خبراء لـ"العين": على الجزائر إعادة تقييم اتفاق الشراكة مع أوروبا
خبراء اقتصاديون يبدون مخاوف من ألا يكون تقييم اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في مصلحة الجزائر.
تشهد الساحة الدبلوماسية حراكاً كبيراً في الآونة الأخيرة بين الجزائر والاتحاد الأوربي، آخرها زيارة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الجزائري، رمطان لعمامرة، الإثنين، إلى بروكسل، حيث يقود الوفد الجزائري في أشغال الدورة الـ10 لمجلس الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وهي أعلى هيئة للتشاور والحوار السياسي التي تأسست بموجب اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2005.
الدورة التي سيرأسها إلى جانب وزير الخارجية الجزائري، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فديريكا موغيريني؛ حيث سيتم التوقيع على عدد من الاتفاقات، من بينها الوثيقة المتضمنة أولويات الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي التي تم استكمالها خلال الاجتماع الذي عقد بالجزائر العاصمة شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي على مستوى الخبراء، وتتعلق محاور هذه الوثيقة بالشراكة في مجالي الأمن والطاقة، إضافة إلى الحكم الراشد والديمقراطية ودولة القانون وحكرة تنقل الأشخاص.
في حين سيتم التوقيع على 3 اتفاقيات تعاون في مجالات الطاقة المتجددة واصلاح المنظومة المصرفية، إضافة إلى مواصلة تنفيذ الشراكة بمبلغ 40 مليون دولار لسنة 2017.
التوقيع على الاتفاق الجزائري الأوروبي يأتي في ظل المخاوف التي أبداها بعض الخبراء الاقتصاديين، لبوابة "العين" الإخبارية، من ألا يكون هذا التقييم في مصلحة الجزائر، وهو التقييم الذي يأتي في فترة اقتصادية ومالية صعبة تمر بها الجزائر، صاحبها تراجع في المداخيل.
وفي اتصال مع بوابة "العين" الإخبارية، دعا الخبير في الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور "الحكومة الجزائرية إلى إعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي بني على أسس أمنية محضة".
وأشار مسدور إلى "أن الشروط التي جاءت في اتفاق الشراكة لم تأخذ بعين الاعتبار تكافؤ الفرص بين الطرفين لإبرام هذا العقد"، مضيفاً أن "الاتفاق منح امتيازات كبيرة على حساب الاقتصاد الوطني، وهو ما جعل الجزائر الطرف الأضعف في الاتفاقية".
وأضاف الخبير الجزائري أن "مبدأ التفكيك الضريبي الذي استفادت منه الدول الأوروبية أدى إلى خسارة الخزينة العمومية ما يقارب 8 ملايين دولار".
مسدور ذهب أبعد من ذلك؛ حيث اعتبر "أن الهم الوحيد لاتفاق الشراكة الجزائري الأوروبي أن تبقى الجزائر تابعة للاتحاد في كل ما تحتاجه من سلع وخدمات".
بدوره، وفي تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، انتقد الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن مبتول، ما سماها النتائج السلبية لاتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي؛ حيث قال: "إن الاتفاق لم يحقق أهدافه الأساسية المتلعقة بحجم صادرات المؤسسات الجزائرية نحو بلدان الاتحاد، فضلاً عن عدم تحقيقه هدف تسريع توجه الاقتصاد الجزائري نحو اقتصاد السوق ودعم القطاع الخاص".
من جانب آخر، تتقاطع مواقف رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، مع ما جاء به كثير من الخبراء الاقتصاديين، ففي اتصال مع بوابة "العين" الإخبارية، قال جيلالي سفيان: "إن الحكومة الجزائرية تسرعت في توقيع هذا الاتفاق"، داعياً إلى إعادة نظر شاملة في الاتفاقية بدل إجراء تعديلات عليها".
رئيس الحزب وصف الاتفاق "بالجائر على الاقتصاد الوطني"، معتبراً أن السنوات أثبتت "أن هذا الاتفاق أدى إلى تكسير القطاع المنتج في الجزائر وتعزيز احتكار الاستيراد".
جيلالي سفيان اعتبر أيضاً أن اتفاق الشراكة "كبد الجزائر خسائر بالملايين"، مرجعاً ذلك إلى الفترة الصعبة التي أمضي فيها الاتفاق والتي استغلها الجانب الأوروبي والأمم المتحدة (على حد وصفه)، وهو ما دفعها يضيف جيلالي "لفتح المجال الجمركي ورفع القيود أمام البضائع الأوروبية، ما جعل الجزائر مجرد سوق لتصريف السلع والبضائع الأوروبية".
بيد أن الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن عية، وفي تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، يرى عكس ذلك، معتبراً أن اجتماع الجزائر والاتحاد الأوروبي في بروكسل "سيكرس لعهد جديد يرتكز على اعتبار الجزائر شريكاً اقتصادياً مهماً وليس سوقاً فقط للأوروبيين".
الخبير عية اعتبر أيضاً "للعين" "أنه على الاتحاد الأوروبي أن يعيد صياغة إستراتيجيته الاقتصادية في الجزائر، بما يمكن الاقتصاد الجزائري من الاستفادة من إقامة مشاريع الطاقات المتجددة، وعصرنة التعاملات المالية".
وفي اتصال مع بوابة "العين" الإخبارية، أوضح الخبير الاقتصادي الدولي، عبدالمالك سراي "أن الجزائر تأخرت كثيراً في مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي".
وعن مهمة وزير الخارجية الجزائري في بروكسل، اعتبر سراي "أن مهمة لعمامرة لن تكون سلهة" وهي المهمة التي يرى الخبير الدولي "أنها محملة بملف ثقيل عن تجربة 12 سنة من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي خسرت فيها الجزائر أكثر مما ربحت".
سراي أشار هو الآخر "إلى ضرورة مراجعة كامل الاتفاقية وليس تعديل بعض بنودها"، مثمناً في الوقت ذاته إرجاء تطبيق اتفاقية التفكيك الجمركي، معتبراً أن "الجزائر غير جاهزة للدخول في منطقة تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي إلى غاية تنويع الاقتصاد الجزائري".
يشار إلى أن آخر تقييم لاتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، أظهر عدم تحقق الأهداف والنتائج التي توقعتها الحكومة الجزائرية، حيث كشف التقييم عن تعزز "الوقع التجاري للاتحاد الأوروبي على حساب الاقتصاد الجزائري"، وهو ما دفع الحكومة الجزائرية إلى تجميد أحادي الجانب للتنازلات التعريفية الممنوحة للاتحاد، ليتم بعدها الاتفاق على تأجيل إنشاء منطقة للتبادل الحر إلى سنة 2020.
aXA6IDMuMTQ0LjIxLjIwNiA= جزيرة ام اند امز