الشاعر السعودي إبراهيم الجريفاني لـ"العين الإخبارية": الشعر لغة الأرض.. ودول الخليج خدمت المثقف العربي
الشاعر السعودي إبراهيم الجريفاني يقول إن الشعر هو لغة الأرض مهما تعددت اللسانيات واختلفت الأسلوبية وإن الشعر بموسيقاه لغة الحب
يرى الشاعر السعودي إبراهيم الجريفاني أن دول الخليج تشهد حراكا ثقافيا، وفي العقود الأربعة الأخيرة صارت هذه الدول تحمل لواء الثقافة تنظيميا من مهرجانات وجوائز.
وأكد الجريفاني في حواره مع "العين الإخبارية" أن دول الخليج خدمت المثقف العربي إلا أن هذا الحراك لم ينعكس على المثقف الخليجي كعمل مؤسسي يأتي ضمن مسؤولية ورسالة وزارات الثقافة الخليجية.
ماذا يعني الشعر بالنسبة لك؟
الشعر هو المرآة الحقيقية للإنسانية وما يجري لها في الأرض منذ أن جعل الله آدم خليفة في الأرض، بعد الخطيئة الأولى، فتوالت الخطايا بين البشر والمعاناة، فصار الشعر لغة تُجسد كل المشاعر، فالشعر هو لغة الأرض مهما تعددت اللسانيات واختلفت الأسلوبية، والشعر بموسيقاه هو لغة الحب المستدامة، وما الصور فيه إلا محاكاة لخيال لا يعرف القيود، فالشاعر لا منتهى لسمائه المحيطة بالأرض.
ما قراءتك للمشهد الثقافي في دول الخليج اليوم؟
دول الخليج تشهد حراكا ثقافيا، وفي العقود الأربعة الأخيرة صارت دول الخليج تحمل لواء الثقافة تنظيميا، من مهرجانات وجوائز، وللحق دول الخليج خدمت المثقف العربي، إلا أن هذا الحراك لم ينعكس على المثقف الخليجي كعمل مؤسسي يأتي ضمن مسؤولية ورسالة وزارات الثقافة الخليجية، والشواهد للباحث والمراقب واضحة، في حين أن المثقف االخليجي حاضر وفاعل بجهود فردية لن ترتق إلى عمل مؤسسي، في غياب الدعم للمثقف الخليجي لإيصال صوته إلى العالمية لا المحلية، حتى الترجمات التي يقوم بها المثقف بجهود ذاتية فيما ما يتم ترجمته في هيئات الثقافة الخليجية إنما هو ترجمات من لغات غير عربية، والأولى أن تترجم أعمالنا إلى لغات عالمية، ويتم تقديمها ودعم الفكر العربي في المحافل الدولية.
كيف تنظر إلى الشعر العربي وحاضره ومستقبله؟
الشعر العربي بخير، فقد تجاوز حالة الثبات إلى الحالة المتحركة الحداثية ومحاكاة العصر، فجاء تحول المعلومات ومواقع التواصل الاجتماعي جعل الشعر العربي يظهر في حراك أفضل مما هو عليه في الحقيقة، وشخصيا شرُفت بالمشاركة في ملتقيات عربية، فالشعر العربي بخير وسيكون بحال أفضل لو تمت منهجته لعمل ثقافي مؤسسي، فالشعر يحتاج إلى حراك أكثر في الجامعات العربية ولقاءات أكثر للطلاب في الملتقيات، فالجامعات والتعليم بكل مراحله رافد حقيقي للموهبة، وقبل 40 عاما كانت المدارس في المراحلة الثانوية تتنافس في الشعر والمسرح والخطابة، فأين هي الآن؟.
شاركت مؤخرا في حفل بجامعة الإسكندرية فماذا تعني لك المؤتمرات؟
جميع الملتقيات بكفة ولقاءات الجامعات بكفة أخرى، فالملتقيات العربية إضافة للشاعر، بينما يتراوح لقاء الجامعات بين المتأثر والمؤثر، وهنا أؤكد أهمية الحوار مع الطلاب والاستماع لهم، فهذا الجيل له لغته وأدواته، لم يعد الخطاب المنبري مؤثرا، وبات الحوار التفاعلي أكثر تأثيرًا لكونه مباشرا دون وسيط.
"خدين السماء" آخر دواوينك الشعرية.. هل أنت راض عنه؟
بالنسبة لي نعم.. فكل ديوان هو استكمال للرسالة الفكرية التي أعتنقها وأود أن أبلغها، وأعتقد أن المتابع لما صدر لي يعي أن الرسالة تتكامل بين ديوان وآخر، ومجاراة للمتغيرات التي نعيشها، فالشاعر راصد ومحلل لما يجري ثم مجسد له، والشاعر ما لم يكن مؤثرا في مجتمعه العربي لا يكون شاعرا، فلست ممن ينتمي لمنهج النظم البعيد عن مدلول وهدف يثير الفكر ويرصد الصدى، مع تعميق للثوابت التي ننتمي لها دينا وفكرا وقيما، ولا أخفيك أنني ناقد لكل أعمالي وراصد لما يقال ويكتب عنها، وقريب جدا ممن يقرأون لي وأستمع لهم وأحاورهم وألتقيهم، لهذا ألمس التأثير وأرى المتغير .
