أسبوع فلسطين.. أزمة هدم منازل بالقدس وانشغال حماس بإيران
فادي الهدمي وزير شؤون القدس قال: "إن ما قامت به إسرائيل في وادي الحمص ضربة لكل الأعراف والقوانين الدولية حتى الاتفاقات الموقعة"
دفع هدم إسرائيل، بداية الأسبوع، عشرات الشقق السكنية في وادي الحمص ببلدة صور باهر، جنوب القدس، إلى تطورات درامية في العلاقة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) بادر بالدعوة إلى اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية، الخميس، وأعلن في ختامه "قرار القيادة وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي والبدء بوضع آليات تشكيل لجنة لتنفيذ ذلك".
وعد أبومازن ما جرى تطهيرا عرقيا، وقال: "إن هذا الأمر لا يمكن تصنيفه إلا باعتباره تطهيرا عرقيا وجريمة ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عليها، وعلى الرغم من أن مسألة التطهير العرقي انتهت من كل العالم بعد جنوب أفريقيا فإنها بقيت الآن في إسرائيل برعاية أمريكية".
وكان أبومازن يشير بذلك إلى إحباط الولايات المتحدة الأمريكية صدور بيان عن مجلس الأمن الدولي يدين هدم إسرائيل أكثر من 70 شقة سكنية في وادي الحمص بعد أن أيدت 14 دولة في مجلس الأمن صدور البيان.
وقال فادي الهدمي وزير شؤون القدس لـ"العين الإخبارية": "إن ما قامت به إسرائيل في وادي الحمص هو ضربة لكل الأعراف والقوانين الدولية حتى الاتفاقات الموقعة خاصة أن المنازل تقع ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وهي حاصلة على تراخيص بناء من السلطة".
وأضاف أن إسرائيل أقدمت "على جريمة الهدم بعد أيام قليلة من وصول عشرات القناصل والسفراء الغربيين وممثلي الأمم المتحدة إلى المنطقة وإعلانهم الصريح رفض قرار الهدم ودعوتهم العلنية للحكومة الإسرائيلية للتراجع عن قرارها".
وتابع الهدمي: "بالتالي فإن ما فعلته إسرائيل هي أنها قالت للعالم إنها فوق القانون الدولي وفوق المساءلة وأنها تضرب عرض الحائط بمواقف المجتمع الدولي والاتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير الفلسطينية".
واعتبر الهدمي أعمال الهدم الإسرائيلية "سياسة ترانسفير وتطهيرا عرقيا"، مشددا على أن "إسرائيل تعمل على تهجير الفلسطينيين من أرضهم عبر هدم منازلهم تحت حجج واهية وهي في هذه الحالة قرب المنازل من جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية رغم قرار محكمة العدل الدولية بأن الجدار غير قانوني".
واستندت إسرائيل في مضيها قدما بقرار الهدم إلى موقف داعم من الولايات المتحدة الأمريكية.
ولم تكتفِ الإدارة الأمريكية بالصمت عن عملية الهدم وإنما قال مساعد الرئيس الأمريكي جيسون غرينبلات في تغريدة على حسابه في "تويتر": "إن أعضاء مجلس الأمن الدولي أرادوا إدانة إسرائيل على هدمها مباني تعدها خطرا أمنيا على مواطنيها".
وفي هذا الصدد، قال خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية لـ"العين الإخبارية"، إن إسرائيل تعد وجود الإدارة الأمريكية الحالية فرصة ذهبية لتنفيذ مخططاتها ضد الفلسطينيين.
وقال: "إنه لدى إسرائيل مخطط للسيطرة على القدس والأراضي الفلسطينية وقد جاءت الإدارة الأمريكية لتعجل تنفيذ هذا البرنامج بدءا من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها ورفض اعتبار الضفة الغربية أرضا محتلة وإنما منطقة متنازع عليها".
وأضاف التفكجي أن إسرائيل تعد المرحلة الحالية فرصة ذهبية لتسرع الاستيطان دون أن يكون هناك أي موقف رادع من الولايات المتحدة الأمريكية، خلافا للإدارات السابقة، وفي ذات الوقت تعمل على تهجير السكان الفلسطينيين من خلال أوسع سيطرة ممكنة على الأرض.
حماس تتغزل بالنظام الإيراني
ووسط الحراك السياسي الفلسطيني على المستوى الدولي لإثارة الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس كان المكتب السياسي لحركة "حماس" منشغلا بمحاولة استرضاء النظام الإيراني.
