أصبح ريال مدريد فريقا مهلهلا لا يمتلك قائدا خارج الملعب ولا داخله ولا هدافا ولا صانعا للأهداف.. تابع قراءة المقال.
إذا كان الأوروجواياني لويس سواريز مهاجم برشلونة هو صاحب الحفل في مباراة ريال مدريد بعد الهاتريك الذي سجله في شباكه، فإن فلورنتينو بيريز رئيس النادي الملكي هو الآخر شريكا لسواريز في حفلته، بـ"هاتريك" آخر سجله في شباك فريقه، واستمر في تسجيله نحو موسمين، قبل أن يجني حصاد جهده في مباراة الكلاسيكو.
أصبح ريال مدريد فريقا مهلهلا لا يمتلك قائدا خارج الملعب ولا داخله ولا هدافا ولا صانعا للأهداف، نتيجة لسياسية "اللا نجم" التي لم تثبت يوما نجاحها مع فريق اعتمد طوال تاريخه على أفضل لاعبي العالم
هزيمة ثقيلة بخماسية كانت قابلة للزيادة، في غياب الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي يعتبره الكثيرون الأفضل في العالم بالوقت الحالي، مع وجود جيرارد بيكيه الذي يقدم واحدة من أسوأ مواسمه على الإطلاق، لم يكن ذلك إلا تجسيدا للتخبط الإداري للنادي العاصمي، تخبط استمر لموسمين تحت مسمى "مشروع بيريز"، الذي ظهرت معالم فشله منذ الوهلة الأولى.
أن تكون بطلا لـ3 نسخ من آخر 4 بطولات خاضها فريقك بدوري أبطال أوروبا وتستعيد الدوري بعد غياب 4 مواسم، فهذا لا يعني سوى أنك تسير على الطريق الصحيح، ولا يحتاج منك سوى بعض الإضافات لتقوية الجوانب التي يُتوهم ضعفها، وتأمين مستقبل الفريق في المراكز التي يسيطر عليها كبار السن.
ولكن ما فعله بيريز يبدو وكأنه قد شعر بالملل من تلك التجربة التي لا تريد أن تفشل، فدق بيديه ناقوس نهايتها حين قرر الاستغناء عن العناصر البديلة التي كانت تمثل قوة إضافية توازي وأحيانا تتفوق على القوة الأساسية، دون حتى أن يستعيض عنها بقوة أخرى ولو أقل منها.
النتيجة كانت واضحة، تخبط ونتائج متردية طوال الموسم بالدوري وكأس الملك، حتى كان الإنقاذ بالحصول على دوري أبطال أوروبا للموسم الثالث على التوالي والمرة الرابعة في آخر 5 مواسم، إلا أن بيريز فهم من هذا اللقب أن الفريق يسير في طريقه الصحيح، متغاضيا عن الموسم الطويل الذي أرهق مشجعي الريال لسوء المستوى والنتائج على حدٍ سواء.
هذه المرة رفع بيريز سقف أفعاله فأطلق العنان للفرنسي زين الدين زيدان ليرحل عن تدريب الفريق، مستبدلا إياه بلوبيتيجي الذي لم يثبت نجاحه في تجربة قوية تجعله قادرا على قيادة الفريق الأقوى في العالم بلاعبيه الأفضل في العالم، حتى أنه أعلن تعيينه دون حتى أن ينتظر ليتعرف على نتائج اختباره الأول والأبرز مع المنتخب الإسباني في مونديال روسيا، ولسوء حظه فإنه لم يكمل حتى هذا الاختبار ورحل عن "الماتادور" قبل انطلاق البطولة.
الفشل ظهرت معالمه جلية في حديث زيدان بالمؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه رحيله عن تدريب ريال مدريد، حين شدد مرارا وتكرارا على أن الفريق يحتاج إلى التغيير، في إشارة إلى أن الأمور لا تسير بالشكل الصحيح كما يظن البعض، ذلك التغيير الذي فهمه بيريز بشكل خاطئ فما إن انتهى المونديال حتى وافق على رحيل نجمه الأبرز كريستيانو رونالدو إلى يوفنتوس بمبلغ يمكن أن يُوصف بـ"الكوميدي" للاعب تُوج بالكرة الذهبية 4 مرات في آخر 5 مواسم أيا كان عمره.
رحل رونالدو الذي يحتاج تعويضه إلى 3 بدلاء، بديل لديه الغزارة التهديفية الكبيرة التي كان يقدمها، وآخر قادر على صناعة تلك الأهداف التي كان هو يصنعها لنفسه في الكثير من الأحيان، لا سيما في ظل سوء المستوى الواضح لجميع مفاتيح لعب الفريق باستثناء مارسيلو، وثالث يقوى على منح اللاعبين تلك القوة المعنوية والنفسية التي يحتاجون إليها وقت الحاجة، رحل "صاروخ ماديرا" دون التعاقد مع أيٍ من هؤلاء، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير.
فريقٌ مهلهل لا يمتلك قائدا خارج الملعب ولا داخله ولا هدافا ولا صانعا للأهداف، نتيجة لسياسية "اللا نجم" التي لم تثبت يوما نجاحها مع فريق اعتمد طوال تاريخه على أفضل لاعبي العالم، في الوقت الذي كان فيه المنافسون يحاولون تطبيق تلك السياسة، والغريب أن هؤلاء المنافسين حين أدركوا أن متطلبات الاحتراف لا تستقيم مع سياستهم القديمة، كان بيريز يسير على عكس الطريق عائدا إليها لينهل منها ويلات فشل سياساته.
لا شك أن هاتريك سواريز في شباك ريال مدريد كان مؤلما لجماهير "الملكي".. ولكن هاتريك بيريز في شباك فريقه كان أعنف وأسوأ أثرا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة