رحلة البحث عن رقم 9.. هل انتهى عصر المهاجم الكلاسيكي؟
تتجدد كرة القدم باستمرار على غرار التكنولوجيا الحديثة، مما يفقدها بعض السمات ويكسبها البعض الآخر، ومن بينها ما يعرف بالمهاجم الكلاسيكي.
في الماضي كان لكل فريق مهاجم رئيسي يتمركز دائماً داخل منطقة جزاء الخصم، إما بمفرده وإما بمشاركة مهاجم آخر، وتكون مهمته ترجمة الفرص إلى أهداف، قبل أن يختلف الوضع كليا خلال الوقت الراهن.
تغيير طرق اللعب
في السابق، كانت طريقتا لعب 4-4-2 و3-5-2، هما السائدتان لدى أغلب الفرق، ويتطلب ذلك وجود 4 مهاجمين في كل فريق، يلعب منهما 2 ويجلس الثنائي الآخر على مقاعد البدلاء.
وحتى الأندية التي كانت تعتمد على طريقتي 4-3-3 أو 3-4-3، كانت تضع مهاجماً رئيسياً في منطقة الجزاء بالصورة الكلاسيكية، وتحتفظ بمهاجم أو 2 على دكة الاحتياط.
لكن مع تحور طرق اللعب إلى 4-1-4-1 و4-2-3-1، وحتى 4-3-3 بصورتها الحديثة، تقلص الدور التهديفي للمهاجم لصالح زملائه في مركزي الجناح.
آخر المُهاجمين
في الوقت الحالي، لا يحظى العالم بعدد كبير من المهاجمين الكلاسيكيين الذين يلعبون في مركز 9، وهو الذي يخص المهاجم المتمركز داخل منطقة جزاء الخصم.
في مانشستر سيتي مثلا، هُناك الأرجنتيني سيرجيو أجويرو هداف الفريق التاريخي، وأحد أفضل اللاعبين في تاريخ الدوري الإنجليزي المُمتاز، وفي أتلتيكو مدريد نجد الأوروجواياني لويس سواريز بعد رحيله عن برشلونة، ليدافع عن مركز المهاجم رقم 9 بنجاح.
وفي ريال مدريد يحتفظ الفرنسي كريم بنزيمة بعرشه على مدار السنوات الماضية كمهاجم رئيسي ثابت لا يتغير منذ رحيل راؤول جونزاليس وتعليق حذاؤه، وفي بايرن ميونيخ هناك القطعة الأبرز في هذا المركز، المتمثلة في البولندي روبيرت ليفاندوفيسكي أفضل لاعبي العالم لعام 2020.
وكان بروسيا دورتموند الألماني محظوظاً للغاية بالحصول على خدمات النرويجي إرلينج هالاند الذي يُعد أحد أبرز مُهاجمي العالم الهدافين في الوقت الحالي، والمطلوب بشدة في أكبر أندية العالم.
بديل المُهاجم
يعتمد المدربون في الوقت الحالي على المهاجم كورقة ضغط وصانع ألعاب ومحطة لإيقاف الكرة وتحويل مسارها في اتجاه آخر بعيداً عن ثنائي الدفاع المتمركز حوله.
ورفع ذلك من شأن اللاعب الجناح، الذي يتحول إلى مُهاجم صريح بتبادل المراكز مع اللاعب رقم 9 في الفريق، وهو الأمر الذي يُطبقه حالياً الثنائي المُتألق مع ليفربول محمد صلاح وساديو ماني مع زميلهما البرازيلي روبيرتو فيرمينو على سبيل المثال.
وفي مانشستر سيتي يعتمد بيب جوارديولا على رحيم سترلينج في مركز الجناح المتحول لمهاجم، خاصة عندما يخسر جهود سيرجيو أجويرو لفترات طويلة نتيجة الإصابة، ويحل جابريل جيسوس بدلاً منه، والذي بدوره أيضاً يلعب أحياناً كجناح أيسر للتحول إلى مركز رقم 9 في النهاية.
اللاعبون الأجنحة في العالم حالياً مثل كيليان مبابي ونيمار دا سيلفا وليروى ساني ورياض محرز وإيدين هازارد وعثمان ديمبلي وغيرهم من النجوم، هم الأعلى قيمة، بينما لا يوجد مُهاجم يقترب منهم في السعر باستثناء هالاند لصغر سنه ولتفجر موهبته مبكراً.
البحث عن المهاجم
على الرغم من ذلك، ما زالت هناك بعض الأندية تواصل البحث عن المهاجم الكلاسيكي الهداف لتوظيفه في مركز اللاعب رقم 9، لكن ندرة اللاعبين في هذا المركز تزيد الأمر صعوبة.
وإذا لم يظهر أمثال هالاند في الفترة المُقبلة لتتنافس عليهم الأندية، سيظل المُهاجم الحديث، وهو في الأصل صانع ألعاب أو لاعب وسط متخفي بين المُدافعين، هو المُسيطر في كرة القدم الحالية.