شعراء المغرب لـ"العين": الشعر سلاح.. القصيدة روح العالم
"العين" التقت بهم على هامش ملتقى الشارقة للشعر العربي
استضاف ملتقى الشعر العربي الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة شعراء من المغرب ليرسخ لأهدافه ويكون منصة حاضنة للشعراء العرب كافة
في وقتٍ يواجه فيه فن الشعر تحديات كبيرة، على مستويات عدة، بدءا من إشكالياته الجمالية والبحث عن صيغ جديدة تناسب العصر وتستطيع منافسة فنون وأنواع أدبية أخرى (وعلى رأسها الرواية) وصولا إلى انحسار أرضيات التلقي والانتشار الجماهيري، استضاف ملتقى الشعر العربي الذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة لبيت الشعر، شعراء من المملكة المغربية الشقيقة، ليرسخ لأهدافه التي انطلق من أجلها ليكون منصة حاضنة للشعراء من مختلف البلدان العربية.
وفي أولى فعالياته بقصر الثقافة بالإمارة الباسمة، توجهت "العين" بأسئلتها المؤرقة عن فن العربية الأول وأقدمها وأعرقها وطرحتها على الشعراء الضيوف من المغرب قبل بدء أمسيتهم الشعرية وسط حضور حافل من الجمهور والنقاد على السواء، كان السؤال الأساس والانشغال الأهم: أين موقع الشعر العربي من الإعراب في ظل ما تمر به المنطقة بأكملها من ظروف ضاغطة وساخنة؟
العالم في مأزق
الشاعر نجيب خداري، رئيس بيت الشعر في المغرب، تحدث بشجن عن أن شعراء العالم بأكمله، وليس العرب فقط، أمام تحديات جمة، خاصة بعد أن أصبح عالمنا قرية صغيرة -والكلام على لسان خداري- كل الشعوب تستطيع أن تتابع كل ما يحدث لحظة بلحظة على الهواء مباشرة، لذا يبقى السؤال الذي علينا أن نواجه أنفسنا به: هل نحن على مستوى التحدي وعلى مستوى الانفجار الكبير الذي نشهده عبر الشبكات العنكبوتية ومواقع التواصل؟ هل ستكون لدينا القدرة على أن ترتقي بشعريات العالم إلى خصوصية اللحظة؟ هذه الأسئلة ستبقى مفتوحة ونتمنى أن يعاد النظر في مهمة الشاعر في ظل هذه الظروف التي تتحدي الجميع.
وعن أهمية الدور الذي تلعبه بيوت الشعر في العالم العربي، يقول خداري: نحن من بيوت الشعر القديمة في المغرب، وأهدافنا تتلخص في رصد ودعم حركية الشعر، ما فعله مشكورًا الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة بأن طرح على الحكومة المغربية إنشاء "بيت شعر" ليتأسس في تطوان العام الماضي كان خطوة شديدة الرقي، وشهدت تعاوناً بيننا وبينهم. والحقيقة أن بيوت الشعر في العالم كلها تسعى إلى توسيع دائرة الشعر وتداوله في هذا العالم الحزين المنشغل عن الجمال والإبداع، نحن نريد بل نستطيع من خلال بيوت الشعر في العالم العربي أن نواجه كل التحديات بفن رفيع اسمه الشعر.
وختم رئيس بيت الشعر في المغرب حديثه: "قد ترمي بك القصيدة فجأة في بطولة استشهاد، أو في صمت أو جنون، أو في حلم ولهاث جسد، أو في زلزال تسونامي، القصيدة هي روح العالم الذي يحمله الشاعر بين حنايا قلبه".
مسئولية ثقيلة
من جانبها، أعربت الشاعرة أمينة المريني عن سعادتها بإعادة بيوت شعر على الساحة العربية مرة أخرى؛ لأنها تقوّي وترسخ للشعر العربي الذي يمر بأزمات تخص الإشكاليات والنظريات، ومن هنا تأتي مهمة بيوت الشعر التي تعيد الروح إلى الشعر، فهو ديوان العرب، وأمتنا أمة شاعرة بفطرتها، لذا تقلدت إمارة الشارقة الريادة في الحفاظ على رسالة الشعر العربي لتستعيده وتجمع شمل الحساسيات الشعرية في اوطاننا العربية.
