أموال الدعم تشعل برلمان الجزائر.. فتنة الجلباب المخلوع
من بين مئات المواد القانونية التي تضمنها مشروع موازنة 2022 بالجزائر، أثارت واحدة منها نقاشاً محتدماً داخل البرلمان.
إذ تحولت المادة 187 من مشروع قانون المالية لعام 2022 (الموازنة العامة) إلى أكثر المواد التي أثارت جدلا كبيرا وبشكل غير مسبوق بين الكتل النيابية للبرلمان الجزائري خلال عرض المشروع للنقاش.
- الجزائر تخلع جلباب "الدعم" لأول مرة منذ استقلالها.. عبء ثقيل
- موازنة الجزائر 2022.. نهاية "كابوس" التقشف
وتضمنت المادة المثيرة للجدل "إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي وتوجيهه لمستحقيه" في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد منذ استقلالها، والتي رصدت لها الحكومة الجزائرية قيمة مالية ضخمة للعام المقبل قدرت بنحو 14 مليار دولار، مقابل أزيد من 17 مليار دولار في الأعوام الماضية.
وعلى مدار 10 أيام كاملة، وجد رئيس الوزراء الجزائري ووزير المالية أيمن بن عبد الرحمن نفسه في مواجهة معارضة معظم الكتل النيابية التي اعتبرت المادة "مبهمة"، وسط إصرار حكومي على "خلع جلباب" الدعم.
دعم غامض
اجتماعات ماراثونية من مكتب لجنة الشؤون المالية والقانونية إلى قاعة البرلمان عقدها رئيس الوزراء الجزائري مع ممثلي الأحزاب والمستقلين "الناقمين" على التوجه الحكومي الجديد لـ"إحداث القطيعة" مع سياسة الدعم الاجتماعي.
وكان من نصيب المادة 187 أكبر مقترحات تعديلات من قبل نواب البرلمان وصلت إلى 55 مقترحاً تم الموافقة على 42 منها، اصطدمت بها حكومة أيمن بن عبد الرحمن.
وأجمعت كثير من الكتل النيابية على اعتبار مساعي الحكومة لإصلاح نظام الدعم الاجتماعي بـ"الضبابية والغامضة"، وطالبوا بتوضيح الإجراءات والآليات التي سيتم الاعتماد عليها تفادياً لـ"خطر الانفجار الاجتماعي"، وفق مداخلات عدد من النواب في البرلمان.
وأبدى عدد من نواب البرلمان خشيتهم من تأثر القدرة الشرائية للجزائريين وزيادة الضغوط على جيوبهم، بعد رفع الدعم عن عدد من المواد الاستهلاكية ذات الاستهلاك الواسع مثل السكر والقمح، وهو ما ينذر – بحسبهم – بـ"انفجار اجتماعي وشيك"، ومتهمين الحكومة بما سموه "التراجع عن مبدأ اجتماعي راسخ".
وفي الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة بمحاربة المضاربة والتحكم في الأسعار بعد رفع الدعم، إلا أن كثيرا من الكتل النيابية أبدت شكوكاً في قدرة الحكومة على ضبط السوق، وسط اعتراف رسمي بـ"وجود لوبيات خفية تتحكم في المواد الاستهلاكية الأكثر طلباً".
إصرار حكومي
في مقابل ذلك، أبدت الحكومة الجزائرية إصرارا على إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي الموروثة عن النظام الاشتراكي الذي كانت تنهجه الجزائر منذ استقلالها عام 1962، وعلى مدار 3 عقود كاملة، فيما بقي النظام الاجتماعي مطبقاً.
أيمن بن عبدالرحمن رئيس الوزراء وقف أمام نواب البرلمان بـ"قبعة المتمكن من وزارة المالية" مدافعاً عن خيار حكومته لإعادة النظر في نظام الدعم الاجتماعي، وقدم بموازاة ذلم تطمينات للنواب.
