برلمان الجزائر يمرر موازنة 2022.. نهاية عهد دعم المواد الاستهلاكية
صدق، الأربعاء، نواب البرلمان الجزائري بالأغلبية الساحقة على مشروع قانون المالية لعام 2022 (الموازنة العامة) بعد جلسات مناقشة مثيرة.
وحظيت أول موازنة في حكومة أيمن بن عبد الرحمن والثالثة منذ تولي الرئيس عبد المجيد تبون مقاليد الحكم بالحكم بالجزائر نهاية 2019، بتصويت أغلبية نواب البرلمان، وسط رفض من النواب الإخوان لما يمثلون ما يسمى بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية.
وينتظر مشروع الموازنة العامة للعام المقبل محطة أخيرة تتمثل في مناقشة ومصادقة نواب "مجلس الأمة" (الغرفة العليا للبرلمان)، قبل أن يصدق عليها رئيس البلاد نهاية العام الحالي.
وتمكنت الحكومة الجزائرية من تمرير أكثر المواد التي أثارت جدلا داخل غرفة البرلمان، والمتعلقة بـ"إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي وتوجيهه لمستحقيه".
وسجلت موازنة 2022 زيادة قدرها 12 مليار دولار عن موازنة 2021، حيث رصدت لها الحكومة الجزائرية قيمة ضخمة هي الأكثر منذ 2018 بلغت 74 مليار دولار.
وراهنت الحكومة الجزائرية في إعداد الموازنة على سعر مرجعي للنفط قدره 45 دولارا كسعر مرجعي لبرميل النفط الخام و50 دولارا أمريكياً كسعر السوق لبرميل النفط الخام، مقابل 40 دولارا للبرميل في موازنة 2021.
في مقابل ذلك، توقع مشروع قانون المالية لعام 2022 في الجزائر عجزا "تاريخياً" وغير مسبوق، تم تقديره بنحو 4100 مليار دينار جزائري، أي ما يعادل 30 مليار دولار.
كما توقعت أن تصل نسبة نمو الاقتصاد إلى حدود 3.3 % مقابل 3.8 % كانت متوقعة في موازنة 2021، في مقابل توقعات باستقرار نمو قطاع المحروقات إلى 4 %، و4.5 % بالنسبة للزراعة و4.1 % لقطاع الصناعة.
المشروع ذاته، توقع أيضا زيادة في عائدات المحروقات العام المقبل تصل إلى 27.9 مليار دولار مقابل 23.21 مليار دولار في موازنة 2021، بينما توقع انخفاضاً في واردات الجزائر بنسبة 5.4 % عن 2021، على أن تصل إلى نحو 31.5 مليار دولار.
وتتوقع الحكومة الجزائرية إيرادات إجمالية مع نهاية العام الحالي تصل إلى 37 مليار دولار، بينها 33 مليار دولار عائدات نفطية.
وتحولت المادة 187 من مشروع قانون المالية لعام 2022 (الموازنة العامة) إلى أكثر المواد التي أثارت جدلا كبيرا وبشكل غير مسبوق بين الكتل النيابية للبرلمان الجزائري خلال عرض المشروع للنقاش.
وتضمنت المادة المثيرة للجدل "إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي وتوجيهه لمستحقيه" في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد منذ استقلالها، والتي رصدت لها الحكومة الجزائرية قيمة مالية ضخمة للعام المقبل قدرت بنحو 14 مليار دولار، مقابل أزيد من 17 مليار دولار في الأعوام الماضية.
وعلى مدار 10 أيام كاملة، وجد رئيس الوزراء الجزائري ووزير المالية أيمن بن عبد الرحمن نفسه في مواجهة معارضة معظم الكتل النيابية التي اعتبرت المادة "مبهمة"، وسط إصرار حكومي على "خلع جلباب" الدعم.
نهاية دعم المواد الاستهلاكية
وعقب نجاحه في تمرير موازنة 2022، أعلن رئيس الوزراء ووزير المالية الجزائري أيمن بن عبد الرحمن "نهاية دعم الدولة للمواد الاستهلاكية" في سابقة هي الأولى من نوعها منذ استقلال الجزائر قبل نحو 60 عاماً.
غير أنه أكد على أن ما يتم تداوله عن تخلي الحكومة عن دعم الفئات الهشة "مغالطات وشعبوية" في إشارة ضمنية إلى انتقادات نواب جماعة الإخوان.
وشدد على أن المرحلة المقبلة ستكون "لتوجيه الدعم حصرياً للمستحقين فقط"، وكشف عن أن عملية الدعم لتلك الفئات ستكون" بشكل "نقدي".
ونوه إلى التنازل الذي قدمته حكومته بموافقتها على بعض التعديلات المقترحة من النواب، مشيرا إلى ذلك بأن الجزائر "أبقت على الدعم بالرغم من علمها بأنه لا يذهب كلية إلى أصحابه".
وأكد على أن التدابير الواردة في موازنة 2022 تهدف لحماية القدرة الشرائية وحماية المال العام من التبذير وتوجيهه إلى "مآلاته".
ورفضت لجنة المالية بـ"المجلس الشعبي الوطني" (الغرفة الثانية للبرلمان) 3 مقترحات تقدمت بها بعض الكتل النيابية تتعلق أساساً برفع نسبة الرسم الجزافي على عمليات بيع المنتجات التبغية من 5 % إلى 10 %، واستبدال سقف المقتنيات الشخصية والهدايا بـ7500 يورو أو ما يعادلها، وكذا رفض اقتطاع الضريبة من المنبع للمحامين.
وكان من نصيب المادة 187 أكبر مقترحات تعديلات من قبل نواب البرلمان وصلت إلى 55 مقترحاً تم الموافقة على 42 منها، اصطدمت بها حكومة أيمن بن عبد الرحمن.
وأجمعت كثير من الكتل النيابية على اعتبار مساعي الحكومة لإصلاح نظام الدعم الاجتماعي بـ"الضبابية والغامضة" وطالبوا بتوضيح الإجراءات والآليات التي سيتم الاعتماد عليها تفادياً لـ"خطر الانفجار الاجتماعي" وفق مداخلات عدد من النواب في البرلمان.
وأبدى عدد من نواب البرلمان خشيتهم من تأثر القدرة الشرائية للجزائريين وزيادة الضغوط على جيوبهم، بعد رفع الدعم عن عدد من المواد الاستهلاكية ذات الاستهلاك الواسع مثل السكر والقمح، وهو ما ينذر – بحسبهم – بـ"انفجار اجتماعي وشيك"، ومتهمين الحكومة بما سموه "التراجع عن مبدأ اجتماعي راسخ".
وفي الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة بمحاربة المضاربة والتحكم في الأسعار بعد رفع الدعم، إلا أن كثيرا من الكتل النيابية أبدت شكوكاً في قدرة الحكومة على ضبط السوق، وسط اعتراف رسمي بـ"وجود لوبيات خفية تتحكم في المواد الاستهلاكية الأكثر طلباً".