ميثاق لـ«السلام والمصالحة».. هل ترمم مالي ندوب الانقسام والإرهاب؟

مسودة ميثاق جديد للسلام والمصالحة في مالي تستهدف ترميم ندوب أكثر من عقد من الأزمات، لكن النص يصطدم برفض من انفصاليين ومعارضين.
والميثاق الذي صاغته لجنة برئاسة رئيس الوزراء السابق عثمان إيسوفي مايغا، تعتبره السلطات خطوة حاسمة نحو بناء السلام والمصالحة والتماسك الوطني في سياق يشهد تحولات سياسية وأمنية واجتماعية عميقة.
وهذا الأسبوع، قدمت اللجنة مسودة الميثاق إلى الرئيس الجنرال أسيمي غويتا.
وبحسب الرئاسة في مالي، يهدف النص إلى «معالجة الجروح العميقة التي خلفتها سنوات من الأزمات المتعددة الجوانب»، و«إرساء أسس سلمية وموحدة وتطلعية».
إلا أن المتمردين المؤيدين للاستقلال في الشمال، ممن لم يشاركوا في العملية، يرفضون النص بشكل قاطع، في موقف تتبناه المعارضة السياسية أيضا رغم حلها.
ولم يُنشر النص الكامل بعد، لكن من المتوقع نشره قريبا وتحديدا بعد اعتماده من قِبَل المجلس الوطني الانتقالي وإصداره من قبل رئيس الدولة.
ولكن، وفقا لتسريبات حصلت عليها «إذاعة فرنسا الدولية» (آر أف آي)، فإن نطاق النص واسع جدا حيث تغطي مواده 106 قضايا تشمل العدالة، والاقتصاد، والحوكمة، والتعليم، ومكافحة الفساد، وغيرها.
والأهم من ذلك، وفق المصدر نفسه، أن النص «يؤكد على ضرورة حل الأزمات والصراعات من خلال تفضيل الأساليب البديلة والآليات الذاتية»، أي دون أي تسهيلات أو تدخلات خارجية.
وفي 2015، وقعت الحكومة في باماكو اتفاق سلام مع عدد من المجموعات المسلحة المطالبة بالانفصال في الشمال، في مبادرة قادتها حينها الجزائر.
ولكن بصعود الجيش إلى السلطة عقب الانقلاب الأخير في مالي، ساد التوتر العلاقات بين باماكو والجزائر، ما دفع بسلطات البلد الأول لتقديم النص الجديد كبديل تعتبره «وطنيا وسياديا» للمصالحة والسلام بالبلاد.
«التشاور والشمولية»
تفتخر الرئاسة في مالي بأن الميثاق الجديد «وُضع بروح التشاور والشمولية»، وخلال عرض المسودة، أكد الجنرال أسيمي غويتا على «الطابع التشاركي للعملية»، وسط تصفيق حار من المشاركين.
وبينما شارك ممثلون عن الدولة والسلطات المحلية والمنظمات المهنية والنقابات والزعماء الدينيين، قاطعت معظم الأحزاب السياسية - المنحلة الآن - الإجراءات.
أما الأحزاب والتحالفات التي تطالب بانفصال الشمال، على غرار «جبهة تحرير مالي»، فلم تُدع إلى الحضور حيث يعتبرهم النظام «إرهابيين» تمامًا مثل الجماعات الإرهابية الناشطة في عدة مناطق من البلاد.
«خطوة حاسمة»
في رد فعل متوقع، اعتبرت «جبهة تحرير مالي»، في بيان، أن «هذه الوثيقة بعيدة كل البعد عن كونها نتاج عملية سلام حقيقية، ناهيك عن كونها ردا على الظلم، هي مهزلة أخرى».
ووصفتها بأنها «تكتيك سياسي للمماطلة».
وفي ضوء الخلافات المحتدمة بين باماكو والانفصاليين، يتفق الجانبان على نقطة واحدة على الأقل وهي أنه لا جدوى من التفاوض.
وعلى النقيض من ذلك، ترى جمعية «تموزوك» التي تضم شخصيات من الشمال متحالفة مع الجيش، أن الميثاق الجديد يمثل «خطوة حاسمة في ترسيخ الأمة المالية»، ودعت «جميع الجماعات والمنظمات المسلحة» إلى «الالتزام الراسخ بالحوار».
انتقادات
لا تزال الأحزاب السياسية في مالي مستاءة من حلها بشكل جماعي في مايو/ أيار الماضي، ومع ذلك اعتبر وزير سابق تحدث لـ«إذاعة فرنسا الدولية» مفضلا عدم الكشف عن هويته، أنه «لا يمكن التوفيق بين السلام والمصالحة من خلال الإقصاء أو الحل، ناهيك عن الحظر».
ويعتقد هذا الركيزة الأساسية للحركة المؤيدة للديمقراطية أن مشروع الميثاق الجديد «يتجنب الخلافات الحقيقية للتركيز على تجميع النوايا».
كما يأسف لعدم وجود «مشاركة حقيقية» من قبل «الجماعات المسلحة والانفصاليين والمجتمعات المهمشة، وضحايا الانتهاكات».