"العين" تفك شفرة حجر فرعوني استخدمه "جزار" لتقطيع اللحم
حجر فرعوني يعود للأسرة الثلاثين اكتشف بحوزة (جزار) في مدينة مصرية، كان يستخدمه لتسهيل تقطيع اللحوم عليه.. ما قصته؟
"العثور على حجر فرعوني يعود للأسرة الثلاثين بحوزة (جزار) في مدينة مصرية، كان يستخدمه لتسهيل تقطيع اللحوم عليه".. المشهد ليس مأخوذاً من مسلسل كوميدي، وإنما هذا ما تفاجأت به موظفة أثرية بمدينة المحلة (شمال القاهرة بدلتا مصر) حين ذهبت لشراء لحوم من سوق شعبي بالمدينة، ووقفت أمام أحد محلات الجزارة المنتشرة في السوق، لتكتشف –بخبرتها- أن الحجر الذي يستخدمونه في تقطيع اللحوم هو حجر أثري يعود للأسرة الفرعونية الثلاثين قبل الميلاد.
وعلى الفور تم إبلاغ السلطات الأمنية التي ذهبت للسوق وتحفظت على الحجر، ووجه مسؤولو المدينة بضرورة التحفظ على الحجر ونقله إلى متحف قرية بهبيت الأثرية القريبة من المدينة، ليتبين أن الحجر يعود للأسرة الفرعونية الثلاثين، وكان يتواجد بمدينة سمنود التي كانت عاصمة مصر وقتها.
بوابة "العين" الإخبارية حاولت التعرف على ما وراء الحجر الأثري، وفك شفرة احتمالات وجوده في هذا السوق وبين أيدي المواطنين، وهو ما توجهت به للدكتور بسام الشماع، الباحث الأثري وعالم المصريات.
يشير "الشماع" بداية إلى أن أهمية الحجر تكمن في ربطه بين حقبتين زمنيتين مختلفتين تماما، فالأسرة الثلاثين تأتي نهاية عصر الأسرات الذي تلاه عصر الإسكندر المقدوني وحقبته مختلفة تماماً عن الحقب الفرعونية، موضحاً أن الأرض المصرية عبارة عن "طبقات من حقب التاريخ"، والعثور على أثر من تلك الحقبة يؤكد أن لدى مصر كثير من الآثار لم تُكتشف بعد.
وأضاف لـ"العين" أن هناك احتمالين لا ثالث لهما لأصل هذا الحجر؛ أولها أن يكون جزء من عمود فرعوني، وفي هذه الحالة يجب أن يرسل إلى المعبد، والحالة الثانية أن يكون الجزء الأسفل من "رحايا" ضخمة كانت تستخدم لطحن كميات كبيرة من القمح، وكان ذلك معروف في زمن الفراعنة، وكانت الرحايات في العصر الفرعوني بأحجام مختلفة، وأضخم رحايا مكتشفة توجد الآن بمتحف "دندرة" بمحافظة قنا في صعيد مصر، وتفوق حجم الحجر الأثري المكتشف مؤخراً بمراحل كبيرة.
ويرجح الباحث الاحتمال الثاني "الرحايا"، كون مهنة الطحن كانت منتشرة جداً لدى المصري القديم، والنص الفرعوني المترجم يؤكد أن السيدات قديماً كن يجلسن على رحايا في جنبات الطرق، وكانت هذه مهنتهن، حيث كانت مهنة متواضعة لا تطلب قدراً من الثقافة لمن يعمل بها.
وعن تعامل الجهات المسؤولة مع هذه الحالة تحديداً، قال "الشماع"، إنه بالضرورة يجب كشف سبب تواجد الحجر في المنطقة التي تتواجد بها مِحال الجزارين، وغالباً لن تخرج عن 3 حكايات، ولمعرفتها يتم استجواب الجزار الذي وجد بحوزته الحجر ليس لأنه "متهم" بأي شيء، ولكن في محاولة لمعرفة الموقع الذي تواجد به الأثر في الأصل. وكذلك سؤال أهل المنطقة، ففي حالة إجماعهم على أن هذا الحجر لم يتم نقله من مكان آخر إلى موقعه الحالي، في هذه الحالة ترتفع احتمالات أن تكون المنطقة "أثرية"، ويستلزم ذلك إخضاعها للتنقيب لكشف مزيد من الآثار.
وتابع "أما إذا كان الحجر قد تم نقله من موقع آخر غير معروف عنه أنه موقع أثري فيجب التنقيب في ذلك الموقع أيضاً لعله يكون موقعاً أثرياً، أما إذا تم نقلها في وقت سابق من معبد أو على مقربة من معبد، يتحول الأمر إلى جريمة ويعاقب من نقل الحجر الأثري من موقعه الأصلي".
وينصح الباحث الأثري المواطن المصري أن يبلغ الجهات المسؤولة فوراً بمجرد أن يجد حجراً من "الجرانيت" أو "الألبستر المصري"، خاصة إن كانت القطعة التي عثر عليها بها "نحت"، حيث عرفت مصر القديمة بهذين الحجرين تحديداً، وكانا يستخدمان في أغراض كثيرة.