"تسييس العمل المناخي" يسقط في قمة شرم الشيخ (خاص)
في صفحة تتصدرها وقفة احتجاجية تم تنظيمها خلال فعاليات قمة المناخ، كان الموقع الرسمي للأمم المتحدة ينشر بيانا لأربعة حقوقيين مستقلين يعملون بشكل تطوعي لدى مجلس حقوق الإنسان.
البيان ينتقد مزاعم التضييقات التي تعرض لها نشطاء البيئة في القمة، وهو ما يراه– خبراء- تناقضا واضحا، ومحاولة مستمرة لتسييس العمل المناخي خلال القمة.
ووفق الخبراء، فقد بدأت محاولات "تسييس العمل المناخي" مبكرا مع بدايات القمة من خلال محاولة تحويل الانتباه عن القضية الأهم، وهي "التغيرات المناخية"، إلى قضية السجين المصري علاء عبدالفتاح، وهي المحاولة التي ردت عليها مصر حينها من خلال تصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري، قال فيها: "نحن في قمة ترتبط بقضية دولية، ويجب التركيز على ذلك الآن، وعدم السماح لمن يريد تشتيت انتباهنا لشيء آخر، للانتقاص من الجهد القائم في قمة المناخ".
كان شكري يقصد بتصريحه، وسائل الإعلام الدولية التي طغت قضية علاء عبدالفتاح، على تغطياتها للقضايا المناخية المثارة خلال القمة، وبعد أن هدأت هذه القضية، عاد "التسييس" من بوابة أخرى، وهي التضييق على الناشطين البيئيين، وهي القضية التي أثارها الحقوقيون في بيان لهم.
وزعم بعض الحقوقيين الدوليين، أن نشطاء المناخ والمجتمع المدني تعرضوا للترهيب والمضايقة والمراقبة خلال قمة المناخ، ومنعوا من التظاهر والتعبير عن رأيهم خلال القمة، وهو ما يراه عزت إبراهيم، المتحدث الرسمي باسم المجلس القومي لحقوق الإنسان في تصريح لـ "العين الإخبارية"، قائلاً: "غير متسق مع الصورة المنشورة مع البيان، كما تنفيه التقارير التي كانت تنشرها وسائل الإعلام المختلفة خلال القمة عن الوقفات الاحتجاجية".
وقبل بداية القمة استعدت مصر للتعامل مع الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات التي ينظمها الناشطون البيئيون على هامش فعاليات قمم المناخ، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في تصريحات صحفية، إن "الحكومة ستسمح بالمظاهرات خلال قمة المناخ، على الرغم من أن تنظيم المظاهرات ممنوع قانونا في البلاد دون موافقة رسمية منذ عام 2013".
ومنذ اليوم الأول للقمة شهدت المنطقة الخضراء تنظيم وقفات احتجاجية، كما تشهد المنطقة الزرقاء وقفات بشكل مستمر، تشارك فيها كل المجموعات المشاركة في قمة المناخ، بما فيها مجموعة الشعوب الأصلية، التي كانت لها وقفة احتجاجية تطالب بـ "العدالة المناخية".
ويقول إبراهيم: "العمل المناخي هو في حقيقته عمل سياسي، ولكن القضية التي يمكن أن نتحدث عنها هي شكل العمل السياسي، وهل متناسب مع الحدث أم لا".
ولفت إلى أن "الحكومة المصرية قبل عقد المؤتمر أكدت أنها ستخصص أماكن للتظاهر، بما يعكس إدراكها للجانب السياسي في القضية، كما سمحت بتواجد المجتمع المدني من خلال الجمعيات المعنية بالمناخ، وأتيحت أمامها كل الفرص لإبداء رأيها بشكل مفتوح".
وأوضح أن الاتهامات التي ترددها منظمات حقوقية حول التضييق على الناشطين لم يتم التأكد منها من مصادر مستقلة، ولم نرصدها على الطبيعة، ولم يصل للمجلس أي شكاوى بشأنها.
وأضاف: "ربما تأتي هذه الاتهامات بسبب رغبة البعض بخروج المظاهرات عن الأطر التي حددتها السلطات المصرية، وهو أمر غير مقبول".
ومن جانبها، ترى الناشطة الحقوقية المصرية عبير سليمان، أنه كانت هناك محاولات واضحة لـ"تسييس العمل المناخي" خلال قمة "كوب 27 "، ولكن الإنجاز التاريخي بإقرار صندوق "الخسائر والأضرار"، أسقط هذه المحاولات.
وقالت الناشطة الحقوقية لـ "العين الإخبارية" إن "قمة المناخ ليست هي المكان المناسب لمناقشة قضية سجين أعلن إضرابه عن الطعام".
وترى الناشطة أن "كل دقيقة من المفاوضات بهذا الموضوع الحيوي الهام، كان يجب استغلالها لخدمة قضية المناخ، التي جاء العالم إلى شرم الشيخ من أجلها، وليس من أجل قضايا سياسية لا تمت للقضية بصلة".
وتعجب محمد عبد النعيم، رئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان، من "إهمال الرد المصري عند الحديث عن قضية حقوقية مثل التي أثارها الخبراء الحقوقيون المستقلون على موقع الأمم المتحدة".
وقال لـ"العين الإخبارية": "التقرير تبنى شكوى الناشطين دون أن يشير بموضوعية إلى رد الحكومة المصرية، ولم يحاول الحصول على شهادات ممن شاركوا بقمة المناخ، وهو يعكس محاولة واضحة للتسييس، وإخراج القمة عن هدفها الأساسي".
ومن جانبه، انتقد سعيد عكاشة، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، سكرتارية القمة التابعة للأمم المتحدة، باعتبارها الجهة المنظمة لمؤتمر المناخ، لسماحها بفعاليات ليست لها علاقة بالعمل المناخي، بدعوى أن قضايا المناخ هي في جوهرها قضايا حقوقية، طالما أنها تتعلق بالحفاظ على حق الحياة، الذي يعتبر الحق الأول في الحياة الذي يعتبر الحق الأول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتساءل مستنكرا في مقال نشره بموقع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: "هل كانت الأمم المتحدة ستسمح مثلا، باستضافة ناشطين لعرض مأساة الشعب الفلسطيني والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون بشكل جماعي على يد قوات الجيش الإسرائيلي وبشكل شبه يومي في الضفة الغربية المحتلة؟".
وتابع عكاشة: "وإذا كان الحق في الحصول على المعلومات الصحيحة، هو أحد الحقوق الأساسية، فلماذا سُمح لعائلة علاء عبد الفتاح بأن تنشر من خلال قمة المناخ، معلومات غير دقيقة عن وضعه القانوني والصحي استنادا إلى آراء عائلته، ودون النظر للبيانات العديدة من الجهات الرسمية المصرية".