صلح بنسيلفانيا.. أمريكا وأوروبا يرممان ما دمره "ترامب"
يتطلع قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإصلاح العلاقات التجارية المتضررة بينهما خلال لقائهم الممتد ليومين في بيتسبرج الأمريكية.
وتضررت العلاقات التجارية بين أمريكا وأوروبا خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي سارع إلى فرض العديد من الرسوم الجمركية على العديد من القطاعات والأنشطة التجارية الأوروبية باسم حماية الأمن القومي للولايات المتحدة.
يهدف اللقاء الأمريكي الأوروبي إلى التعاون في قطاع التكنولوجيا، من خلال "مجلس التجارة والتكنولوجيا" الذي بدأ فاعلياته، أمس الأربعاء، في مدينة بيتسبرج الواقعة في ولاية بنسيلفانيا، عاصمة الصلب التي تحولت إلى عاصمة للتكنولوجيا، في وقت تعاني القطاعات الصناعية حول العالم من نقص في أشباه الموصلات.
وعقد الوزراء اجتماعهم في "ميل 19" الذي كان مصنعا ضخما للذخائر إبان الحرب العالمية الثانية قبل أن يتحوّل إلى مصنع للصلب على ضفاف نهر مونونغاهيلا ليصبح في نهاية المطاف منشأة متطورة لعلم الروبوتات لباحثي جامعة كارنيغي ميلون.
- أمريكا بالمقدمة.. أوروبا تحذف 6 دول من قائمة السفر الآمن
- أوروبا في أحضان "السيل الشمالي".. الدفء أهم من أمريكا
ويلقي قطاع الصلب بظلاله على الاجتماعات من نواح عدة، خصوصا أن الجانبين لم يتوصلا بعد إلى تسوية النزاع الناجم عن فرض دونالد ترامب رسوما على الصلب والألمنيوم.
وكان ترامب فرض في يونيو/حزيران 2018 رسوما جمركية بنسبة 25% على الصلب و10% على الألمنيوم الأوروبيين، لكن وشددت واشنطن وبروكسل على أن المحادثات في بيتسبرغ لن تتناول هذه المسالة الخلافية.
أزمة شرائح
وتقرر تشكيل "مجلس التجارة والتكنولوجيا" خلال قمة عقدت في بروكسل في يونيو/حزيران شارك فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقد سعى حينها إلى إصلاح العلاقات وتوصل إلى اتفاق لنزع فتيل النزاع بين إيرباص وبوينج، في مساع أفضت إلى تعليق الرسوم.
لكن عقبات أخرى أدت إلى تفاقم التوترات، لا سيما خروج الولايات المتحدة من أفغانستان في نهاية أغسطس/آب، والإعلان عن تشكيل تحالف إستراتيجي بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا دون أي تشاور مع الأوروبيين، ما أثار شكوكا حيال رغبة واشنطن المعلنة في التعاون.
ويشمل الوفد الأمريكي وزير الخارجية أنتوني بلينكين ووزيرة التجارة جينا ريموندو والممثلة التجارية كاثرين تاي، فيما يضم الوفد الأوروبي نائبا رئيسة المفوضية الأوروبية فالديس دومبروفسكيس ومارغريت فيستاغر.
وأعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "شريكان لا غنى لهما عن بعضهما البعض" سيسعيان إلى "تعزيز النمو الاقتصادي المشترك" للعمال في كل منهما.
وسيكون النقص في إمدادات شرائح الكمبيوتر المعروفة بأشباه الموصلات على جدول البحث. وارتفع الطلب على الأجهزة الإلكترونية بجميع أنواعها منذ بداية جائحة كوفيد-19، نتيجة تزايد العمل عن بُعد والطلب على الترفيه المنزلي.
ويواجه مصنعو أشباه الموصلات صعوبات لتلبية الطلب العالمي، في وقت اضطروا أحيانا إلى إغلاق مصانعهم مؤقتا بسبب تفشي فيروس كورونا.
وبحسب مسودة بيان مشترك اطلعت عليها وكالة فرانس برس يسعى الطرفان إلى بذل جهود مشتركة من أجل "إعادة التوازن لسلاسل الإمداد العالمية على صعيد أشباه الموصلات مع التطلع إلى تعزيز أمن الإمدادات" وتفعيل قدرات إنتاج الشرائح محليا.
وقالت ريموندو إن النقص في أشباه الموصلات يثير قلقا على الصعيدين الاقتصادي والأمني، ودعت إلى الاستثمار في التصنيع المحلي في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقالت الثلاثاء أمام نادي واشنطن الاقتصادي "قبل 20 عاما، كنا نصنع نحو 40% من جميع الرقائق. اليوم، صارت حصتنا من الإنتاج العالمي 12% فقط ولا نصنع أيا من الرقائق المتطورة تقنيا".
وحثّت المسؤولة الكونجرس على الاستثمار بكثافة لزيادة الإنتاج الأمربكي من أشباه الموصلات بشكل كبير.
التصدي لبكين
بالإضافة إلى أشباه الموصلات، ستتم مناقشة الممارسات التجارية غير العادلة مثل الدعم الحكومي والنقل القسري للتكنولوجيا، على أن تخيم على المناقشات السياسة التي سيتم اعتمادها حيال الصين.
حاليا، يتبع بايدن نهج سلفه دونالد ترامب من خلال الدعوة إلى الحزم تجاه بكين، وأبقت إدارته على الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها ترامب على البضائع الصينية.
لكن في حين شدد دومبروفسكيس على أن الغاية من مجلس التجارة والتكنولوجيا ليس استهداف دولة بعينها، يشير البيان إلى جهود للتصدي لـ"الاقتصادات غير السوقية"، في إشارة إلى الصين، كما وبذل جهود على صعيد ضوابط الاستثمار والتصدير.
ووفق مسوّدة البيان يتعهد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العمل بشكل وثيق من أجل حماية اليد العاملة في كل منهما من "ممارسات تجارية مجحفة... تقوّض نظام التجارة العالمي".
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4xNjYg جزيرة ام اند امز