صور.. الفلسطيني بلال يستر النفوس والجدران بلوحات الحروف العربية
من أوروبا إلى أفريقيا، وفي عدة عواصم وأماكن، حلق الفنان الفلسطيني بلال خالد ليحيك بخطوط اللغة العربية أجمل اللوحات والجداريات.
وبعد 5 سنوات من الغربة عاد بلال خالد إلى موطن رأسه في خان يونس جنوب قطاع غزة، ليعش مع شعبه أجواء التصعيد خلال عملية "حارس الأسوار" التي دفعته ليترك بصمته على مبانيها المدمرة كشاهد على إرادة الحياة والبقاء.
يقول: "لم أتخيل أن يكون العيد الأول لي في غزة بعد 5 سنوات من الغربة بهذا المنظر، لكن قدرنا ألا نترك غزة وحدها في محنتها".
رحلة الفن
يروي بلال لـ"العين الإخبارية" رحلته مع الفن قائلاً: "أمارس فن الخط العربي، وفن الجرافيتي منذ أكثر من 15 عاماً تقريبا. بدأ هذا الفن من صغري من احتكاكي بالخطاطين المحليين في قطاع غزة حيث نشأت في المحلات التجارية لصناعة اللوحات الإعلامية بالخط العربي عندما كان عمري تقريبا 14 سنة".
وبدأ اهتمام بلال بفن الجرافيتي وفن الشارع بشكل أكبر بعد المرحلة الجامعية وحاول أن يكون من أوائل الناس الذين أدخلوا فن الجرافيتي إلى فلسطين.
وصنع بلال لنفسه أسلوبًا خاصًّا بكتابة الخط العربي على الجدران وعلى السيارات وعلى الأزياء والملابس، ويقول: "صنعت هوية خاصة لأسلوبي في الخط العربي في إدخاله على جميع مستلزمات الحياة".
وتبدو الحروف لينة طيعة بين أصابع بلال وهو يعيد تشكيلها بأحجام مختلفة لتتحول إلى لوحات فنية مبهرة.
مشاركات عالمية
وحول أهم مشاريعه الفنية يبين الفنان الفلسطيني، أنه جاب العالم وكانت له بصمته في أوروبا تحديدًا في بلجيكا، ورسم في مصر ودبي وزيمبابوي وكذلك السودان والصومال والسعودية، وأذربيجان، وأماكن خرى في العالم إضافة إلى فلسطين.
وأشار إلى مشاركته في معارض جماعية في باريس وأمريكا وبريطانيا وفي العديد من الدول حول العالم، ليكون سفيرًا للفن الفلسطيني العربي.
وتتعدد الخامات التي يستخدمها الفنان بلال في أعماله لكنه يشير إلى أن الخامات المستخدمة في غزة بدائية وليست مخصصة لفن الجرافيتي، "ولكن هذا الموجود بسبب قلة الموارد بفعل الحصار الواقع على قطاع غزة"، على حد تعبيره.
يبدو بلال فخورًا بأسلوبه الخاص وهويته في تحويل الخطوط إلى لوحة فنية يقول: "أحببت أن أكتب بالخط العربي لأنه لغتنا الأم وسحرها وجمالها الخاص، وكما قال بيكاسو: "أينما وصلت في الفنون أجد الخط العربي سبقني إليها".
ثقافة الخط العربي
وأكد أنه يحاول نشر ثقافة الخط العربي اليدوي من خلال ما يخطه على الجدران للناس ليستمتعوا بسحر جماليات هذا الخط كذلك لتذكيرهم بالعودة إلى الكتابة اليدوية.
وأشار إلى أهمية العودة إلى البوص والقلم لكتابة الخطوط العربية بعد ظهور التكنولوجيا وانغماس الناس في البرامج الرقمية والكمبيوترات.
ينتقي بلال كلماته بعناية، فهو وإن كان يستخدم جميع الحروف العربية في تزيين لوحاته، لكنه يقول إن العديد من اللوحات يكون لها مضمون خاص حسب المكان وحسب الحدث مثلا اللوحة الأخيرة في قطاع غزة كتب فيها "الروح التي تقاتل فينا".
وفي الصومال كتب "ربي اجعل هذا البد آمنا وارزق أهله من الثمرات" على حائط منزل مدمر بفعل الحروب الأهلية التي يعيشها الصومال والمجاعات التي تعيشها هذه الدولة الفقيرة.
وفي زمبابوي كتب "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" وهي دعوة لإنهاء التمييز العنصري بين ذوي البشرة السوداء لذلك كل لوحة لها مضمون خاص.
الروح المقاتلة
وبخصوص لوحته الأخيرة في قطاع غزة فأوضح أن مضمونها "اللي بتقاتل فينا هي الروح"، مشيرًا إلى أنه كتبها على شارع الجامعات، الذي قصفته إسرائيل في الحرب الأخيرة.
واستغرق إنجاز الجدارية 4 أيام من العمل الشاق وكانت بطول 50 متراً، وارتفاع 7 أمتار في شارع الثلاثيني الذي قصفته إسرائيل.
وقال: "حاولنا أن نحيي هذه المنطقة أو نوجد شيئاً جمالياً فيها بعد تدمير هذا الشارع؛ وهي رسالة تثبيت لصمود أبناء فلسطين وتأكيد أن أرواح هؤلاء الناس هي التي تقاتل، أرواح الفنانين، أرواح الصحفيين، أرواح الأطباء ورجال الدفاع المدني، وأرواح المزارعين، وأرواح كل فئات المجتمع سواء من النساء والرجال وكبار السن والأطفال".
أنماط فنية
وعقب عملية حارس الأسوار، ترك بلال بصمته في الكثير من مواقع القصف، فعلى أطلال برج الجلاء (الذي يعرف برج الصحافة والإعلام) كتب على أنقاضه "الصحافة ليست جريمة".
كما صنع من آلة الدمار لوحة فنية، عندما كتب عبارات مزخرفة على صاروخ لم ينفجر أطلقته الطائرات الإسرائيلية على أحد المنازل.
وعمّا إذا كان لديه أنماط فنية أخرى، أشار إلى أن لديه العديد من اللوحات الرقمة ورسم الوجوه، إلى جانب عمله كمصور صحفي، حيث لديه العديد من الصور التي انتشرت حول العالم من حروب غزة وحروب سوريا ومن أزمة اللاجئين في أوروبا وفي اليونان وفي حرب أذربيجان وأرمينيا والعديد من الصور التي انتشرت حول العالم من هذه الأماكن الساخنة.
وعن سبل تطوير فن الجرافيتي في غزة، قال: الآفاق للاهتمام بهذا الفن تعتمد على المجهودات الشخصية والفردية بشكل أساسي، وقدر الاستطاعة نحاول نشر هذا الفن ولو على حسابنا الخاص، لأنه حتى الآن لا يوجد جهة تمول فناني الجرافيتي أو فناني الشارع في قطاع غزة.
وللفنان بلال عمل فني لقى صدى كبيرا منذ عام 2015 عندما رسم أكبر جدارية في فلسطين على برج الظافر 9، والبرج الذي تم تضرره بفعل الحرب عام 2014.
وقال: رسمنا صورة طفلة خلف قضبان حديدية وهي كانت ترمز إلى الطفولة المحاصرة في قطاع غزة، وانشتر هذا العمل بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
aXA6IDE4LjExOC4xNjIuOCA= جزيرة ام اند امز