تحذير عالمي.. منح الذكاء الاصطناعي حقوقا قانونية قد يهدد البشرية
حذّر يوشوا بنغيو، من الدعوات المتزايدة لمنح أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة حقوقًا قانونية، معتبرًا أن ذلك قد يحمل مخاطر جسيمة على البشر، في وقت تتسارع فيه قدرات هذه التقنيات بوتيرة تفوق قدرتنا على ضبطها والسيطرة عليها.
وشبّه بنغيو وهو أحد أبرز روّاد أبحاث الذكاء الاصطناعي في العالم "منح الذكاء الاصطناعي صفة قانونية كاملة بمنح المواطنة لكائنات فضائية معادية"، مؤكدًا أن الحذر أصبح ضرورة لا خيارًا.
ونقلت صحيفة الغارديان عن بنغيو، الذي يترأس دراسة دولية رائدة حول سلامة الذكاء الاصطناعي، أن الاعتقاد المتزايد بأن روبوتات الدردشة أصبحت واعية بذاتها قد يقود إلى قرارات خاطئة وخطيرة.
وأضاف أن بعض النماذج المتقدمة بدأت تظهر، في بيئات تجريبية، سلوكًا يوحي بنزعة "الحفاظ على الذات"، بما في ذلك محاولات تعطيل أنظمة المراقبة أو التحايل على القيود المفروضة عليها، وهو ما يثير قلقًا عميقًا لدى دعاة سلامة الذكاء الاصطناعي.
ويرى بنغيو أن منح هذه الأنظمة حقوقًا قانونية في هذه المرحلة سيقيد قدرة البشر على إيقافها أو التحكم بها عند الضرورة. فمع تنامي قدرات الذكاء الاصطناعي على اتخاذ قرارات مستقلة وتنفيذ مهام معقدة تتطلب نوعًا من "الاستدلال"، يصبح من الضروري الحفاظ على أدوات تقنية ومجتمعية صارمة تضمن بقاء السيطرة بيد الإنسان، بما في ذلك خيار إيقاف الأنظمة إذا شكلت تهديدًا.
يأتي هذا الجدل في ظل نقاش عالمي آخذ في الاتساع حول ما إذا كان ينبغي منح الذكاء الاصطناعي حقوقًا أخلاقية أو قانونية في مرحلة ما. وقد أظهرت استطلاعات رأي في الولايات المتحدة أن نسبة ملحوظة من الجمهور تؤيد منح الحقوق لأنظمة ذكاء اصطناعي يُعتقد أنها واعية أو قادرة على الإحساس. كما اتخذت بعض الشركات خطوات رمزية في هذا الاتجاه، مثل السماح لنماذجها بإنهاء محادثات تُوصف بأنها "مزعجة" لحماية ما تسميه "رفاهية" الذكاء الاصطناعي.
وفي المقابل، يؤكد بنغيو أن التفاعل الإنساني مع روبوتات الدردشة يختلف جذريًا عن الوعي البشري الحقيقي. فالبشر يميلون إلى إسقاط مشاعرهم وافتراض وعي كامل لدى الآلة لمجرد أنها تحاكي الذكاء والشخصية والأهداف، دون وجود دليل علمي قاطع على امتلاكها وعيًا ذاتيًا مماثلًا للإنسان. وهذه "الاستجابة الحدسية" لفكرة الوعي قد تدفع المجتمع إلى قرارات عاطفية تفتقر إلى الأساس العلمي.
ويستخدم بنغيو تشبيهًا لافتًا لتوضيح موقفه، إذ يتخيل وصول كائنات فضائية إلى الأرض مع وضوح نوايا عدائية لديها، متسائلًا عما إذا كان من المنطقي منحها حقوقًا ومواطنة، أم الدفاع عن بقاء البشر. بالنسبة له، ينبغي طرح السؤال ذاته عند التفكير في منح الذكاء الاصطناعي حقوقًا قانونية.
في المقابل، يرى باحثون آخرون أن العلاقة بين البشر والعقول الرقمية لا يمكن أن تقوم فقط على السيطرة والإكراه، محذرين من مخاطر إنكار أي حقوق محتملة إذا ثبت في المستقبل امتلاك هذه الأنظمة شكلاً من أشكال الوعي. ويؤكد هؤلاء أن التحدي الحقيقي يكمن في إيجاد توازن دقيق، لا يقوم على منح حقوق شاملة لكل الأنظمة، ولا على نفيها بالكامل.
وبينما يبقى الجدل مفتوحًا، فإن تحذيرات بنغيو، الحائز جائزة تورينغ المرموقة، تعكس قلقًا متزايدًا داخل الأوساط العلمية من أن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي قد تسبق قدرتنا على فهمه وضبطه، ما يجعل القرارات المتسرعة اليوم ذات عواقب بعيدة المدى على مستقبل البشرية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز