الرواندي بول كاغامي.. حوكمة على محكّ التحديات الأفريقية
رئيس رواندا يتسلم رئاسة المنظمة الأفريقية وسط تحديات عدة تواجهها القارة السمراء.
بخطوات ثابتة، قطع الرئيس الرواندي، بول كاغامي، ممرات مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مسرعا نحو القاعة حيث يعقد نحو 40 من القادة الأفارقة، اجتماعا مغلقا في إطار القمة الـ30 للاتحاد.
وتناقش القمة الإفريقية التي تختتم أعمالها الإثنين، أبرز التحديات التي تواجه القارة السمراء وسبل مكافحتها، وفي مقدمتها النزاعات والإرهاب، علاوة على موضوع القمة لتعزيز وتسهيل التعاون بين الدول الأعضاء لضمان فاعلية التدابير للتصدي للفساد والجرائم ذات الصلة بالقارة.
وبانطلاق الجلسة الافتتاحية للقمة، الأحد، عقب 3 ساعات استغرقتها الجلسة المغلقة، أعلن رئيس مفوضية الاتحاد، موسى فكي، انتقال رئاسة المنظمة الأفريقية من الرئيس الغيني، ألفا كوندي، إلى نظيره الرواندي.
انتقال يحمل كاغامي، لمدة عام، مسؤولية التعامل مع ملفات شائكة على رأسها إصلاح الاتحاد، وتحقيق استقلاليته المالية، ما يطرح على الرجل تحديات جسيمة، وفق مراقبين، في وقت لا تحظى فيه سياساته الداخلية بإجماع من قبل عدد من البلدان الأعضاء بالمنظمة.
عام لإصلاح الاتحاد
من جبهات القتال، حيث قاد "الجبهة الوطنية الرواندية" إلى النصر على نظام الهوتو (عرقية تمثل الأغلبية بالبلاد)، في المجازر العرقية التي شهدتها البلاد عام 1994، تولى كاغامي، عام 2000، رئاسة رواندا بتزكية من البرلمان.
وباستنفاده من ولاياته الدستورية الثلاث التي امتدت كل واحدة منها 7 سنوات، أجرى كاغامي تعديلا على الدستور منحه تأشيرة البقاء في الحكم لثلاث فترات رئاسية أخرى، تنقضي في 2034.
مراقبون يعتبرون أن كاغامي حكم بلاده، طوال 24 عاما، بقبضة من حديد مبنية على مقاربة تفضل الجانب الأمني والنتائج الاقتصادية على التقدم الديمقراطي، وهو ما ينفيه آخرون ممن يرون أن كاغامي نجح، بعكس الأقاويل، في إعادة بناء بلد خرج لتوه من أسوأ ما شهده العالم من إبادات جماعية.
بل إن الكثير من المحللين أشادوا برؤية الرئيس الرواندي المكرسة لإفريقيا حديثة ومتقدمة، وجذابة وقادرة على أن تكون ندا للقوى الاستعمارية القديمة (فرنسا وبريطانيا بالأساس).
ومهما يكن من أمر، فإن أمام كاغامي عاما واحدا، قبل تمرير مشعل الرئاسة الدورية لنظيره المصري في 2019، لإصلاح الاتحاد الأفريقي، وخصوصا تحقيق هدف المنظمة بتحقيق استقلاليتها المالية، وجعلها أكثر فاعلية، وهو التحدي الأبرز لمنظمة الوحدة الأفريقية التي اتخذت، في 2002، اسم الاتحاد الأفريقي.
صحيفة "لوموند" الفرنسية، نقلت عن أحد مؤسسي الاتحاد الإفريقي دون تسميته، قوله: "بول كاغامي مختلف كثيرا عما يمكن أن تراه لدى رؤساء البلدان الإفريقية، فهو متواضع ومجتهد، وبإمكانه تجسيد الأخلاق والمثالية، وهذا ما تحتاجه القارة".
كاغامي بإمكانه أيضا الاعتماد على رئيس المفوضية الأفريقية، التشادي موسى فكي، والذي قال في كلمته الافتتاحية بالقمة الـ30: "لدينا خياران فقط، فإما التحرك بشكل حاسم لتفعيل الإصلاحات، أو ترك الطريق للفشل".
التمويل الذاتي والإصلاح.. أبرز التحديات
وفي الواقع، فإن إصلاح المنظمة الأفريقية، وتخليصها من الاعتماد على التمويل من خارج بلدانها الأعضاء، يدفع بجميع بلدان الاتحاد لتجاوز تحفظها عن السياسات الداخلية للرئيس الرواندي، أملا في تفعيل هيكلة طال انتظارها.
الصحيفة الفرنسية نقلت أيضا عن دبلوماسي من غرب أفريقيا قوله إن "الجميع يبحث تفعيل الإصلاح المؤسسي، ويبذلون جهودا لإقناع الدول المترددة بإفساح المجال أمام الرئيس الرواندي ليترك بصماته في التاريخ الأفريقي المشترك".
وبغض النظر عن المواقف المتباينة من كاغامي، فإن الاتحاد الأفريقي يعوّل على الأخير، للبدء في مجموعة من الإصلاحات الجذرية، على رأسها تحقيق الاستقلال المالي للمنظمة، في وقت بلغ فيه التمويل الأجنبي 73 % من ميزانيتها في عام 2016.
وعلاوة على التمويل الذاتي والإصلاح، يعوّل القادة الأفارقة أيضا، هذا العام، على التوصّل للحدّ الأدنى من التوافق حول العديد من القضايا الخلافية، أبرزها السوق الأفريقية المشتركة، وحرية الحركة والتنقل بين الدول الأعضاء بالاتحاد.
ملفات قد لا تلقى إجماعا عاما من قبل المجتمعين في أديس أبابا، لكن الآمال بالحصول على الموافقة المبدئية لنصف البلدان الإفريقية على الأقل، ما تزال طاغية على الأجواء العامة للقمة قبيل صدور بيانها الختامي.
aXA6IDE4LjIyMy40My4xMDYg جزيرة ام اند امز