فقد قال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس": "إن حركته تقف في الخطوط الأمامية للدفاع عن إيران"، مشيرا إلى أن مسارا واحدا يجمع الحركة ونظام طهران.
تصريحات العاروري، التي أثارت ردود فعل فلسطينية غاضبة، جاءت خلال لقائه المرشد العام لإيران علي خامنئي في العاصمة طهران.
وفي إشارة إلى استعداد "حماس" للعمل كأداة في يد إيران، أضاف العاروي أن "المقاومة تستطيع ضرب أي نقطة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وجميع المراكز الإسرائيلية الرئيسية والحساسة".
تصريحات العاروري جاءت في وقت برزت فيه تقديرات إسرائيلية بأن حماس والجهاد الإسلامي سيكونان رأس الحربة في أي صراع مقبل بين إسرائيل وإيران بسبب البرنامج النووي للأخيرة، حيث ستسعى طهران لتجنب مواجهة مع إسرائيل على أراضيها وتحويلها إلى أراضٍ أخرى بينها فلسطين.
وأثارت التصريحات ردود فعل فلسطينية غاضبة بعد أن أثبتت "حماس" من جديد أنها تتهرب من المصالحة الفلسطينية مقابل استعدادها حتى لدفع الفلسطينيين إلى المواجهة مع إسرائيل مقابل علاقتها مع إيران.
وفي هذا الصدد رأى المحلل السياسي الفلسطيني عبدالمجيد سويلم أن توجه "حماس" إلى إيران تعبير عن إفلاس وأزمة سيكون من شأنها الإضرار بالقضية الفلسطينية.
وقال سويلم لـ"العين الإخبارية": "إن الاستراتيجية الحقيقية لحركة حماس، بغض النظر عن التصريحات الإعلامية الصادرة عن قادتها، هي الحفاظ على قطاع غزة تحت حكم حماس ولا شيء آخر، وبالتالي هم ليسوا على استعداد للذهاب إلى المصالحة الفلسطينية، وإذا ما أعلنوا قرارهم بالذهاب إلى مصالحة فإنهم يريدونها مصالحة تبقي على سيطرتهم على غزة وهو أمر غير ممكن عمليا".
وأضاف أن "تصريحات المسؤولين في حماس عن رغبتهم بالمصالحة أو السعي لتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني هي مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامي فهم من جهة يناورون من خلال ادعاءاتهم للجانب المصري بأنهم راغبون بالمصالحة مع السلطة الفلسطينية والتهدئة مع إسرائيل ومن ناحية أخرى يتوجهون إلى إيران ويدلون بهذه تصريحات؛ فأي حماس نصدق؟".
وتابع سويلم: "في حقيقة الأمر فإن توجههم إلى إيران يأتي أيضا في سياق رغبتهم بالإبقاء على سيطرتهم على قطاع غزة من خلال الدعم المالي الإيراني ولكن لهذا التوجه ثمنه أيضا فإيران لا توزع الأموال بالمجان وهناك مقابل لكل دولار تنفقه".
وأشار سويلم إلى أن "ما قد يبدو تناقضا في سياسة حماس هو في حقيقة الأمر انعكاس للأزمة التي تعيشها الحركة، فهي تريد الاحتفاظ بسيطرتها على غزة ولكن إذا ما أرادت الحصول على أموال طهران فإنها لن تستطيع تحقيق المصالحة الفلسطينية فضلا عن أنها بذلك ستخلق شرخا في العلاقة مع مصر ودول الإقليم".
وقال: "إن التناقض يبرز بشكل جلي عبر التصريحات التي سمعناها في إيران ومقارنتها مع سعي حماس إلى التهدئة المذلة مع إسرائيل بأي ثمن، خاصة أنه اتضح أن إسرائيل لا تقبل بأكثر من الهدوء مقابل الهدوء، فكيف يعقل أن نسمع تصريحات نارية في إيران وعلى أرض الواقع اتفاقات مذلة مع إسرائيل؟".
واعتبر سويلم أن وضع حماس لنفسها في المحور الإيراني هو أمر خطير جدا على القضية الفلسطينية، وقال "هذا خطير للغاية وكان من الأجدى على حماس أن تتجه إلى المصالحة الفلسطينية وأن تتبنى الموقف الرسمي الفلسطيني بألا يكون الفلسطيني في أي محور معادٍ للعرب لأنه سيعكس نفسه سلبا على القضية الفلسطينية العادلة".
وأضاف سويلم "أن لدى حماس خيارا واحدا وهو التوجه إلى المصالحة الفلسطينية ولكن يبدو أن هذا الخيار هو أضعف الخيارات بالنسبة لهم".
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA== جزيرة ام اند امز