الدماء الجديدة أم الخبرة؟ جدل الشيخوخة يهز أروقة الكونغرس
في وقت تتصاعد فيه التساؤلات حول قدرة السياسيين المخضرمين على مواصلة أداء مهامهم، يطفو على السطح جدل عميق داخل الحزب الديمقراطي حول التوقيت المناسب لتقاعد الكبار في السن.
يأتي ذلك مع تركيز الأنظار على نانسي بيلوسي البالغة 85 عامًا والتي لم تُعلن بعد عن قرارها بشاب الترشح للانتخابات المقبلة، بحسب ما ذكرته شبكة "فوكس نيوز".
وتضم دورة الكونغرس الأمريكي الحالية العدد الأكبر من الأعضاء الأكثر تقدمًا في السن عبر تاريخ البلاد، إذ تضم عددًا لافتًا من الأعضاء الذين تجاوزوا الثمانين وحتى التسعين من عمرهم.
هذه التركيبة الديموغرافية أثارت نقاشًا واسعًا حول ضرورة تجديد الدماء داخل المؤسسة التشريعية الأكثر تأثيرًا في الولايات المتحدة.
وفي قلب هذا الجدل، تأتي بيلوسي التي تواجه تحفظات من بعض الديمقراطيين في كاليفورنيا بشأن ترشحها مرة أخرى.
ورغم هذه الضغوط، يظل موقفها الرسمي غير محسوم، حيث أفاد متحدث باسم مكتبها بأن تركيزها الحالي منصب على دعم حملة "نعم على 50" الانتخابية، مؤكدًا أن "السيدة بيلوسي تكرّس جهودها لضمان فوز الديمقراطيين واستعادة السيطرة على مجلس النواب".
الخبرة مقابل الحيوية: معايير أداء متضاربة
ينقسم المشرعون حول معايير تقييم الأداء السياسي، حيث يرى البعض أن العمر مجرد رقم. فالنائب بريندان بويل، رئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب، يوضح: "هذه ليست مسألة تخص الكونغرس وحده، بل المجتمع الأمريكي بأسره. من الصعب وضع قاعدة صارمة للعمر المناسب للتقاعد".
ويستشهد بويل بتجربة السيناتورة الراحلة ديان فاينستاين التي واجهت في سنواتها الأخيرة انتقادات حادة بسبب تدهور صحتها، قائلاً: "في مرحلة ما علينا جميعًا أن نتساءل: متى نغادر المسرح؟ فاينستاين كانت رمزًا للعطاء، لكن سنواتها الأخيرة ألقت بظلالها على إنجازاتها".
من جهة أخرى، ترى النائبة الجمهورية ستيفاني بايس أن المشكلة الحقيقية تكمن في "التمسك بالسلطة وليس في السن"، مشيرة إلى أن "البعض ببساطة لا يريد أن يترك الكرسي".
بينما يعبر السيناتور الديمقراطي براين شاتز عن رأي وسيط، مؤكدًا أن "العبرة بالحيوية وليس بالعمر"، ومضيفًا: "هناك أشخاص غير شباب لكنهم يتمتعون بالنشاط والإقبال على العمل ويستحقون الاستمرار".
توازن دقيق بين التمييز العمري والواقع العملي
ويحذر بعض النواب من تحويل النقاش إلى ما وصفوه بـ"تمييز عمري"، حيث تؤكد السيناتورة الجمهورية آشلي مودي أن "ما يهم الناخبين هو أن يؤدي ممثلوهم عملهم بإخلاص وكفاءة".
وفي المقابل، يدافع النائب غلين آيفي عن شخصيات قيادية مثل بيلوسي، قائلاً: "لا يزالون يقدمون أداءً متميزًا يضاهي ما كانوا عليه قبل عقود".
ويضيف: "الأهم أن يكون السياسي صادقًا مع نفسه، وأن يراقب الناخبون أداء ممثليهم بوعي ومسؤولية".
وبينما يختتم النائب الديمقراطي ويسلي بيل، أحد الوجوه الجديدة في الكونغرس، النقاش بالقول: "طالما أنني أستطيع النهوض كل صباح لخدمة أبناء دائرتي، فسأعتبر ذلك نعمة أواصل استثمارها"، يبقى مصير بيلوسي وقضية التقاعد السياسي للمسنين سؤالاً مفتوحًا في المشهد السياسي الأمريكي، يجسد الصراع الأبدي بين قيمة الخبرة وضرورة التجديد.