ولاية بنجشير.. هدف استراتيجي لطالبان ردا على شاه مسعود
لم تمر ساعات على تصريحات القيادي الأفغاني أحمد مسعود من ولاية بنجشير الرافضة للاستلام لطالبان حتى حركت الأخيرة العتاد لإسقاطها.
وكان القيادي الأفغاني قد قال من مقر حكمه بولاية بنجشير موطنه وموطن والده الراحل أحمد شاه مسعود، والتي ما زالت عصية على الحركة التي سيطرت على أرجاء البلاد، إنه "مستعد للحرب ضد طالبان، استعداده للسلام" حتى جاء الرد من الحركة بأنها رسلت "مئات" المسلحين إلى المنطقة الواقعة شمال كابول.
وقالت الحركة في تغريدة على حسابها على تويتر بالعربية: "مئات من المسلحين يتوجهون نحو ولاية بنجشير للسيطرة عليها، بعد رفض مسؤولي الولاية المحليين تسليمها بشكل سلمي".
الحركة لم تكتف بهذه التصريحات بل نشرت تسجيلا مصورا تظهر فيه آليات محمّلة بالعتاد والمسلحين لتؤكد رسالتها إلى أحمد مسعود بأن طالبان اختارات الحرب لإسقاط أخر ولاية في قبضتها.
الولاية الأخيرة التي مازالت ترفع علم أفغانستان، بات قريبة بأن تصبح مسرحا للمعركة الأكبر داخل أفغانستان للإعلان الرسمي ببسط طالبان سيطرتها على كل التراب الأفغاني من ثم إعلان الحكم.
ومنذ السقوط الحر لأفغانستان في يد حركة طالبان، بات هذه الولاية محل أنظار العالم حيث يؤكد قادتها أنهم لن يتسلموا للحركة بنفس سرعة سقوط الولايات الأفغانية الأخرى، بل وصل الأمر إلى إعلان المتحدث باسم بنجشير علي ميسم نظري، إن قوات تابعة للحكومة الأفغانية السابقة تحوّلت إلى حركة مقاومة في الوادي الشديد التحصين الواقع شمال شرق العاصمة، مقررا بأن هذه الحركة تستعد لما أطلق عليه الـ"نزاع طويل الأمد".
ورغم التصريحات التي تخرج من الولاية "الأسود الخمسة" كما يطلق عليها في اللغة الطاجيكية ، إلا أن قيادتها لم تؤيد أو ترفض أو تستبعد التفاوض مع طالبان الحاكمة حاليا في أفغانستان.
قال القيادي أحمد شاه مسعود: "مع ذلك، فإنه لن يتم إجبارنا على فعل أي شيء، وحتى والدي قد تحدث مع طالبان. لقد ذهب أعزل دون أي حراسة للتحدث مع قيادة الحركة خارج كابول في عام 1996.
وتابع: ماذا تريدون؟ تطبيق دين الإسلام؟ فنحن أيضاً مسلمون ونريد السلام أيضاً، ولذا فدعونا نعمل معاً، ومع ذلك، فإن الحركة تريد فرض الأشياء بالسلاح، وهو ما لن نقبله، فإذا كانوا يريدون السلام، وتحدثوا إلينا وعملوا معنا، فنحن جميعاً أفغان وسيكون هناك سلام".
المسيطر على ولاية بنجشير، وجه أيضا تحذيرا شديدا إلى طالبان، وذلك بعد أن أظهرت صورا عشرات المجنّدين التابعين للحكومة السابقة يجرون تدريبات اللياقة الروتينية، ومجموعة من عربات الهامفي تشق طريقها عبر الوادي للانضمام إلى ما أطلق عليه الدفاع عن أفغانستان ضد طالبان، إنّ "قوات حكومية قدمت إلى بنجشير من عدة ولايات أفغانية".
وحذّر من أنه "إذا رفضت طالبان الحوار فلا مفر من الحرب"، مضيفا "طالبان لن تدوم طويلا إذا استمرت في هذا الطريق. نحن مستعدون للدفاع عن أفغانستان ونحذر من إراقة الدماء".
ومنذ استولت طالبان على السلطة في أفغانستان إثر هجوم خاطف سيطرت خلاله على العاصمة كابول، توجّه آلاف الأشخاص إلى بنجشير بهدف الانضمام إلى حركة المقاومة وإيجاد ملاذ آمن لمتابعة حياتهم.
ففي هذه المنطقة يحشد أحمد مسعود، نجل قائد المجاهدين أحمد شاه مسعود الذي اغتاله تنظيم القاعدة قبيل هجمات 11 سبتمبر/آيلول 2001، قوة مقاتلة عديدها تسعة آلاف عنصر، وفق ما يتحدث عنه قياديون في الولاية.
حركة طالبان لم تكن بعيدة عن تصريحات القيادات الأفغانية في الولاية، حيث قالت إن هناك فرصة لجميع أطياف الشعب الأفغاني للمشاركة في الحكومة المقبلة، فيما أكدت في حديثها عن أزمة إقليم بنشجير:" سيكون هناك طريقة أخرى لحل أزمة منطقة بنجشير إذا لم تُحل سلميا".
وبنجشير أو "الأسود الخمسة" ، ساحة استعداد للقادم، أو على الأقل كما يبدو من التعبئة والحشد، اللذين دأب عليهما القيادي الأفغاني، منذ أضحت طالبان على مشارف كابول، حيث ترك العاصمة، وعاد لـ"قواعده"، في مسقط رأسه.
وسيطرت حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول يوم الأحد الماضي، بعد عملية عسكرية خاطفة استمرت 11 يوما ومنحتها سيطرة على الأغلبية العظمى من مدن البلاد.
وبعد أيام على فرض طالبان سيطرتها من جديد، يبدو أنّ المستقبل السياسي لأفغانستان لا يثير قلق الأسرة الدولية بالقدر الذي تثيره حملات الإجلاء الفوضوية.