فلسطيني يتحدى البطالة بمختبر طبي "دليفري"
محمد أبو يوسف شاب فلسطيني ينشئ مختبرا طبيا متنقلا، بواسطة دراجة نارية، يجوب به شوارع خانيونس جنوبي قطاع غزة.
تعِب الشاب الفلسطيني محمد أبو يوسف من التطوّع في المستشفيات، بعد تخرّجه في الجامعة، فوجد حلاً حتى يفتح باب الرزق، مستنداً إلى تخصّصه العلمي.
وأنشأ مختبرا طبيا متنقلا، بواسطة دراجة نارية، يجوب به شوارع خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث ذاع صيته خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتبلغ سنّ محمد عبدالعاطي أبو يوسف 25 عاما، وهو خريج ميكروبيولوجي في جامعة الأزهر بمدينة غزة.
وقال في تصريحاته لـ"العين الإخبارية" إن الظروف القاسية التي يعاني منها خريجو الجامعات بسبب البطالة، تلزمهم إما أن يفكروا بأساليب مبتكرة لفتح باب الرزق، وإما الهجرة والهروب من هذا الواقع.
وأضاف: "أنا من الذين فكروا مليا في ابتكار وسيلة تعين على إيجاد فرصة عمل وفق تخصّصي الأكاديمي، وجاء ذلك بعد 3 أعوام من التطوّع في المستشفيات"، موضحاً: "الفكرة بدأت تتبلور مع انطلاق مسيرات العودة، فقد التزمت بالخروج لإسعاف المصابين وإجراء التحاليل اللازمة لهم، بمساعدة أحد أصدقائي الذي كان يمتلك المعدات الضرورية".
وتابع أبو يوسف: "سافر صديقي لاحقا بعد أن باعني المعدات وتجهيزات التحليل، ففكرت في إنشاء مختبر طبي متنقل (دليفري)".
وشعر الشاب الفلسطيني بأن مشروعه سينجح لأسباب كثيرة، منها أنه أول شخص في قطاع غزة يبتكر التحاليل الطبية المتنقلة عبر الدراجة النارية، والثانية أن كثيراً من الناس يريدون إجراء تحاليل دم وبول، وقياس ضغط الدم، ولكنّ ظروفهم لا تسمح بوصولهم إلى المراكز الطبية، لاسيما كبار السنّ وأصحاب الهمم ومن يعيشون في مناطق نائية.
وأكد أنه انطلق من وازع إنساني، ومن ثم فكّر في دخل مادي يساعده على تلبية متطلبات الحياة، مضيفاً: "بدأت فعلاً بنشر رقم هاتفي الجوال، على صفحات التواصل الاجتماعي والتعريف بخدماتي الطبية، مع نشْر شهاداتي الجامعية، وكتابة بعض التوصيات الطبية اللازمة بخصوص العمليات المخبرية".
وإثر فترة من الإعلان عن خدماته وجد أبو يوسف نفسه أمام كم هائل من اتصالات الراغبين بإجراء التحاليل المخبرية، الأمر الذي دفعه إلى التفكير في إنشاء جروب شبابي من الخريجين الجامعيين، من تخصّص الميكروبيولوجي لتوسيع رقعة العمل، وتشغيل العاطلين، ولكن الأمر احتاج إلى تراخيص من وزارة الصحة، والجهات المختصة في قطاع غزة، فتردّد كثيراً في تنفيذ فكرته.
ويحرص الشاب الفلسطيني على الوصول إلى المرضى، وإجراء التحاليل الطبية المخبرية في أماكن وجودهم، أو حسب رغباتهم، فإذا أراد المريض أن يختار مختبراً طبياً آخر، يأخذ أبو يوسف العيّنات ويذهب بدراجته النارية إلى المختبر المعني، ثم يحصل على النتيجة ويعيدها للمريض، بالتكلفة ذاتها، مع إضافة مبلغ بسيط كأُجرة توصيل.
وأظهرت دراسة أجراها مركز الميزان لحقوق الإنسان، أن التغيّرات السياسية في قطاع غزة انعكست على معدلات البطالة؛ حيث بلغت 46.6%، بينما تجاوزت نسبتها في أوساط الشباب 60%، وفاقت لدى النساء 85%.
وتُعدّ مشكلة ومعاناة الخريجين الجامعيين السمة الرئيسية ضمن مؤشرات البطالة المرتفعة في غزة؛ إذ بلغ عدد الخريجين من مؤسسات التعليم العالي في الأعوام الثلاثة الماضية بمحافظات القطاع 21508 خريجين، 11601 من بينهم ذكور و9907 إناث، بينما بلغ عدد المسجلين في مؤسسات التعليم العالي 85660 طالباً.
وفي السياق ذاته، تظهِر الدراسة أنه خلال السنوات العشر الأخيرة، تقدَّم أكثر من ربع مليون خريج وتحديداً 295.510 بطلبات الحصول على وظيفة في وزارة العمل بغية الاستفادة من فرص التوظيف المؤقتة، من بينهم حملة شهادات الدكتوراه والماجستير والدبلوم العالي.