هل اتفاقية باريس الطموحة تحقق "العدالة المناخية"؟.. دراسة تحذيرية
توصل فريق يضم 50 باحثا إلى أن الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، يمكن أن يحول دون حدوث تغير مناخي جامح، لكنه لن يحقق العدالة المناخية، إذ ستستمر المعاناة الجماعية في الدول النامية بسبب تداعيات الاحترار.
وأفادت الدراسة، المنشورة مؤخرا في "نيتشر"، والمدعومة من تحالف العموم العالمي، الذي يضم أكثر من 70 مركزا للبحوث والسياسات، بما في ذلك المنتدى الاقتصادي العالمي، بأن نحو 200 مليون شخص في المناطق الفقيرة سيتعرضون للحرارة غير الصالحة للعيش، وسيواجه نصف مليار شخص دمار ارتفاع البحار حتى لو حقق العالم هدف اتفاقية باريس الأكثر تفاؤلاً وهو 1.5 درجة مئوية.
وقال العلماء إنه إذا تم تعريض قطاعات كبيرة من البشرية "لضرر كبير يجب تجنبه"، فيجب وضع الحدود العادلة عند درجة مئوية أو أقل، أي أقل مما هو واقع حاليا، حيث ارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بالفعل بمقدار 1.2 درجة مئوية.
ولفتت الدراسة إلى أن تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يجب أن ينخفض بمقدار السدس.
ويقول يوهان روكستروم، رئيس معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ بألمانيا، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لتحالف العموم العالمي: "نضع استقرار ومرونة الكوكب بأسره في خطر".
وروكستروم من بين مبتكري مفهوم "حدود الكواكب"، وهي الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها.
وفي عام 2009، حدد هو وزملاؤه 9 من هذه الحدود وقالوا "تخطينا بالفعل خارج المنطقة الآمنة المكونة من ثلاثة: غازات الاحتباس الحراري في الهواء، وتسريع انقراض الأنواع، وزيادة النيتروجين والفوسفور في البيئة (معظمها من الأسمدة)".
وأضاف: "اليوم اخترقنا 3 أنواع أخرى: إزالة الغابات، والإفراط في استخدام المياه العذبة، والوجود الكلي للمواد الكيميائية الاصطناعية، بما في ذلك البلاستيك".
ويمكن إضافة تلوث الجسيمات الخارجية، الذي يقصر من حياة أكثر من 4 ملايين كل عام، إلى قائمة التجاوزات هذا العام.
ويقول داهي تشين من الأكاديمية الصينية للعلوم، والباحث المشارك بالدراسة، إن نظام الأرض في خطر، فالعديد من عناصر التحول على وشك تجاوز نقاط التحول الخاصة بها، فالصفائح الجليدية في جرينلاند، ومساحات شاسعة من التربة الصقيعية وغابات الأمازون، على سبيل المثال، تقترب من نقاط اللاعودة التي بعدها، على التوالي، ستترفع المحيطات بأمتار، وتطلق مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون والميثان وتتحول الغابات الاستوائية إلى السافانا".
وتابع: "فقط استعادة طبقة الأوزون الواقية للحياة (الحد التاسع) هو الذي نتحرك بوضوح فيه نحو الاتجاه الصحيح".
وقام روكستروم، رئيس معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ، وزملاؤه بتطبيق نفس المعايير لقياس حدود عالم "عادل" يتم فيه تقليل تعرض الإنسان للأذى إلى الحد الأدنى.
وإلى جانب تغير المناخ، وجدوا أن العتبة المقبولة لتلوث الجسيمات المحيطة - خاصة عبر آسيا - يجب أيضًا خفضها مقارنة بمخطط الحدود الكوكبية الأصلي.
وقالت المؤلفة المشاركة جوييتا جوبتا، الأستاذة في جامعة أمستردام بهولندا، والباحثة المشاركة بالدراسة "العدالة ضرورة للبشرية للعيش ضمن حدود الكوكب، فلا يمكن أن يكون لدينا كوكب آمن بدون عدالة".
وخلص المؤلفون إلى أنه "لا يلزم أقل من تحول عالمي عادل عبر جميع حدود نظام الأرض لضمان رفاهية الإنسان، ويجب أن تكون هذه التحولات منهجية عبر قطاعات الطاقة والغذاء والحضر والقطاعات الأخرى، مع معالجة العوامل الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية وغيرها من العوامل الدافعة لتغيير نظام الأرض، وضمان وصول الفقراء من خلال تخفيض استخدام الموارد وإعادة تخصيصها".