مركز فلسطيني: قضاء إسرائيل يحمي مجرمي الحرب
مركز الميزان لحقوق الإنسان يقول رغم أن محاكمة جندي على القتل هي نادرة، فإن الحكم الضعيف يعزز قاعدة مشاركة القضاء في حماية المتهمين
اعتبر مركز حقوقي فلسطيني أن الحكم الذي أصدرته محكمة إسرائيلية على جندي إسرائيلي قتل طفلا فلسطينيا شرق غزة دليلا على فشل النظام القضائي الإسرائيلي في تحقيق العدالة، واستمراره في حماية المتهمين بارتكاب جرائم الحرب.
وأصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية، في 28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حكما بحق الجندي الإسرائيلي المُتهم بقتل الطفل عثمان رامي حلس "14 عاما" بعيار ناري في الصدر أثناء مشاركته في مسيرات العودة شرق محافظة غزة في 13 يوليو/تموز 2018، بالسجن الفعلي لمدة 30 يوما و60 يوما مع وقف التنفيذ وتخفيض رتبته.
وقال مركز الميزان لحقوق الإنسان في بيان، الأربعاء، "رغم أن محاكمة جندي على القتل هي من الأفعال النادرة، فإن الحكم يعزز القاعدة، وهي مشاركة القضاء في حماية وتحصين المتهمين بارتكاب جرائم حرب".
وشدد على أن حكم المحكمة العسكرية يقدم دليلا إضافيا على فشل النظام القضائي الإسرائيلي في تحقيق العدالة، ورأى في حكمها سندا موضوعيا لإعمال مبدأ الولاية التكاملية لقضاء المحكمة الجنائية الدولية، على اعتبار أن القضاء الإسرائيلي فشل في توفير الحماية للضحايا، ويفتقر لمعايير النزاهة والحياد ومبدأي المساءلة والمحاسبة.
وأشار المركز الحقوقي إلى أنه تقدم بصفته ممثلا قانونيا عن الضحية في 4 سبتمبر/أيلول بطلب فتح تحقيق بالحادث للمدعي العام العسكري الإسرائيلي، مُدعما بأدلة الإثبات التي حصل عليها، وبدأت على إثره الشرطة العسكرية الإسرائيلية بالتحقيق، واستدعت والد الضحية لمعبر بيت حانون "إيرز"، للإدلاء بشهادته في مارس/آذار.
وتلقى المركز، الثلاثاء، بلاغا من النيابة العسكرية الإسرائيلية جاء فيه "نود إبلاغكم أن التحقيق انتهى، وتم تحويل نتائج التحقيق إلينا، بعد فحص الشواهد والأدلة، وجلسات الاستماع لوكيل الجندي الذي أطلق النار، وعليه تم تقديم لائحة اتهام ضده لمخالفته - الصلاحيات والمادة سالفة الذكر".
وبحسب توثيق المركز، فقد بلغت حصيلة من قتلتهم قوات الاحتلال، في مسيرات العودة منذ انطلاقها في 30 مارس/آذار 2018، 214 من بينهم 46 طفلا وسيدتان و9 من ذوي الإعاقة و4 مسعفين وصحفيان اثنان.
القتل العمد
وبين مركز الميزان لحقوق الإنسان أنه وفقا للأدلة التي بحوزته، فإن جريمة قتل الطفل حلس من قبيل جرائم القتل العمد التي تقتضي إنزال عقوبة أشد بحق الجندي المُدان من تلك التي حكمت بها المحكمة العسكرية الإسرائيلية.
ورأى في الحكم المذكور الذي اعتبر الجريمة الواقعة مخالفة وليست جناية مؤشرا على استمرار سياسة إفلات الجناة من العقاب، ودليلا إضافيا على افتقار القضاء الإسرائيلي للقدرة على حماية الضحايا ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، بل وتوفير الغطاء القضائي للجنود الإسرائيليين في قتل المتظاهرين.
وأكد أن الحق في الحياة والسلامة الجسدية مكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن استمرار قوات الاحتلال في استهداف المشاركين السلميين في مسيرات العودة وسقوطهم ما بين قتيل وجريح، يُشكل انتهاكا جسيما لجوهر الحماية التي وفرها القانون الدولي للأفراد دون تمييز.
وطالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بسرعة فتح تحقيق في الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ترتكبها قوات الاحتلال، ومحاسبة مقترفيها ومن أمروا باقترافها.
جرائم حرب
وقال ياسر عبدالغفور نائب مدير وحدة البحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لـ"العين الإخبارية": "إن هذا الحكم هو الأول من نوعه منذ انطلاق مسيرات العودة"، ورأى أنه يدلل مجددا على أن القضاء الإسرائيلي يشكل غطاء على جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين.
وأشار إلى أن الحكم يعكس حقيقة التمييز العنصري في أحكام القضاء الإسرائيلي، ففي حين يحكم جندي إسرائيلي بالحبس شهرا يقضيها في الخدمة داخل الجيش، تفرض أحكام عالية جدا على راشقي حجارة فلسطينيين.
وبين أن فريق المركز وثق جريمة قتل الطفل حلس، مؤكدا أنه ظهر في شريط فيديو وكان أعزل وكان يتسلق السياج الحدودي عندما أطلق أحد القناصة الإسرائيليين النار عليه، ما أدى إلى إصابته بعيار ناري دخل من الصدر وخرج من الظهر أدى إلى مقتله على الفور، وأنه لم يكن يشكل بأي شكل من الأشكال خطرا داهما على حياة جنود الاحتلال عند قتله.
وذكّر بقرار لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في الانتهاكات المرتكبة خلال الاحتجاجات في الأراضي الفلسطينية المحتلة في 2018، في مارس 2019، الذي أكدت فيه استخدام قوات الاحتلال القوة المميتة باتجاه المتظاهرين في حالات لم ينشأ عنها أي خطر محدق على حياة جنود الاحتلال، ودون أن يشارك المتظاهرون في أعمال عدائية بشكل مباشر، وذلك خلافا لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وشدد على أن إدانة الجندي هو ذر الرماد في العيون، فهناك المئات من الحوادث لم يتم التحقيق فيها بشكل جدي وهناك استهتار واضح بحياة المدنيين، ويرى أن النظام القانوني الإسرائيلي يستخدم لإعطاء غطاء قانوني لما يمارسه الاحتلال من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشار إلى أن مركزه تقدم بـ177 شكوى جنائية نيابة عن ضحايا مسيرات العودة وكسر الحصار، لكل من النيابة العسكرية لشؤون العمليات والمدعي العام العسكري الإسرائيلي يطالب فيها بفتح تحقيق جنائي في الحوادث ومحاسبة ومساءلة مرتكبيها، ورد 8 ردود فقط تفيد بفتح تحقيق في الشرطة العسكرية وإغلاق 4 ملفات.
aXA6IDMuMTUuMTQuMjQ1IA== جزيرة ام اند امز