أبرز علماء مكافحة شلل الأطفال.. 83 عاما من الأبحاث
عام 1936 حاول الباحث البريطاني موريس برودي إنتاج لقاح مضاد لشلل الأطفال باستخدام فيروس تم استخراجه من النخاع الشوكي للقردة.
على مدار 83 عاماً، أفنى كثير من العلماء حياتهم في مكافحة مرض شلل الأطفال الذي شكّل خطراً على الصغار والكبار لآلاف السنين، وبرزت خلالها شخصيات كتبت أسماءها بحروف من نور في تاريخ مكافحة الفيروس.
في عام 1936 حاول الباحث البريطاني موريس برودي إنتاج لقاح مضاد للمرض باستخدام فيروس تم قتله بواسطة مادة "الفورمالدهيد" بعد استخراجه من النخاع الشوكي للقردة، واختبر برودي اللقاح على نفسه ومساعديه أولاً، ومن ثم أعطاه لمجموعة من 3 آلاف طفل، ولكن بالرغم من عدم فعاليته وتسببه بالحساسية لكثير من الأشخاص، فإنه فتح باباً لباحثين آخرين ليطوروا الفكرة على أمل إنتاج لقاح يقي من المرض.
وبعد 12 عاماً من تاريخ تجربة برودي لأول لقاح مستخرج من الحيوانات، استطاع مجموعة من الباحثين على رأسهم الطبيب الأمريكي جون إندرز وعالما الفيروسات توماس ويلر وفريدريك روبينز، زراعة فيروس شلل الأطفال بنجاح في نسيج بشري في المعمل، ما ألغى الحاجة لاستخدام الحيوانات وتيسير أبحاث اللقاحات، الأمر الذي أتاح الفرصة في النهاية لإنتاج لقاح ضد شلل الأطفال لا يسبب الحساسية، وحصد العلماء الثلاثة جائزة نوبل في الطب والفسيولوجيا، تقديراً لجهودهم التي بذلوها في سبيل مكافحة المرض.
وفي عام 1950 أعلن هيلاري كوبرفيسكي، عالم الفيروسات والمناعة، إنتاجه للقاح يتكون من فيروس شلل أطفال حي ضعيف على صورة قطرات تؤخذ عبر الفم، ولكنه كان لا يزال في مرحلة البحث، ولن يكون صالحاً للاستخدام إلا بعد مرور 5 سنوات على انتشار لقاح شلل الأطفال الذي اكتشفه العالم الأمريكي جوناس سالك (وهو اللقاح الميت الذي يُعطى عن طريق الحقن) في الأسواق.
ويعتبر اللقاح الذي أنتجه جوناس سالك عام 1952، أول لقاح يقي من المرض، وكان يتألف من جرعة من فيروس شلل الأطفال غير النشط (الميت) يتم إعطاؤها عن طريق الحقن العضلي.
ثم استطاع الباحث الطبي الأمريكي ألبرت سابين التوصل إلى لقاح مضاد يُعطى في صورة قطرات عن طريق الفم، وذلك من خلال استخدام فيروس شلل الأطفال الضعيف (الحي)، وتم اعتماد هذا اللقاح رسمياً في عام 1962.
والتطعيم يعد خطوة حاسمة في القضاء على مرض شلل الأطفال على مستوى العالم، فهذان اللقاحان استطاعا استئصال المرض من معظم دول العالم، فانخفض معدل الإصابة به في جميع أنحاء العالم من 350 ألف حالة في عام 1988 إلى 1,652 حالة في عام 2007.
وتواصل دول العالم على رأسها الإمارات العربية المتحدة مكافحتها للمرض حتى يومنا هذا، من خلال حملات تطعيم وتوعية للوقاية من المرض، كمبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي استفاد منها ملايين الأطفال حول العالم.
وتعتبر الحملة التي أطلقتها الإمارات في باكستان منذ عام 2014 وحتى سبتمبر 2019 من أبرز وجوه النجاح في مكافحة شلل الأطفال؛ حيث تم توفير 419 مليون جرعة تطعيم ضد المرض لأكثر من 71 مليون طفل باكستاني خلال 5 سنوات.