ترجمة جديدة لـ"رسائل ريلكه إلى شاعر شاب"
ريلكه شاعر سويسري كتب بالألمانية العديد من الرسائل الملهمة التي صدرت في ترجمات عربية عدة، وأثرت في أجيال من المبدعين.
على الرغم من كثرة الترجمات التي صدرت لكتاب "رسائل إلى شاعر شاب" للشاعر الشهير راينر ماريا ريلكه، فإن دار الكرمة بالقاهرة أصدرت ترجمة جديدة عن الألمانية مباشرة أنجزها صلاح هلال.
وتبدأ الترجمة بمقدمة الشاعر فرانتس زافر كابوس الذي يحكي كيف تعرف على شعر ريلكه وكيف قرر مراسلته ومن خلال الرسائل التي رد فيها ريلكه على أسئلته نشأت فكرة الكتاب الذي تضمن 10 رسائل امتدت من العام 1903 وحتى العام 1908.
حين بدأ ريلكه كتابة رسائله كان في الثامنة والعشرين من عمره، وكانت مكانته قد تأكدت في ثقافة البلدان الناطقة بالألمانية بشكل عام في حين كان زافر كابوس، الذي تلقاها لم يبلغ العشرين بعد وكان على أعتاب وظيفة ضد ميوله وكتب لريلكة معبرا عن إحباطاته طالبا منه النصيحة والاسترشاد بآرائه في قصائد كان يكتبها.
ونشرت الرسائل مستقلة للمرة الأولى، في العام 1929، تحت عنوان «رسائل إلى شاعر شاب» وتحولت لأكثر مؤلفات ريلكه شعبية وصدرت لها عدة ترجمات للغة العربية ربما أشهرها ترجمة الكاتب المغربي أحمد المديني التي نشرت في مجلة الكرمل التي كان يرأس تحريرها الشاعر الفلسطيني محمود درويش نهاية ثمانينيات القرن الماضي.
والرسائل تتضمن العديد من الآراء التي تعكس تصورات ريلكه عن الحياة والفن واكتسبت شعبيتها؛ لأنها أعطت للنقاد مداخل فنية لتناول عالمه، وما يلفت كذلك أنها كتبت من مدن أوروبية عدة طاف بها وكتب حولها العديد من الانطباعات أيضا.
وينفي ريلكه فيها بوضوح أن يكون ناقدا للأعمال الفنية التي تستعصي على الفهم من وجهة نظره لأنها (موجودات غامضة، وحياتها مقارنة بحياتنا الفنية أبقى).
ومع ذلك يوجه في واحدة من مراسلاته إلى أن الشاعر عليه ألا ينظر خارجه فليس بوسع أحد أن ينصحه، فلا توجد إلا وسيلة واحدة لتطوير عمله وهي سبر أغوار الذات والبحث في السبب الذي يخلق حافزا للكتابة .
وهو يطلب كذلك من الشاعر الشاب أن يتعمق في ذاته، وأن يبحث في أعماقها.
ويؤكد بوضوح أنه مدين فيما تعلمه عن جوهر الإبداع لاسمين فقط، الأول هو الشاعر الدنماركي ينس بيتر يا كوبسن وكتابه "نيسلن لونه" والنحات الفرنسي العظيم أوجست رودان الذي يتردد اسمه في أكثر من موقع داخل الكتاب، ومن المعروف أنه أعد كتابا عن سيرة رودان وعمل سكرتيرا له وتزوج تلميذته النحاتة كلا فستهوف في العام 1900.
ويطلب ريلكه من الشاعر الشاب أن يقرأ أقل القليل من أعمال النقد الجمالي بل يقرر أنها "فقدت جدواها في تحجرها الميت".
كما يشدد على احتياج الفنان للوحدة التي تيسر له اكتشاف مكامن ذاته، وبالإضافة لذلك يدعو الشاعر للحب، لا بوصفه ذوبانا في الآخر وإنما بوصفه مناسبة عظيمة للفرد لكي ينضج، كما يكشف الكتاب عن تأملات بالغة الأهمية في شأن صياغة نبيلة لعلاقة الرجل بالمرأة
ولد راينر ماريا ريلكه العام 1875 في براغ وانفصل عن أهله في العاشرة من عمره، وفي الحادية عشرة دخل المدرسة العسكرية في سان - بولتن، ثم المدرسة العسكرية العليا في ماهريخ - فسكرتن. وفي العام 1894 نشر عمله الأول «حياة وأغنيات». طبعاً لم يضمن له هذا العمل المبكر شهرة كبيرة، وقيامه بالسفر لبلاد عدة منها مصر في نهاية العام 1910.
ونشرت أعماله الكاملة للمرة الأولى في العام 1927، بعد عام من رحيله في العام 1926 إثر إصابته بسرطان الدم، وهي تضم الكثير من الأشعار وأدب الرحلات والنصوص الإبداعية والنقدية، التي جعلت من ريلكه أحد كبار الكتّاب والشعراء عند بداية القرن العشرين.
ومترجم الكتاب الدكتور صلاح هلال أستاذ مساعد الأدب الألماني الحديث في كلية التربية جامعة عين شمس، ترجم عديدا من الأعمال من الألمانية للعربية لماكس فيبر وديفيد كرماني.