الحطاب.. فلسطيني يواجه "سواد" الواقع في غزة بسواد الفحم
لمواجهة سواد الظروف المعيشية بغزة، يعمل الفلسطيني طه الحطاب 13 ساعة يوميًّا يكتسي فيها باللون الأسود خلال عمله في صناعة الفحم.
ومن حي الشجاعية شرق غزة، يشق الحطاب (60 عاما) طريقه إلى مفحمته الخاصة التي تصارع للبقاء بعدما توارثها أبًّا عن جد، ليكتسب منها رزقه هو ومجموعة من العمال.
منذ 45 عامًا بدأ أبو أشرف عمله في صناعة الفحم وهي المهنة التي ورثها أبًّا عن جد وبقي محافظا عليها ليصبح واحدا من أقلية بقوا متمسكين بالمهنة في قطاع غزة.
مهنة متوارثة
يقول الحطاب الفلسطيني لـ"العين الإخبارية": "من والدي ورثت هذه المهنة قبل 45 عاما، وهو ورثها عن والده وأجدادي الذين عملوا بها في مدينة يافا".
ويؤكد أنه أحب هذه المهنة رغم أنها متعبة وشاقة "يكفي أننا نعمل بعرقنا وشرفنا"، ونقدم لمجتمعنا احتياجه من الفحم النباتي وهو أكثر جودة من الفحم المستورد الذي زاد الاعتماد عليه مؤخرا.
يلف الحطاب رأسه بحطة بيضاء تتحول في نهاية يوم عمل شاق إلى الأسود كما ملابسه وملامح وجهه التي حفرت فيها الأخاديد التي ظهرت واضحة رغم لحيته البيضاء التي غزاها الشيب.
مراحل صناعة الفحم
يروي أبو أشرف مراحل صناعة الفحم مبينا أنها تبدأ بتجميع الحطب من الأراضي والتي عادة تكون من أشجار الجوافة والحمضيات، مشيرا إلى أنهم يشترونها من أصحاب الحقول، ثم تبدأ المرحلة الثانية في قصها إلى قطع بطول معين يسهل نقله وتجميعه، داخل الأرض المخصصة للفحم والبعيدة نسبيا عن التجمعات السكنية.
ويضيف أنه بعد ذلك يجري ترتيب القطع الخشبية على شكل هرم محاط بالقش والرمل بطريقة لا تسمح بدخول الأكسجين إليها.
وبعد صناعة التلال الهرمية من القطع الخشبية بمساعدة العمال، يجري حرقها عبر فتحة صغيرة داخلها تكون مهيأة لهذا الغرض.
يبين أنه بعد حرق الأخشاب تترك 21 يوما لتتفحم، ثم يجري تنظيفها وتعبئتها بأكياس تمهيدا لمرحلة التسويق.
ووفق أبو أشرف؛ فإن أصعب وأشق المراحل هي مرحلة التعامل مع الفحم بعد حرقه حيث يجري تنظيفه وفصله عن الرمل وتعبئته.
ويؤكد الحطاب الفلسطيني أن الفحم النباتي المصنع محليا أفضل جودة من الفحم الصناعي المستورد، مشيرا إلى أن مفحمته تنتج نحو 80 طناً سنوياً، في حين يستهلك القطاع آلاف الأطنان.
ويشير إلى أن سوء الأوضاع الاقتصادية في غزة، وتفضيل الناس للمستورد قلل حجم الاستهلاك على الفحم الذي يصنعونه.
ويؤكد أن انتعاش الأوضاع والحركة النشطة في المطاعم والمقاهي يزيد من استهلاك الفحم، أما الركود فيلحق بهم أيضا.