"العين الإخبارية" تفتح ملف الإخوان بأوروبا الشرقية.. بولندا في "خطر"
في نقيض لما يحدث في غرب أوروبا، تلف الضبابية وندرة المعلومات وجود جماعة الإخوان الإرهابية في دول شرق القارة العجوز.
وعلى الرغم من ندرة المعلومات والاختلاف بين دولة وأخرى، إلا أن الإخوان الإرهابية توجد في دول أوروبا الشرقية، وإن اختلفت الكثافة بين بلد وآخر، وهو ما تعرضه "العين الإخبارية" بالتفصيل في عدة حلقات تبدأها ببولندا اليوم الخميس.
وتنطبق محدودية الوجود بشكل أساسي على الدول ذات الكثافة السكانية المسلمة المحدودة جدا في شرق أوروبا، إذ يعيد الوجود الإخواني في هذه البلدان إلى الأذهان، الوجود الأول للجماعة في الدول الغربية قبل عدة عقود، حين أسس حفنة من الطلاب شبكة باتت مترامية الأطراف في الوقت الحالي، وفق دراسة حديثة لمركز توثيق الإسلام السياسي (حكومي) في النمسا. اطلعت عليها "العين الإخبارية".
وفي دول مثل التشيك، وسلوفاكيا، والمجر، وسلوفينيا، وكرواتيا، ورومانيا، أسست مجموعة من العناصر التي تتراوح روابطها مع الإخوان من الروابط التنظيمية إلى الانتماء الأيديولوجي، أجّنة الجماعة في هذه الدول، وسارت على نهج النموذج الإخواني في الدول الغربية.
وأسست هذه العناصر الإخوانية بالفعل، العديد من المنظمات في دول أوروبا الشرقية، التي لا تضم في عضويتها سوى حفنة من الأفراد، لكنها جزء من المنظمات المظلية للإخوان في أوروبا.
وهذه المنظمات تتمثل في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، والاتحاد الإسلامي للمنظمات الطلابية الشبابية "فيمسو"، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" في دراسة أوروبية صدرت في 2020 عن نشطاء الإخوان في التشيك وبولندا وصربيا.
كيف نشأ الإخوان في بولندا؟
الباحث الأمريكي ذو الأصول الإيطالية لورينزو فيدينو، كشف في تقريره "هيكل الإخوان في أوروبا" الصادر في 2021، أن جناح الإخوان الأكثر نشاطا وترابطا مقارنة بباقي دول شرق أوروبا، يتواجد في بولندا، خاصة في ظل امتلاك هذا البلد جالية إسلامية قليلة، تتمثل في ٤٠ ألفا من أصل ٣٨ مليون نسمة العدد الإجمالي للسكان.
وبصفة عامة، تأسست بيئة الإخوان في بولندا في أواخر تسعينيات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، على يد مجموعة من الطلاب القادمين من الشرق الأوسط، مع مكون فلسطيني كبير.
وأدى الانقسام بين التتار وهم من السكان الأصليين، والمهاجرين المسلمين في بولندا، إلى وجود كيانين متنافسين هما الرابطة الدينية الإسلامية التي تأسست عام 1925، والرابطة الإسلامية التي تأسست على يد مهاجرين عرب في 2004.
وتعد الرابطة الإسلامية، هي المنظمة المركزية للإخوان في بولندا، ويرتبط بها عدد من المؤسسات والجمعيات التابعة التي تتشارك جميعها في عضوية المنظمات المظلية للإخوان في القارة الأوروبية مثل "فيمسو".
لكن منظمة الرابطة الإسلامية تأسست على جذور ثابتة، إذ إنها خرجت للوجود بعد عقد كامل من تأسيس ما يعرف بـ"رابطة الطلاب المسلمين"؛ وهي تنظيم شبابي للطلبة الإخوان نشأ في بولندا، أوائل التسعينيات.
كما لعب هذا التنظيم في تأسيس المنظمة المظلية للجماعة "الرابطة الإسلامية" عام 2004.
وخلال نشاطها الطويل في الأراضي البولندية، دعت رابطة الطلاب المسلمين شخصيات إسلاموية مرتبطة بجماعة الإخوان في أوروبا، خاصة فيصل مولوي وأحمد الراوي، للمشاركة في فعاليات، كما قامت أيضا بنشر كتب لمؤلفين في قلب الخط الأيديولوجي للإخوان مثل سيد قطب.
بولندا مختلفة عن البقية
وتختلف بيئة الإخوان في بولندا عن بقية دول شرق أوروبا، إذ إن عددا من قيادات الجماعة البارزة في هذا البلد الأوروبي خدموا في منظمات إخوانية كبيرة في القارة الأوروبية.
وعلى سبيل المثال، خدم عبدالجبار الكبيسي في مناصب قيادية في منظمة "EUrope Trust"، وهي مؤسسة إخوانية نشطة في عدة دول أوروبية.
وفي الفترة الأخيرة، كانت شبكة الإخوان الإرهابية محور جدل كبير في بولندا، خاصة فيما يتعلق بقضية تشييد مركز إسلامي تابع للجماعة في العاصمة وارسو، وفق تقارير بولندية.
ورغم ذلك، فإن طرق تحرك شبكة الإخوان في بولندا تتشابه مع باقي دول شرق أوروبا التي تتشابه في قلة عدد الجاليات المسلمة.
ففي دول مثل ألبانيا وكوسفو على سبيل المثال، تملك الإخوان أيضا وجودا محدودا عبر شبكة منظمات وعدد قليل من القيادات، لكنها تملك قدرة محدودة على تعبئة الجالية المسلمة.
وعلى الرغم من أن العديد من التحليلات لا تزال تنظر إلى الوجود الإخواني في بولندا على أنه محدود للغاية مقارنة بدول غرب أوروبا، إلا أن الإمعان يظهر أن الوضع الحالي هو مجرد اختلاف مراحل، فمنظمات الجماعة ببولندا لا تزال في مرحلة الانتشار والتأسيس التي تجاوزتها في الدول الأوروبية منذ عقود، وفق مراقبين.
ومن ثم، فإن ما يعتبره محللون "وجودا محدودا" اليوم سيتحول في سنوات قليلة إلى شبكة واسعة وقيادات يصعب التعامل معها ومكافحتها مثل ما حدث في دول أوروبا الغربية، حسب مراقبين.
هذا التغلغل الإخواني الذي يسير على خط الجماعة الإرهابية في اختراق المجتمعات في دول غرب أوروبا، يهدد الأمن وتماسك المجتمع البولندي، ويمكن أن يخلق شبكة من المنظمات تربطها روابط سرية وتهدف في النهاية لتقويض أسس المجتمع، مثلما تفعل شبكات مماثلة في دول أخرى مثل النمسا وألمانيا.
وبالنظر إلى تحذيرات الاستخبارات الألمانية، فإن وجود الإخوان بدأ محدودا في ألمانيا واستمر في الانتشار عبر شبكة من المنظمات والجمعيات تديرها مجموعة صغيرة من القيادات التي ترتبط بروابط سرية أحيانا وعائلية أحيانا أخرى، وتعمل بشكل ممنهج على هدم أسس المجتمع وتقويض تماسكه، وهو نفس المسار الذي تسير عليه الجماعة في الأراضي البولندية في الوقت الحالي، ما يدق ناقوس الخطر.
aXA6IDQ0LjIxMS4yNC4xNzUg جزيرة ام اند امز