ثقافة
ارتفاع مبيعات دواوين الشعر تعزز فرص نشره بعد موجة صعود الرواية
"العين الإخبارية" تطرح سؤالاً حول دلالة ارتفاع الإقبال على شراء الأعمال الشعرية وانعكاسه على حركة نشر الشعر الضعيفة نسبياً.
عززت المبيعات المرتفعة التي حققتها دواوين عدد من كبار شعراء العالم العربي من جهة، والاستقبال الجيد لجيل جديد من الشعراء من جهة أخرى، فرصة إعادة طرح سؤال حول حركة نشر الشعر، ففي معرض القاهرة للكتاب هذا العام، كان الإقبال واسعاً على شراء دواوين الشاعر اللبناني بسام حجار، والعراقي سركون بولص، والمصري عبد الرحمن الأبنودي، وغيرهم من أساطير الشعر في العالم العربي.حتى أن الناقد الأدبي المصري الدكتور رضا عطية التقط هذا الخيط في مقال نشره بجريدة "الشروق" المصرية، أطلق عليه: ويبدو أنه عام الشعر فى سوق النشر، مُستندا إلى ملاحظته ازدياد نسبة إقبال الجمهور المصري على شراء أعمال شاعر يُعرف بنخبوية جمهوره، وهو سركون بولص، وقال في مطلع مقاله: "فهذا له دلالة على حرص ما لدى شريحة من جمهور القراء على متابعة ما يجد طرحه من كتابة شعرية، حتى مع نخبويتها واختلاف لغتها عن المألوف والسائد، لشاعر رحل منذ أكثر من 11 عاماً، وتتنامى جماهيريته وتزداد معدلات قراءة شعره بمرور الوقت".
وأضاف لملاحظته تلك لقطة أخرى خاصة بالاهتمام الكبير من الجمهور بشراء الأعمال الشعرية للأبنودي وسيد حجاب، التي طرحتها الهيئة المصرية العامة للكتاب، وغيرهما من كبار شعراء العرب مثل قاسم حداد وموسى حوامدة وهاشم شفيق ومحمد سليمان وغيرهم.
فما مؤشر ذلك بالنسبة للناشرين والشعراء، وهل يكفي هذا الإقبال الملحوظ لترجيح كفة نشر الشعر الذي لا يزال يُنشر على استحياء لا يتناسب مع حركة إبداعه؟
الناشرة المصرية فاطمة البودي، صاحبة دار "العين" للنشر، من أبرز الأسماء الحريصة على وضع الشعر على أجندة النشر بشكل دائم إلى جانب الرواية والقصة القصيرة، وقالت لـ"العين الإخبارية" إن الأسماء الكبيرة اللامعة كبولص وحجار والأبنودي وغيرهم، هي أسماء راسخة وعلامات في سماء الشعر، ما ينعكس على مبيعات أعمالهم الشعرية.
وأضافت: "أقوم بنشر الشعر محبة وكرامة للشعر وللشاعرات والشعراء، وعلى أرض الواقع فإن مبيعات الشعر ليست سريعة ولكنها محتملة".
واتفق رأي الناقد الأدبي شعبان يوسف مع هذا الاتجاه، وأشار أن نسبة المبيعات المرتفعة تكون من نصيب شعراء بعينهم، وماعدا ذلك هناك ركود في بيع كتب الشعر.
وأضاف: "الأبنودى ومحمود درويش ونزار قباني وفاروق جويدة على رأس من يحققون المبيعات المرتفعة إلى الآن، وهناك على الجانب الآخر شعراء مثل هشام الجخ، وعمرو حسن الذين يحققون كذلك مبيعات مرتفعة، فالسوق تلبي الأذواق المختلفة، وفي كل الأحوال ما زال نشر الشعر أمر صعب، ومن بين جهات نشره المؤسسات الرسمية البعيدة عن حركة سوق النشر".
أما الناشر المصري عاطف عبيد، صاحب دار بتانة للنشر، فقال: "أزمة الشعر ليس لها علاقه بنشره في رأيي، أزمة الشعر في ظهور انقسامات واستقطابات لفروع الشعر واختلاق معارك وهمية بين أنواع الشعر المختلفة، لدرجة وجود ألتراس لكل نوع، هان الشعر على جمهوره بعدما هان أصلا على الشعراء، وأرى أن هذا عارض على الشعر، وأنه قريبا ستعود له مكانته دون تجاهل لصعود أجناس أدبية أخرى كالرواية والقصة القصيرة".
وأضاف عبيد لـ"العين الإخبارية": "الأصل أن الجمهور واع وانتقائي جداً، لكن انقسامات الشعراء قللت من جودة المنتج كظاهرة، فبالتالي تأثر النشر وتأثر الجمهور، ولو أن هناك حركة شعرية قوية لأفرزت عناوين وشعراء أكثر، فالأصل يبدأ في المحصول الشعري وليس العكس، فما دام هناك ديوان واحد طبع أكثر من طبعة إذن فالمشكلة ليست مشكلة نشر أو جمهور".
وعلّق الشاعر والمترجم عبد الرحيم يوسف، قائلاً: "أعتقد أن دواوين الأعمال الكاملة والمفردة لشعراء مثل صلاح جاهين أو نزار قباني أو أمل دنقل أو الأبنودي، تبيع دائما بشكل جيد سواء في معرض الكتاب أو غيره، وكذلك شعراء البيست سيلر الحاليين، خاصة شعراء العامية، ويمكننا أن نجد دواوينهم معروضة بكثافة لدى باعة الكتب والجرائد، لكن وجود شعراء نخبويين بعض الشيء مثل سركون بولص أو بسام حجار أو رياض الصالح حسين.. شعراء قصيدة النثر إن جاز القول، لهو المؤشر المختلف والملفت".
وأوضح: "ربما لفتت انتباه القراء صفحات الفيسبوك التي تورد مقاطع من شعر هؤلاء الشعراء، التي قد يجد فيها القراء خاصة الشباب منهم ما يدهشهم ويتجاوب مع الأزمة الوجودية والنفسية لديهم في هذه الأيام".
وأضاف صاحب "ألعاب خطرة": "بالنسبة لأزمة النشر، فأعتقد أنها ما زالت مرتبطة بحسابات الناشرين أكثر من ارتباطها برواج الشعر أو إقبال القراء عليه، وهو الأمر الذي لا يمكننا في الحقيقة حسابه بدقة، نظراً لغياب الأرقام والإحصائيات في واقعنا الثقافي بشكل عام للأسف، والناشرون محكومون بحسابات معروفة: دور النشر الكبيرة لا تنشر الشعر غالبا إلا للأسماء المعروفة جداً، ودور النشر المتوسطة بعضها يرفض نشر الشعر أصلا وبعضها يقبل طالما تكفل الشاعر بنفقات الطباعة وشراء عدد من النسخ".
وتابع بقوله: "ودور النشر الصغيرة تقبل نشر أي شيء طالما صاحبه سيدفع أو له جماهيرية على صفحات التواصل الاجتماعي تضمن بيع عدد من النسخ، والبديل هو طوابير النشر في الهيئة العامة للكتاب وقصور الثقافة أو مقدار علاقات الكاتب بمسؤولي النشر بها حتى يعجل من نشر العمل، ولا يبدو أن هذا الواقع بسبيله للتغير قريبا".
aXA6IDMuMTQ3Ljc4LjI0MiA= جزيرة ام اند امز