استوقفتني مطولا أسماء أعمالك "ناسوت العشق"، "امرأة لعة "، "قلب من خوص"، "تأنيث الروح وأنسنة الحرف"، "وِرد الحب"، "ترائب نورانية".. فكيف تختار الأسماء؟
حين تكون صاحب رسالة فكرية تنويرية، وعاشقا للغة العربية وباحثا عن جماليات المفردة ومدلولاتها لا بد أن تكون مُختلفا، وقد اعتمدت سيميائية العناوين لأؤكد أن من درر اللغة مفردات تحمل مدلولات عميقة وإن غدت مفتقدة اليوم فالعناوين تُعيد إحياءها، وقد أثار ذلك بعض النقاد ذوي الفكر الثابت، وراهن البعض الآخر على تميز المنهج، وهم ممن اعتنقوا الفكر المتحرك المعاصر، وحين انتهجت هذا المنحى أردت إضفاء أهمية للعنوان لا أن يكون عابرًا، بل هو قصيدة عميقة المعنى والمدلول.
من القارئ الذي تضعه في ذهنك وترى أنه يرتقي إلى مستوى قصيدتك؟
تقديرك للمتلقى يوجب الارتقاء بمستواه، فمن يقرأ لك متذوق، وأنا أسعى في كتاباتي للوصول إلى ذائقة المتلقي، ما قد يراه البعض إرهاقا لغويا أراه احتراما لفكر من يقرأني ومحاولة لمحاكاة ما هو عليه، وكسب ثقة المتلقي في مستوى ما تطرحه يجعلك في مكانة هو من يقيمك بها، لا أنت من يقيم ذاتك، وحقيقة الأمر أن ردود الفعل التي تصلني من أوفياء الحرف في الوطن العربي محفزة للبحث أكثر في جذور اللغة للارتقاء إلى قارئ متذوق وذا وعي مختلف.
القصيدة اليوم تبحث عن تميزها، كيف يمكن أن تعيش مثل هذه القصيدة في عالم متغير يقوم على تشابك علاقاته وتداخلها؟
القصيدة حالة مخاض فكري تتلبس الشاعر فتعيش به معه، فتتحول من ومضة فكرية إلى خلايا وأمشاج مشاعر، فتخرج للنور من غير سوء آية فكرية، ولعل الشاعر يعيش الحالات بكيميائياتها المختلفة فتنهك الفكر، ولعل أحد الأصدقاء الشاعر اللبناني أنطوان سعادة، وصف حالة الشاعر فقال ما أراه مصيبا جدا (وراء كل شعرة بيضاء في رأسي قصة امرأة)، فاستعرت هذا الوصف منه لكون شعره أشقر لم يغزه البياض كحال شعر رأسي.
لماذا ارتبطت أعمالك بمبادرات خيرية وإنسانية، خاصة فيما يتعلق بالصحة والمستشفيات؟
عقيدتي أنني كشاعر لا بد أن أتلمس ما يجري من معاناة، والدور الحقيقي للمثقف أن يستشعر مجتمعه العربي الكبير ويساهم في بلورة هذا الدور إلى مساهمة فاعلة نحو قضايا الإنسان، ففي بيروت قبل عامين أطلقت مبادرة التوقيع لصالح سرطان الثدي لقناعتي، وأنا المتبني لقضايا المرأة العربية، أن هذا المرض يفتك بالمرأة نتيجة قلة وعي توعوي في فهم الفحص الذاتي المُبكر، من هنا بادرت فكانت النتيجة مُرضية وتفاعل كل من حضر واستشعروا دورهم الإنساني.
وفي العام الماضي في القاهرة شرُفت بزيارة مشفى أطفال السرطان وأردت أن يكون التوقيع لصالح أطفال السرطان والحمد لله على توفيقه، والتوقيع الجديد في القاهرة لديوان ( خدينُ السماء) سيأتي لصالح مؤسسة بهية لعلاج ومكافحة سرطان الثدي، وأرجو الله الذي أكرمني بما وهبني من ملكة الكتابة أن يوفقني للعمل الإنساني، خاصة أن من بين إخوتي من فتك السرطان بهم، لذا أشعر بالمعاناة تجاه من يبتلى بهذا المرض.
لكل شاعر مفهومه الخاص للشعر، الذي يبلور من خلاله أسلوبه الخاص، فماذا عنك؟
الشعر حالة فكرية متجددة، مالم يُغمس بحبر التحدي والتجدد فمصيره أن يكون نسيا منسيا.
ألا ترى أن جمهور الشعر صار نخبة محدودة؟
الشعر يكون نخبويا بمن يقرأه، فالقارئ اليوم متذوق ومنفتح على العالم، لذا فالشاعر يختار أن يصل لذائقة القارئ وأن يكون بشرا سويا أو أن يمضي كما مضى كثير "فأضحوا ماض تولى".
ماذا تعني الجوائز الأدبية لك؟
الجوائز ليس لها بريق في عيني، فالعمل الأدبي لا ينبغي أن يسعى للجوائز، وإنما هي التي يجب أن تسعى إليه، لهذا أجد الكثير من الجوائز مجرد جنين ثقافي مشوه بالمحسوبيات وأهداف لا تنتمي للفكر.
aXA6IDMuMTMzLjE0OC43NiA= جزيرة ام اند امز