وعن أهم أسباب الأزمة التي تلاحق الشعر العربي، أكدت المريني أن الشاعر قد يتحمل نصيب الأسد من المسؤولية عن تلك الأزمات، فهو لم ينجح في استقطاب جمهوره، وفشل في مواكبة العصر، والحديث عن الأخطار التي تحدق بالشعر من ثورة التكنولوجيا هو أمر مبالغ فيه، لأن هذا التقدم العلمي استطاع أن يكون رافدا مهما للشعر بل ساعده أيضا على الانتشار، وهذا ما يجعل المسئولية ثقيلة على الشعراء الذين يجب أن يعيدوا النظر في توجهاتهم.
وعن المرأة الشاعرة، أكدت المريني أن جدار الحجْر قد سقط عن المرأة التي انطلقت وتألقت في كل المجالات، واختتمت قائلة: "الشعر ألصق بطبيعة المرأة من زمن بعيد، فهي الأكثر شاعرية وإحساساً وتقبلاً للشعر".
أصوات عاجزة
الشاعر عمر الأزمي الذي يرى -رغم صغر سنه- أن الأمل في الخروج بالشعر من أزماته ومشاكله الراهنة، لا يكمن سوى في بيوت الشعر التي نجحت بجدارة في أن تصون تراث العرب جميعا، يقول "إن تلك البيوت ساعدت على نقل التجارب الشعرية العربية المختلفة ما بين مشاربها ومصادرها إلى الدول كافة، فهي عن حق تجربة خصبة نتمنى أن تتضافر الجهود جميعها من أجل استمرارها".
الأزمي سخر من تخوف البعض من انحسار الشعر العربي بل واندثاره، واصفا تلك الأصوات بالطريفة وتدفع بالإنسان إلى الضحك، يقول "إن مثل هذه الأصوات عاجزة، ولا تريد النجاح بل العكس، ليس معنى تفوق التكنولوجيا والعلم أن يضيع الشعر ويندثر الشعراء، فهو لغة العصر التي يقويها ويطلب ودها العلم ووسائل التواصل، لقد استطاع الشعر العربي الذي اعتبره منصة عالمية أن يروّض تلك الوسائل لخدمه أهدافه وترويجها، فالكثير من الشعراء الشباب لجأوا إلى مواقع التواصل لنشر أعمالهم وعمل صفحات خاصة بهم، ووصلوا إلى الشهرة والنجومية، لذا من يقول إن الشعر في اندثار فهو جاهل بل أُمّي أيضا".
سلاح ضد الإرهاب
الشاعر أحمو الأحمدي لم يختلف كثيراً مع الأزمي فيما يخص السخرية من الأصوات التي تهلل لاندثار الشعر العربي، وقال: أبسط دليل على أن هذا الكلام ليس صحيحا، هو وجودنا الآن على أرض ملتقى الشارقة للشعر العربي، لقد قطعنا مسافات وأميالا من أجل أن نلقي أشعارنا في دولة أخرى، وهذا ليس بحالنا فقط، لا يزال الأمل موجودا ولا يزال الكثير في انتظارنا، لذا أختلف مع كل من يقول إن الشعر العربي في أزمة، وأقول على العكس المعاناة تولد الإبداع، ومن رحم كل محنة تخرج "منحة"، والظروف التي نمر بها في منطقتنا العربية من حروب ودمار وإرهاب تصقل الشعر والشعراء وتقويهم وتلهمهم، بل أقول أيضاً إن الشعر هو السلاح الذي نواجه به رصاص الإرهاب، وهذا ما يقوينا ويدعمنا بل يجعلنا نعيش الحياة كما ينبغي أن تُعاش.
aXA6IDMuMTUuMTQ4LjIwMyA=
جزيرة ام اند امز