جنازة البابا فرنسيس.. روما تتشح بالسواد وتغلق أبوابها لوداع الأب الروحي
مراسم مهيبة تسير على خطى التاريخ البابوي

تتهيأ العاصمة الإيطالية، روما، اليوم لاستقبال جنازة بابا الفاتيكان فرنسيس، وسط استعدادات غير مسبوقة شملت الجانب الأمني واللوجستي.
تحظى الجنازة باهتمام دولي واسع النطاق تمثل في وصول عشرات الوفود الرسمية من مختلف أنحاء العالم، من ملوك ورؤساء دول وقادة دينيين، لحضور مراسم توديع الحبر الأعظم الذي توفي عن عمر ناهز 88 عاماً.
تتزامن الجنازة مع احتفالات عام اليوبيل، مما ضاعف أعداد الزائرين، إذ تشير التقديرات إلى أن أكثر من 128 ألف شخص مروا خلال اليومين الماضيين بكنيسة الجنازة في كاتدرائية القديس بطرس لإلقاء النظرة الأخيرة.
جنازة عبر قلب العاصمة
سيبدأ موكب الجنازة صباح اليوم في الساعة العاشرة من كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان، وينتقل جثمان البابا فرنسيس إلى كنيسة سانتا ماريا ماجوري، حيث يُوارى الثرى. يقطع الموكب مسافة ستة كيلومترات عبر قلب العاصمة الإيطالية، في مسار يحمل رمزية دينية وتاريخية، إذ يتقاطع جزئياً مع "الطريق البابالي" القديم، وهو الطريق الذي كان البابوات يسلكونه تقليدياً من الفاتيكان إلى كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني، كأول ظهور رسمي لهم كأساقفة لروما.
وسيمر الموكب بمعالم شهيرة أبرزها الكولوسيوم، معرض الأمير أماديوس من سافوي، شارع كورسو فيتوريو إيمانويل، ساحة فينيسيا، المنتدى الإمبراطوري، طريق لابيكانا، فيا ميرولانا، حتى يصل إلى ساحة سانتا ماريا ماجوري، حيث سيتم الدفن. ويتوقع أن تكون حركة المرور العامة مغلقة بالكامل في هذا المسار.
ستُرافق سيارة نقل النعش "بوتيرة مهيبة"، على حد وصف وسائل الإعلام، فيما تسير خلفها عدد محدود من السيارات التي تقل بعض الكرادلة. وقد تم تثبيت أربع شاشات عملاقة في المنطقة لتمكين الحشود من متابعة تفاصيل المراسم. كما سُمح للزائرين، بعد انتهاء الدفن، بالتوجه إلى قبر البابا في كنيسة سانتا ماريا ماجوري.
تأهب أمني شامل
تشهد روما حالة تأهب قصوى مع تشديد غير مسبوق للإجراءات الأمنية استعداداً لمراسم الجنازة، خاصة في ظل المشاركة الواسعة للوفود الدولية، والتي بلغ عددها وفق التقديرات الرسمية بين 150 و170 وفداً، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقادة من الأرجنتين والبرازيل، والملك والملكة من إسبانيا وبلجيكا، والأمير وليام من المملكة المتحدة.
منذ وصول نعش البابا إلى كاتدرائية القديس بطرس يوم الأربعاء الماضي، أغلقت السلطات الإيطالية الفاتيكان والمنطقة المحيطة به بالكامل. ووضعت الشرطة الوطنية بالتعاون مع قوات الدرك في الفاتيكان نقاط تفتيش باستخدام أجهزة الكشف بالأشعة السينية وفحص الحقائب، إلى جانب الدوريات الأمنية المستمرة. ويشارك نحو 2000 ضابط في تأمين الفعاليات الجارية في العاصمة.
ارتفاع كبير في أسعار الفنادق والطيران
تسبب التوافد الجماهيري الواسع إلى روما في ارتفاع حاد بأسعار تذاكر الطيران والإقامة، إذ ذكرت صحيفة "إنفوباى" الأرجنتينية أن أسعار الفنادق ارتفعت بنسبة تتراوح بين 30% و75% حسب الفئة والموقع، فيما بلغت نسبة إشغال أماكن الإقامة على منصات الحجز عبر الإنترنت أكثر من 90% خلال عطلة نهاية الأسبوع.
كما سجلت أسعار الرحلات الجوية إلى العاصمة الإيطالية زيادة وصلت إلى 60% حسب يوم السفر، بينما أعلنت شركة الخطوط الجوية الأيبيرية زيادة عدد رحلاتها إلى سبع يومياً، وأبقت الباب مفتوحاً لمزيد من التوسعة إذا زاد الطلب. أما شركة "طيران أوروبا" فأكدت أنها لن تسيّر حالياً رحلات إضافية. وأفادت وكالات سفر في إسبانيا بأن آلاف الأشخاص يسافرون إلى روما للمشاركة في فعاليات اليوبيل التي بدأت في 25 ديسمبر/كانون الأول 2024 وتستمر حتى 6 يناير/كانون الثاني 2026، بالتزامن مع جنازة البابا.
تعليق الأحداث الرياضية في إيطاليا والأرجنتين
دفعت مراسم الجنازة اللجنة الأولمبية الإيطالية إلى إصدار قرار بتعليق كافة الأحداث الرياضية المقررة اليوم السبت، بما في ذلك ثلاث مباريات ضمن منافسات الدوري الإيطالي لكرة القدم، وعلى رأسها مباراة إنتر ميلان المتصدر أمام روما. كما تقرر تأجيل مباريات كانت مقررة يوم الاثنين الماضي – يوم وفاة البابا – إلى الأربعاء.
كما طلبت اللجنة الوطنية الإيطالية من الاتحادات الرياضية الوقوف دقيقة صمت في جميع الفعاليات التي ستُقام خلال الأسبوع، احتراماً لذكرى البابا الراحل.
وفي بلده الأم، الأرجنتين، قررت المؤسسات الرياضية تعليق أنشطتها أيضاً، احتراماً لوفاته، حيث يحظى البابا فرنسيس بمكانة رمزية كبيرة في المجتمع الأرجنتيني.
اللحظات الأخيرة
نقل الطبيب الخاص بالبابا مشهداً مؤثراً عن لحظاته الأخيرة، قائلاً إنه كان بعينيه المفتوحتين غير قادر على الاستجابة، ولم يكن هناك ما يمكن فعله لإنقاذه، مؤكداً وفاته بهدوء مساء الإثنين الماضي عن 88 عاماً.
تودّع اليوم إيطاليا والعالم البابا فرنسيس، الذي قاد الكنيسة الكاثوليكية لسنوات شهدت تحولات داخلية وخارجية، ويمضي الآلاف خلف نعشه في شوارع روما، وسط أجواء مهيبة امتزجت فيها الدموع بالصلاة.