مجالس الآباء والأمهات بمدارس عدن.. برلمانات مجتمعية لدعم التعليم
خلفت الحرب الحوثية في اليمن الكثير من المشكلات في مختلف مجالات الحياة، أشدها خطرا تدمير المقومات الفكرية والثقافية للبلاد.
وكان في مقدمة ما دمرته حرب الانقلابيين الحوثيين، قطاع التعليم، الذي سعت المليشيا إلى استهداف بناه التحتية، وإفراغ هياكله الإدارية من أسسها التي قامت عليها منذ عقود.
ومع استمرار الحرب وتداعياتها التي أثّرت على عمل أجهزة الدولة، شرعت وزارة التربية والتعليم اليمنية على الدخول بشراكات مع منظمات المجتمع المدني، بهدف تفعيل القطاع التعليمي في البلاد.
ويبدو أن الوزارة اليمنية وجدت ضالتها في المشاركة المجتمعية للمواطنين، وأولياء الأمور من الآباء والأمهات، وسعت لإشراكهم في تفعيل العملية التعليمية، لتحقيق نتائج ملموسة في تطويرها وتجاوز تأثيرات الحرب الحوثية.
لهذا؛ شهدت مدارس محافظات عدن، لحج، أبين، والضالع، ورش عمل تأهيلية لإعادة إحياء مجالس الآباء والأمهات من منطلق المشاركة المجتمعية، وهي بمثابة برلمانات تربوية تتولى دعم وتطوير التعليم الذي دمره الحوثيون بممارستهم الإرهابية.
مساندة جهود الدولة
وقالت مديرة المشاركة المجتمعية بوزارة التربية والتعليم اليمنية ابتسام صالح، لـ"العين الإخبارية": "إن الوزارة أخذت على عاتقها تجاوز الواقع الذي خلفته الحرب، والتفكير بجدية في إشراك المجتمع المحلي بدعم ومساندة جهود الوزارة لتحقيق تحصيل علمي ودراسي أفضل".
ولفتت صالح إلى أن الأبناء هم أغلى ما لدينا كآباء وأمهات، وعلينا كأفراد مجتمع أن نعمل كفريق لتجاوز أي مشكلات يواجهها الطلاب في المدارس، وتحسين مستواهم الدراسي والتعليمي.
وأكدت أن استعادة دور مجالس الآباء والأمهات من شأنه أن يعيد للتعليم رونقه، من خلال تنسيق هذه المجالس مع الإدارات المدرسية لتحقيق الأهداف التعليمية التي تسعى إليها الدولة، وبما يصب في خدمة أبنائنا الطلاب.
من جهته، يشير مدير عام مكتب التربية والتعليم بمديرية البريقة (غرب عدن)، الخضر بجلة، لـ"العين الإخبارية"، أن الواقع التعليمي والتربوي في البلاد أثقل كاهل الدولة، ودفع بالسلطات المسؤولة إلى تنفيذ مشروع طموح بالتعاون مع منظمات دولية؛ لتحسين مستوى التعليم وتطويره.
ونوه بجلة بتعاون مكاتب التربية في المحافظات اليمنية برعاية وزارة التربية والتعليم اليمنية، وتمويل وإشراف منظمة رعاية الطفولة الدولية، بتنفيذ ورش عمل لتدريب أولياء الأمور والأمهات لإحياء دورهم ومساهماتهم في المشاركة المجتمعية بالمدارس.
مؤكدًا أن الدولة تعمل ما بوسعها لاستمرار العملية التعليمية، بسبب ظروف البلاد والحرب الحالية، عبر إشراك المجتمع، وتفعيل المشاركة المجتمعية لتحقيق مردود أفضل.
وأضاف بجلة: "هناك مشكلة تسرب الطلاب من التعليم؛ نتيجة الفقر والبحث عن فرص عمل، وهناك مشكلة نقص المعلمين، وعدم طباعة ما يكفي من الكتب المدرسية، بالإضافة إلى ضعف البيئة الدراسية والمباني والفصول الملائمة للطلاب، وهذه هي الأهداف التي ستعمل المشاركة المجتمعية على تحقيقها.
متوقعًا في ختام تصريحه أن يسهم تفعيل دور المجتمع في هذا المجال من شأنه أن يرفع مستوى التعليم بشكل أفضل من الواقع الذي نعيش فيه حالياً.
تأهيل لترميم خراب الحوثي
مشروع المشاركة المجتمعية، وإحياء دور مجالس الآباء والأمهات، تتبناه منظمة رعاية الطفولة، بالتنسيق مع وزارة التربية اليمنية ومكاتبها في المحافظات المستهدفة، وفق منسقة المشروع أروى المقطري.
وتضيف أروى أن المشروع يستهدف 176 مدرسة أساسية في 4 محافظات، هي عدن، لحج، أبين، والضالع، ويعمل على تأسيس أو إعادة تفعيل دور مجالس الآباء.
وأشارت إلى أن المشروع بدأ بتدريب أولياء الأمور في المدارس المستهدفة وتعريفهم بدور مجالس الآباء والأمهات، وعلاقتها مع الإدارات المدرسية وكيفية عملها وأدوارها في خدمة العملية التعليمية، وإدارة انتخاب أعضاء المجالس، وغيرها من المعارف والممارسات.
وأكدت المقطري أن هدف المشروع هو تفعيل مشاركة المجتمع، ودفعه ليكون له دور في تحسين التحصيل العلمي للطلاب، وتجاوز المشكلات اليومية التي قد تحدث في المدارس، نتيجة الأوضاع الصعبة التي تعاني منها البلاد.
وخلال سنين الحرب، تسبب الحوثيون بتدمير مئات المدارس، وأغلقوا العشرات منها، لدفع الطلاب للالتحاق بصفوف المليشيا في جبهات القتال.
وكشفت إحصائية حقوقية حديثة عن ارتكاب مليشيا الحوثي الانقلابية نحو 27 ألفا و554 انتهاكا، جرى توثيقها في قطاع التعليم، خلال عام واحد فقط.
كما شملت الإحصائية انتهاكات المليشيا الحوثية تجنيد 396 حالة تجنيد للأطفال دون السن القانونية، و3277 حالة نهب للمرتبات والمساعدات الإغاثية الخاصة بالمعلمين.
بالإضافة إلى 8929 حالة فصل وظيفي لمعارضي المليشيا في مناطق سيطرتها، و65 حالة اعتداء على وقفات احتجاجية سلمية لمعلمين، ونتيجة تلك الانتهاكات لجأ أكثر من 8370 من المعلمين للنزوح من مناطقهم.
كل ذلك حدث خلال عام واحد فقط، الأمر الذي استدعى مشاركة المجتمع المحلي لتجاوز أفعال وممارسات الحوثيين وحربهم ضد التعليم.