"الجلبان".. أزمة المناخ تعيد غذاء فرعونيا إلى الموائد
نجحت أكثر من فرقة بحثية حول العالم في تقديم حلول لتخليص محصول البازلاء العشبية من أحد مكوناتها السامة، مما يجعله غذاء مناسبا، ليكون على خطوط المواجهة الأولى في أزمة المناخ.
والبازلاء العشبية، محصول قديم، عرفه المصري القديم باسم "الجلبان"، وتوجد عينات منه في المتحف المصري بميدان التحرير وسط العاصمة المصرية، وهو محصول يتحمل ظروف الجفاف القاسية، ويوصف بأنه من المحاصيل (الذكية مناخيا)، حيث يمكن زراعته تحت الحد الأدنى من المدخلات الخارجية المطلوبة من مياه وخدمة زراعية، فضلا عن أنه محصول متعدد الأغراض، حيث يمكن استخدام حبوبه كغذاء، والاستفادة من أوراقه كأعلاف، كما أن زراعته تحسن من خصوبة التربة من خلال مساهمتها في زيادة محتواها من النيتروجين.
ورغم هذه المزايا، إلا أن المحصول يحتوي على حمض أميني سام للأعصاب (β-ODAP) يوجد في بذوره، ويمكن أن يؤدي التأثير التراكمي لاستهلاكه إلى داء "اللثريات"، وهو مرض تنكس عصبي، وهي المشكلة التي نجح باحثون بريطانيون في حلها، كما نجح أيضا باحثون من المركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة والقاحلة (الإيكاردا) في حلها أيضا.
ونجح الباحثون البريطانيون من مركز "جون إينيس" البحثي ببريطانيا في حل المشكلة، حيث تم الكشف عن الخطوات الكيميائية الحيوية الرئيسية التي يتم من خلالها صنع سم البازلاء، عندما فك العلماء الجينوم شديد التعقيد للسم، وكشفوا تفاصيل المسارات التي تؤدي إلى تصنيعه، واستخدموا تقنيات تعديل الجينات أو تقنيات التكاثر القياسية لإنشاء نسخ خالية من السموم أو منخفضة للغاية في السموم.
وتقول آن إدواردز ، من مركز جون إينيس في تقرير نشرته صحيفة "الجارديان": "قريبا جدا، سنتمكن من صنع نسخ آمنة من البازلاء العشبية وتزويد كوكبنا الذي يعاني من نقص التغذية والحرارة الزائدة بمحصول ثمين للغاية".
وتضيف أنه بمجرد تجريد البازلاء من آثارها السامة ، يمكن أن تلعب دورا حاسما في عالم يعاني من عواقب حالة الطوارئ المناخية، فيجب ألا نقلل من إمكانات البازلاء العشبية في جميع أنحاء العالم، فهي بقوليات، والبكتيريا في جذورها تصنع السماد عن طريق تحويل النيتروجين الموجود في الهواء إلى مركبات الأمونيوم، التي تطلقها في التربة وتحسنها".
وفي السياق ذاته، نجح المركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة والقاحلة (إيكاردا) في إنتاج أصناف خالية من السم، حيث نجحت أبحاثهم في تخليص النبات من الجين المسبب لهذه المشكلة.
ويقول علاء حموية، الممثل الإقليمي للمركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة والقاحلة (إيكاردا) بمصر لـ "العين الإخبارية"، إن اهتمامهم بهذا المحصول، جاء بعد أن شاهد أثناء تجوله في المتحف المصري بالتحرير، إحدى "الفاترينات"، التي كانت تحتوي على حبوب هذه البازلاء، التي كان يعرفها المصري القديم باسم "الجلبان".
ويوضح حموية، أن مشكلة السم لم تمنع المصري القديم من استهلاكه، وكذلك شعوب أخرى في وسط وغرب آسيا وأمريكا اللاتينية، لا تزال تستهلكه إلى الآن.
ويضيف أن مشكلة المحتوى السام، تظهر عند الاعتماد على هذا النبات كمصدر وحيد للغذاء، شأنه في ذلك، شأن كثير من البقوليات، لكنه غير ضار عندما يكون جزء من نظام غذائي عادي، ومع ذلك فإن تخليصه من مشكلة السم، سيؤدي إلى انتشاره على نطاق واسع.