وأكد بن عبدالرحمن على أن إصلاح نظام الدعم الاجتماعي الوارد في مشروع الموازنة العامة لن يتم إلا بـ"استحداث الجهاز الوطني للتعويضات النقدية لصالح العائلة المؤهلة".
كما شدد على أن بلاده لن "تتخلى عن دورها الاجتماعي"، معتبرا خطوة الإصلاح بـ"السعي لتوجيه الإعانات لمستحقيها الحقيقيين".
رئيس الوزراء الجزائري حاول التخفيف أيضا من مخاوف نواب البرلمان عندما صنف هواجسهم في خانة "سوء الفهم"، ومحددا طبيعة هدف حكومته من إصلاح نظام الدعم الاجتماعي بـ"الانتقال من الدعم المعمم إلى الموجه".
وبلغة الأرقام، كشف رئيس وزراء الجزائر الذي يشغل أيضا منصب وزير المالية بأن حكومته "لن تسمح بأن يوجه الدعم الذي كان يعادل 17 مليار دولار لأشخاص لا يستحقونه و إلى وسطاء نخروا الاقتصاد الوطني من خلال الاستفادة من هذه التحويلات".
وأوضح في السياق بأن "ما سيتم استرجاعه من فائض الدعم الاجتماعي للدولة بعد توجيهه لمستحقيه، سيوجه لقطاعات أخرى كالصحة والتعليم وتحسين الأجور".
وعن اللجنة الخاصة المقرر إنشاؤها لمتابعة وتطبيق إصلاح منظومة الدعم، لفت بن عبد الرحمن بأنه "سيتم وضعها لدراسة كيفية تحويل الدعم الشامل إلى الدعم النقدي يوجه إلى أهله وأصحابه".
وسجل موازنة الدعم الاجتماعي في مشروع قانون المالية 2022 انخفاضاً غير مسبوق بنسبة 8.4 % عن الأعوام الماضية، وبلغ 14.6 مليار دولار مقابل أزيد من 17 مليار دولار في موازنة 2021.
وتعادل قيمة التحويلات الاجتماعية نحو 9.4 % من الناتج المحلي الإجمالي و23.78 % من ميزانية البلاد.
ويرتقب أن يصدق، اليوم الأربعاء، نواب البرلمان الجزائري على مشروع موازنة 2022، وهي الموازنة الثالثة في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون.
وسجلت موازنة 2022 زيادة قدرها 12 مليار دولار عن موازنة 2021، حيث رصدت لها الحكومة الجزائرية قيمة ضخمة هي الأكثر منذ 2018 بلغت 74 مليار دولار.
وراهنت الحكومة الجزائرية في إعداد الموازنة على سعر مرجعي للنفط قدره 45 دولارا كسعر مرجعي لبرميل النفط الخام و50 دولارا أمريكياً كسعر السوق لبرميل النفط الخام، مقابل 40 دولارا للبرميل في موازنة 2021.
في مقابل ذلك، توقع مشروع قانون المالية لعام 2022 في الجزائر عجزا "تاريخياً" وغير مسبوق، تم تقديره بنحو 4100 مليار دينار جزائري، أي ما يعادل 30 مليار دولار.
كما توقعت أن تصل نسبة نمو الاقتصاد إلى حدود 3.3 % مقابل 3.8 % كانت متوقعة في موازنة 2021، في مقابل توقعات باستقرار نمو قطاع المحروقات إلى 4 %، و4.5 % بالنسبة للزراعة و4.1 % لقطاع الصناعة.
المشروع ذاته، توقع أيضا زيادة في عائدات المحروقات العام المقبل تصل إلى 27.9 مليار دولار مقابل 23.21 مليار دولار في موازنة 2021، بينما توقع انخفاضاً في واردات الجزائر بنسبة 5.4 % عن 2021، على أن تصل إلى نحو 31.5 مليار دولار.
وتتوقع الحكومة الجزائرية إيرادات إجمالية مع نهاية العام الحالي تصل إلى 37 مليار دولار، بينها 33 مليار دولار عائدات نفطية.
aXA6IDE4LjIyMy4xMjUuMjM2IA== جزيرة ام اند امز