«صاحب الكنز المدفون».. تعرف إلى الجنرال الذي تجرأ على غزو أمريكا
يُعتبر بانشو فيا أحد أبرز القادة الثوريين في تاريخ المكسيك، واشتهر بكونه زعيما متمردا قاد العديد من المعارك خلال الثورة المكسيكية.
كان اسمه الحقيقي خوسيه دوروتيو أرانغو، لكنه اتخذ اسم بانشو فيا ليصبح من أكثر الشخصيات إثارةً للجدل في التاريخ المكسيكي، ورغم شهرته كقائد ثوري شعبي، فإنه كان أيضا زعيما عسكريا قاسيا، ورجلا تجرأ على فعل ما لم يفعله غيره: غزو الولايات المتحدة الأمريكية.
وُلد بانشو فيا عام 1878 في ولاية دورانغو شمالي المكسيك، ونشأ في بيئة فقيرة حيث عمل في الزراعة ورعاية الماشية، بحسب موقع "أمريكا إكسبرينس".
بدأ حياته الإجرامية عندما قتل رجلا من الطبقة الأرستقراطية كان قد أساء إلى شقيقته، مما دفعه إلى الفرار والعيش كخارج عن القانون، ومنذ ذلك الحين أصبح مقاتلا شرسا ضد الظلم، خاصة ظلم الحكومة المكسيكية الفاسدة وطبقة ملاك الأراضي الأثرياء في ذلك الوقت.
غيّر أرانغو اسمه إلى فرانسيسكو بانشو فيا ليتجنب الملاحقة، واشتهر بين المكسيكيين البسطاء بسرقة الأثرياء وتوزيع الأموال المنهوبة على الفقراء، كما كان يفعل روبن هود.
عندما اندلعت الثورة المكسيكية عام 1910 ضد الديكتاتور بورفيريو دياز، انضم بانشو فيا إلى فرانسيسكو ماديرو زعيم الثورة، وأصبح أحد قادته العسكريين البارزين، وبفضل ذكائه التكتيكي وشجاعته في المعارك تمكن من تحقيق انتصارات مهمة ضد قوات الحكومة المكسيكية.
وزادت من شهرته الانتصارات التي حققها، خاصة معركة "سيوداد خواريز"، التي ساعدته على الإطاحة بالديكتاتور دياز، وشارك لاحقا في صراعات وتحالفات عسكرية داخلية أخرى.
وبعد نجاح الثورة والإطاحة بدياز تحول الأمر إلى صراع داخلي بين قادة الثورة أنفسهم، وسرعان ما انقلب بانشو فيا ضد الرئيس الجديد فيكتوريانو هويرتا، الذي استولى على الحكم بعد اغتيال ماديرو، وبدأ حملة عسكرية ضد حكومته بالتعاون مع القائد الثوري إيميليانو زاباتا.
في عام 1914، استولى فيا على مدينة مكسيكو سيتي، لكنه سرعان ما اختلف مع القائد السياسي فينوستيانو كارانزا، الذي أصبح الرئيس الجديد للمكسيك، ومع هذا الانقسام بدأت الولايات المتحدة في دعم كارانزا، مما دفع فيا إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة في التاريخ.
في عام 1916 هاجمت قواته بلدة كولومبوس في نيومكسيكو الأمريكية انتقاما من دعم الولايات المتحدة للسلطات المكسيكية الحاكمة، ويُعتبر ذلك الهجوم أول هجوم أجنبي على الأراضي الأمريكية منذ عام 1812.
قاد فيا نحو 500 مقاتل في هجوم مفاجئ على بلدة كولومبوس في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية، وقتلوا 18 أمريكيا وأضرموا النيران في البلدة، ثم انسحبوا بسرعة عائدين إلى المكسيك.
ردت الولايات المتحدة بسرعة عبر إرسال بعثة عسكرية بقيادة الجنرال جون بيرشينغ، عُرفت باسم "الحملة العقابية"، حيث تم إرسال أكثر من 10 آلاف جندي أمريكي إلى المكسيك لمطاردة فيا واعتقاله، لكن الأخير استخدم معرفته الجغرافية والقتالية للهرب والاختفاء في الجبال والصحاري، مما جعل الأمريكيين عاجزين عن الإمساك به.
استمرت الحملة 11 شهرا، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، وانسحبت القوات الأمريكية من المكسيك عام 1917 بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى.
بعد سنوات من القتال، قرر بانشو فيا الاعتزال عام 1920 بعد اتفاق مع الحكومة المكسيكية، عاش في مزرعة بمدينة بارال، لكن نفوذه ظل يشكل تهديدا للسلطة.
وفي 20 يوليو/تموز 1923 تم اغتياله في كمين مسلح، حيث أطلق عليه مجهولون أكثر من 40 رصاصة وهو داخل سيارته.
كنوز بانشو الأسطورية
خلال حملاته العديدة هاجم هذا الجنرال الثوري قطارات ومصارف ومزارع الأثرياء، ونهب كميات كبيرة من الذهب والفضة والمجوهرات والأموال.
تفيد القصص الشعبية بأن بانشو فيا أخفى قسما من هذه الكنوز في أماكن سرية في صحراء شمال المكسيك أو في الجبال بولاية تشيواوا أو دورانغو، ودفنها هناك كاحتياطي لتمويل الثورة.
في قصة مثيرة، يُروى أنه أرسل سبعة من الرجال الذين يثق بهم مع بغال محملة بأكياس مليئة بالمجوهرات والذهب، كان وقتها في ولاية تشيواوا، وقد انتقلت هذه المفرزة في سرية تامة شمالا، وعبرت الحدود مع الولايات المتحدة وتوقفت في محطتها الأخيرة في تكساس، وفي منطقة منعزلة على قمة جبال فرانكلين توقف الرجال السبعة وبدأوا في الحفر في التربة الصخرية، رموا الأكياس المليئة بالذهب والمجوهرات في حفرة ضخمة وأهالوا عليها التراب.
قائد المفرزة، بعد أن انتهى العمل، رفع مسدسه وأطلق النار على الرجال الستة الآخرين، وقام بدفنهم بجانب الكنز، ووضع علامة على المكان الذي دُفنت فيه الكنوز وعاد إلى قائده بانشو فيا، في تلك الليلة خُنق قائد السرية وهو نائم في فراشه، ولم يعد يعلم بمكان الكنوز إلا الجنرال.
بانشو فيا قُتل هو الآخر لاحقا، ولم يعثر أحد على هذه الكنوز المزعومة على الرغم من مرور أكثر من قرن من البحث والتنقيب، بعض المغامرين بحثوا طويلا عن هذه الكنوز باستخدام خرائط ومذكرات قديمة، إلا أن جميع جهودهم ذهبت أدراج الرياح، وبقيت تلك الكنوز في باطن الأرض.
aXA6IDE4LjExNi44OC4xMjMg جزيرة ام اند امز