«الولاية الثالثة».. هل يحقق ترامب حلمه المستحيل؟
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجةً من الجدل السياسي والقانوني بعد إيماءاته الأخيرة حول رغبته في الترشح لولاية رئاسية ثالثة، متحديًا بذلك القيود الدستورية التاريخية التي تحدد مدة الرئاسة بولايتين فقط متصلتين، أو منفصلتين.
جاءت هذه التصريحات خلال جولة له في آسيا الأسبوع الماضي، حيث صرح ترامب بلغة ملتبسة بأنه: "أتمنى ذلك.. هل أستبعد ذلك؟ أنتم من يجب أن تخبروني.. كل ما أستطيع قوله هو أن لدينا فريقًا رائعًا من الناس، على عكس الديمقراطيين".
هذه التصريحات لا تبدو منعزلة، فحليفه المقرب ستيف بانون كان قد كشف مؤخرًا عن وجود "خطة" لإبقاء ترامب في البيت الأبيض لما بعد 2028.
ويرى مراقبون أن هذه التصريحات تمثل محاولة مقصودة لقياس ردود الفعل وتمهيد الطريق أمام فكرة تمديد فترة الرئاسة.
ورغم وصف البعض لهذه التصريحات بمجرد تكتيك لحشد القاعدة الانتخابية أو استفزاز الخصوم، يحذر محللون سياسيون من الاستهانة بها، معتبرين أنها جزء من استراتيجية مدروسة لغرس الفكرة تدريجيًا في الوعي العام، وتمهيدًا لمعركة قانونية محتملة أمام المحكمة العليا.
المحكمة العليا... بوابة التفسير المرن للدستور
وتشكل السوابق القضائية الأخيرة للمحكمة العليا - ذات الأغلبية المحافظة - مصدر قلق للعديد من المراقبين.
ففي 2024، أصدرت المحكمة حكمًا مثيرًا للجدل سمح لترامب بالبقاء على قوائم الاقتراع رغم اتهاماته بالتحريض على التمرد، متجاوزةً بذلك التفسيرات التقليدية للتعديل الدستوري الرابع عشر.
وتعزز هذه المخاوف قرارات لاحقة للمحكمة، منها قرارها بعدم إمكانية توجيه اتهام جنائي لأي رئيس عن أفعاله أثناء ولايته، الذي وصفته القاضية سونيا سوتومايور بأنه "سخرية من المبدأ الدستوري القائل بأن لا أحد فوق القانون".
وسارع حلفاء ترامب إلى تهدئة المخاوف، حيث وصف رئيس مجلس النواب مايك جونسون الفكرة بأنها "مزحة أخرى من الرئيس" تهدف لاستفزاز الخصوم، مشيرًا إلى تعقيد عملية تعديل الدستور التي تتطلب موافقة ثلثي الكونغرس وثلاثة أرباع الولايات.
غير أن ترامب سرعان ما عاد لتأكيد غموض موقفه، قائلاً: "كما قرأت، يبدو أنني غير مسموح لي بالترشح"، ليختتم بعبارته المفضلة: "لكننا سنرى ما سيحدث" - وهي العبارة التي تصفها شبكة "سي إن إن" بأنها أسلوبه المعتاد في "عدم استبعاد أي شيء".
تحدي الأسس الدستورية
تشير التطورات الأخيرة إلى أن ترامب لا يرى في الدستور عائقًا أمام طموحاته، فيما يبدو أن الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا تقترب بشكل متزايد من تيار "ماغا".
من جانبه، يرى أستاذ القانون مايكل دورف أن "قضاة المحكمة المحافظين لا يدركون التهديد العميق الذي قد يمثله ترامب في ولايته الثانية على الديمقراطية الدستورية".
ويؤمن العديد من أنصار ترامب بأنه "المخلّص السياسي" الوحيد القادر على إصلاح ما يعتبرونه انحدارًا لأمريكا، مما يخلق بيئة داعمة لتحدي الثوابت الدستورية.
وأشار الموقع إلى أن التصريحات الأخيرة ليست مجرد دعاية انتخابية عابرة، بل تمثل جزءًا من استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل المفاهيم الدستورية ذاتها. فبغض النظر عن التصريحات التطمينية للحلفاء، يبدو أن التعديل الثاني والعشرين لم يعد الحاجز الذي كان عليه في الماضي، والمحكمة العليا قد تكون المفتاح الأخير لتحقيق هذه الطموحات.