا إلى أن هناك "هدف غربي لاستخدام طرف صغير اسمه قطر عنده إمكانيات مالية هائلة وعدد سكان محدود للغاية ورغبة محمومة من قبل أمير أن يكون لقطر اسم".
وردا على سؤال عن أن قطر حاولت أن تتصرف بطريقة تظهرها أنها أفضل من بقية الدول العربية، وقامت بطرح عقد القمة العربية الطارئة دون التشاور مع بقية الدول العربية، خاصة الكبار، قال أبو الغيط إن من يقرأ السياسة القطرية بدقة يعرف أنهم لجأوا لفكرة الدعوة لعقد القمة العربية لنشر فكرة أن قطر هي "بؤرة العمل العربي".
وبحسب أبو الغيط فإن قطر كان هدفها إحراج العرب بطلب قطع العلاقات مع إسرائيل، خاصة مصر والأردن اللذين لهما اتفاقيات سلام معها، وليس من السهل إلغاؤها في ظرف طارئ.