نيكول باشينيان.. بطل أرمينيا يدفع ثمن هزيمة "قره باغ"
انتقل رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان الذي يطالبه الجيش بالاستقالة خلال 3 سنوات، من مرتبة بطل ثورة للمسؤول عن هزيمة عسكرية.
وندد باشينيان الخميس بمحاولة انقلاب عسكري وانضم إلى المئات من أنصاره في شوارع يريفان، حيث أعاد تأكيد سيطرته على البلاد.
وفي اليوم السابق، أقال باشينيان تيغران خاتشاتريان نائب الجنرال غاسباريان ما دفع هيئة الأركان التابعة له إلى المطالبة برحيله.
وتأتي هذه المواجهة في الوقت الذي يتعرض فيه باشينيان البالغ من العمر 45 عاما، لضغوط من المعارضة منذ أسابيع.
وقال حزب أرمينيا المزدهرة أكبر تشكيلات المعارضة "ندعو نيكول باشينيان إلى عدم قيادة البلاد إلى حرب أهلية وإراقة دماء".
وأضاف: "لدى باشينيان فرصة واحدة أخيرة للمغادرة من دون حدوث أي اضطرابات".
ويعتبر خصومه أن رئيس الوزراء مسؤول عن هزيمة أرمينيا العسكرية ضد أذربيجان في خريف عام 2020 في الحرب حول إقليم ناغورني قره باغ.
في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، أجبر باشينيان على توقيع اتفاق لوقف الأعمال العدائية في ظل حرب للسيطرة على المنطقة الانفصالية. وفي ذلك الوقت كان يحظى بكل الدعم من قيادات القوات المسلحة.
وفي غضون ستة أسابيع أسفرت هذه الأعمال العدائية التي بدأت في 27 أيلول/سبتمبر عن مقتل أكثر من 6000 شخص، كما زعزعت فترة ولاية هذا الإصلاحي، الذي يركز على الانتعاش الاقتصادي للبلاد ومحاربة الفساد.
بالنسبة إلى منتقديه، أصبح الآن "خائنا"، وهي صفة تتناقض بشكل حاد مع صورته في ربيع عام 2018.
في ذلك الوقت، وصل نيكول باشينيان، الصحفي السابق والمعارض التاريخي الذي سجن، إلى السلطة وسط دعم شعبي عبر ثورة سلمية ضد النخب الفاسدة.
وخلال مسيرته المظفرة، احتشد قرويون في الشوارع من أجل تحية هذا الأب لأربعة أطفال وقدموا له الخبز والفاكهة فيما يجول أنحاء البلاد للتنديد بالسلطة القائمة.
وهو الذي سجن لدوره في الاشتباكات الدامية بين عناصر من الشرطة ومتظاهري المعارضة في العام 2008، واعتُبر حينها رجل الشعب.
حملة لمكافحة الفساد
بعد 7سنوات من إطلاق سراحه، في العام 2018، دفعت أسابيع من التظاهرات الحاشدة رئيس الحكومة سيرج سركيسيان إلى المغادرة.
وحقق حزب "العقد المدني" بزعامة نيكول باشينيان فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية.
وبعد ذلك، أطلق حملة ضد الفساد المستشري مع تعهده بإصلاحات اقتصادية شاملة ومحاربة الأوليغارشيين والمحتكرين.
إضافة إلى ذلك، اتهم رئيس الوزراء رجال الأعمال هؤلاء بتنظيم الاحتجاجات ضده عقب توقيعه اتفاق وقف الأعمال القتالية في ناغورني قره باغ.
ووفقا للمحللين، ساعدت إجراءات نيكول باشينيان في تسريع النمو الاقتصادي في الدولة القوقازية الفقيرة، إلى أن وصل فيروس كورونا ووضع حدا لذلك.
كذلك، أصبح التقدم المحرز أكثر هشاشة بسبب تداعيات الأزمة السياسية والهزيمة العسكرية في ناغورني قره باغ، وهي جيب انفصالي في أذربيجان شهد حربا أيضًا في التسعينيات خلفت حوالي 30 ألف قتيل.
لم يشارك نيكول باشينيان، وهو رجل ذو شخصية جذابة وابتسامة خجولة، في حرب قره باغ الأولى لكنه لعب دورا أساسيا في الحرب التي دارت في الإقليم الخريف الماضي.
ووضع موهبته كمتحدث في الخطب الحربية الحماسية، ودعا الأرمن إلى "التوحد وكسر ظهر العدو".
لكن أذربيجان، المسلحة بمعدات حديثة بفضل عائداتها النفطية، ألحقت بالأرمن خسارة فادحة.
واعتبر رئيس الوزراء قرار قبول الهزيمة "مؤلما جدا"، لكنه أفضل من خسارة كل إقليم ناغورني قره باغ الذي بقيت منه مساحة أقل وصار أضعف؛ مثله.