بيدرو كاستيلو.. قصة كفاح من الصغر انتهت بكارثة في الكبر
حين تتصفح سيرته ينتقل بك مسار حياته من قصة كفاح نقشها في الصغر إلى كارثة حلّت به في الكبر.
إنه بيدرو كاستيلو، الذي تم انتخابه رئيسا لبيرو، قبل عام ونيف، في انتصار هزّ حينها النخبة السياسية والاقتصادية في الدولة الواقعة بأمريكا الجنوبية، قبل أن يُطاح به، يوم أمس الأربعاء.
قصة كفاح في الصغر
في المعلومات التي طالعتها "العين الإخبارية" في مواقع إعلامية بيروفية وغربية، ولد بيدرو كاستيلو في واحدة من أفقر مناطق بيرو، عام 1969، وهو الثالث من بين تسعة أطفال لأبوين أميين كان يساعدهما في المزرعة.
عندما كان طالبا صغيرا كان عليه المشي لأكثر من ساعتين للوصول إلى المدرسة، لكنه في النهاية أصبح مدرسا في مدرسة ابتدائية، وهي وظيفة عمل فيها لمدة 25 عاما.
متزوج بليليا باريديس، وهي أيضا معلمة ولديهما طفلان، ويعارض بشدة الزواج من نفس الجنس والإجهاض.
انتقلت العائلة إلى العاصمة ليما فقط قبل فترة وجيزة من تنصيب كاستيلو، الذي تزامن مع الذكرى المئوية لاستقلال بيرو.
رئيس رغم فقر السياسة
بدأ حياته السياسية عام 2002 عندما ترشح لمنصب عمدة، دون جدوى، وبرز لأول مرة في 2017 خلال إضراب المعلمين بشأن الأجور وتقييم الأداء.
وعلى الرغم من قلة معرفته في المناطق الحضرية وبالمنصب نفسه، أصبح مرشحا في الانتخابات الرئاسية عام 2021، وفاز بشكل غير متوقع في الجولة الأولى، متغلبا على 17 مرشحا آخر.
"أبدأ مرة أخرى.. رجل فقير في بلد غني!" كانت رسالة للرجل في تجمع حملته الانتخابية، حيث أعرب عن إحباط البيروفيين المتعثرين. وقال ذات مرة: "إنني أعرف ما هو تنظيف مدرسة".
وفي خطاب الفوز توجه بكلمة للأمة: "حان الوقت لدعوة جميع قطاعات المجتمع إلى البناء معا... بيرو شاملة وبيرو عادلة وبيرو حرة"، متعهدا بالحكم "مع الشعب ومن أجل الشعب" في احتفال غارق في الرمزية التاريخية تزامن مع الذكرى المئوية الثانية لاستقلال بيرو عن إسبانيا.
بل إنه وعد بأنه "لن يثري" نفسه، متعهدا بسحب الراتب المعادل لما يتقاضاه كمدرس.
وفي لفتة رمزية للغاية، قال إنه لن يحكم من القصر الرئاسي بالعاصمة، المعروف باسم "بيت بيزارو"، مضيفا "سنتخلى عن هذا القصر لوزارة الثقافات حتى يمكن استخدامه لعرض تاريخنا منذ نشأته وحتى اليوم".
أعلن المعلم ذات خبرة الـ 25 عاما حالة الطوارئ في التعليم العام، وتعهد بزيادة ميزانيته، وبإنشاء وزارة للعلوم والتكنولوجيا وإعادة تسمية وزارة الثقافة لتصبح وزارة الثقافات لتعكس العديد من الشعوب الأصلية في بيرو.
الوباء والتوترات
لكن الزعيم النقابي البالغ من العمر 51 عاما، واجه تحديات ضخمة في الوقت الذي كانت تكافح فيه بيرو أخطر تفشٍ لوباء كورونا في العالم.
وباءُ تزامن مع توترات داخل حزبه اليساري، ودعم ضعيف من الكونغرس في دولة منقسمة.
وعدٌ اصطدم بجدار الكونغرس
كان أحد وعوده الرئيسية هو الدعوة إلى استفتاء على مجلس لكتابة دستور جديد، ليحل محل النص الحالي الذي سُن في عام 1993 في عهد ألبرتو فوجيموري. داعيا إلى وثيقة تحتوي على "لون ورائحة ونكهة الناس".
لكن وعد الرئيس هذا، اصطدم بكونغرس منقسم، يقاوم هذا المطلب.
ومن خلال تصوير نفسه على أنه رجل الشعب، نادرا ما شوهد كاستيلو بدون قبعة بيضاء تقليدية مصنوعة من القش، وقلم رصاص ضخم قابل للنفخ، وهو رمز لحزبه الماركسي في بيرو الحرة والذي يمثل أيضا خلفيته في التعليم.
وقال الرئيس اليساري إن بيرو لم تُحكم لصالح الأغلبية العظمى، ودعا إلى "تغييرات جذرية" لمعالجة الفقر وعدم المساواة، بما في ذلك التعهد المثير للجدل بصياغة دستور جديد.
حاول خصومه تصويره على أنه يساري متطرف له صلات بجماعات حرب العصابات الشيوعية، وهي مزاعم ينفيها.
لقد خفف من خطابه، لكن النقاد بقوا قلقين من أن بعض خططه يمكن أن تقوض واحدة من أكثر البلدان استقرارا في أمريكا اللاتينية.
من رعاية الأطفال الفقراء في فصل دراسي متعدد الدرجات ومنزله المبني من الطوب اللبن في مرتفعات الأنديز، إلى التعامل مع الأثقل، شؤون الدولة، وجد كاستيلو نفسه أخيرا في فصل العزل يكتب لشعب كامل قصة حياته من الصغر وحتى الكبر.